د. بهاء حلمي يكتب: مراكز الصيانة.. خارج الإطار

مقالات الرأي

بوابة الفجر


انقطع التيار الكهربائى عن منزل الحاجة نادية أثناء تشغيل غسالة الملابس لتعود الكهرباء بعد نصف ساعة دون استجابة الغسالة لأمر التشغيل مع ظهور علامة تحذير لمراجعة الصيانة.

أبلغت زوجها بالأمر وأعربت له عن حزنها لتعطل الغسالة التى سبق أن اختارتها كماركة وموديل متميز من 7 سنوات، وطلبت منه البحث عن وكيل المنتج فى مصر.

وهمست له عن مخاوفها من مراكز الصيانة بعد الحكايات التى تسمعها يوميا عن الصورة السيئة لمراكز الصيانة فى مصر سواء من حيث عدم الكفاءة أو عمليات النصب على أصحاب الأجهزة المعطوبة والمغالاة فى أثمان قطع الغيار التى يدعون استبدالها على غير الحقيقة أو الغلو فى قيمة الإصلاح.

فوعدها زوجها باتخاذ ما يلزم وبدأ رحلة البحث عن مركز الصيانة المعتمد على شبكة الإنترنت، إلا أنه فوجئ بمئات الإعلانات عن مراكز صيانة تحمل شعار ماركة الغسالة مما أدى إلى عدم قدرته على التمييز بين حقيقة هذه المراكز.

فاستعان بصديق له الذى اقترح عليه الاتصال بالمتجر الذى قام بشراء الغسالة منه للحصول على تليفون ومكان الوكيل حتى يكون آمنا.

فأعجب بالفكرة واتصل بالمتجر الذى أعطاه رقم الوكيل المعتمد للصيانة مما جعله مرتاحا ومطمئنا، فعاود الاتصال بصديقه ليشكره على نصيحته، واتصل بزوجته ليقول لها (يوريكا) وهى كلمة يونانية تعنى «وجدتها».

وبادر بالاتصال بالوكيل فأجابه صوت مرحبا به وطلباته، فتذكر تنبيه زوجته بتوخى الحذر فبادرها بسؤال هل أنتم الوكيل المعتمد فأجابته بكل ثقة أنها الوكيل.

قامت شركة الوكيل بإرسال فنيين متخصصين خلال ساعتين للمنزل لإصلاح الغسالة، إلا أنهم أبلغوا الحاجة نادية أن الغسالة بها عطل جسيم فى (الشريحة الإلكترونية)، واقترحوا عليها نقلها للشركة لعرضها على متخصصين والاتصال بها قبل إتمام عملية الإصلاح لاستطلاع رأى العميل، فقبلت بنقل الغسالة مع استلامها إيصال بذلك.

فى اليوم التالى أبلغتهم الشركة أن تكلفة إصلاح الغسالة 6500 جنيه، فتعجب الزوج وأعاد النظر فى إيصال الشركة، ففوجئ أنه صادر عن شركة اسمها (الوكيل للصيانة) وليست وكيل المنتج، وأن الإيصال لا يتضمن عنوان أو مقر الشركة، فعرف أنه وقع ضحية خدعة كبرى.

أبلغ الشركة أنه مستعد لسداد نفقات الإصلاح للحصول على العنوان وقام بتحرير محضر مع الوصول لمقر الشركة واستلام الغسالة قبل العبث بها.

تواصل مع وكيل المنتج بعد التأكد من إثبات رقم مسلسل الغسالة باسمه كمشتر شارحا مشكلة الغسالة، فأخبره ممثل الشركة بأن الغسالة لا تحتاج إلا اتباع بعض الخطوات معه تليفونيا لأن هذا الأمر يحدث فى حالة تذبذب الكهرباء، وبالفعل بعد إتمام الخطوات عادت الغسالة للعمل بكفاءة.

بعد أن حكت الحاجة نادية قصتها أمام جارتها التى فقدت ريموت تليفزيون ال جى وترغب فى شراء بديل فاطمأنت بحصولها على رقم الوكيل الصحيح.

قاتصلت برقم الواتس آب الخاص بالشركة المذكورة التى أبلغتها بأنه سيتم إرسال طلبها إلى فرعها بمدينة نصر، وبعد يومين تم الاتصال بها من مركز مدينة نصر يبلغها بالحضور لاستلام الريموت الجديد ودفع 500 جنيه.

ولدى وصولها المكان تبين أنه مركز صيانة يحمل اسماً مختلفاً ويضع شعار وعلامة ال جى وهو ليس فرعا للشركة، وعند الاستفسار قالوا لها إنه مركز صيانة معتمد، فدفعت واستلمت الريموت الجديد وطلبت فاتورة موضحا بها القيمة المضافة، فرفضوا بحجة عدم وجود فواتير، فاتصلت بالشركة الأم التى ردت بأنه لا يتم إصدار فواتير لمثل تلك الأدوات، فتقدمت بشكوى إلى جهاز حماية المستهلك.

إن مثل تلك المخالفات كثيرة ومتكررة ومنتشرة بشكل يشير إلى فوضى منظومة مراكز الخدمة والصيانة فى مصر فهى تستغل المواطن والدولة وتتهرب من مسئوليتها والتزاماتها الضريبية.

كما أن هذه الشكاوى تشكل أعباء كبيرة على جهاز حماية المستهلك وتستنفذ إمكاناته، وتأخذ من جهوده ولا تؤدى إلى حل جذرى لإعادة الانضباط لمنظومة مراكز الخدمة والصيانة فى مصر.

حان الوقت لإعادة النظر فى القواعد المنظمة وشروط الترخيص وكفاءة العاملين بهذه المراكز، ووضع الضوابط اللازمة لضمان سداد الالتزامات الضريبية لصالح الدولة، وضمان إصلاح وصيانة الأجهزة لمدة محددة بما يحافظ على ترسيخ سيادة القانون ويؤدى إلى ضبط منظومة مراكز الخدمة والصيانة.