دكتور خالد صلاح يكتب: العيد والأمن

مقالات الرأي

بوابة الفجر


ساعات ويهل علينا عيد الأضحى بحلوه وحلوه.
وذلك لأن عيد الأضحى ليس فيه مر ولاحزن.
إنما هو عيد سعادة الفقراء قبل الأغنياء.
يسعد الفقراء فيه بالتنعم مما حُرموا منه طوال العام سواء بإرادتهم أو عدم إرادتهم.
ويسعد الأغنياء فيه بالتنعم بحلاوة العطاء وإنفاق مما رزقهم الله.
ويسعد المسلمون جميعاً بعيد الأضحى بحلاوته وحلاوته لأن ليس فيه مرارة ولا حرمان وإنما عيد الوقوف على عرفات وعيد فداء سيدنا إسماعيل بالكبش العظيم.
كل أنواع السعادة السابقة ليست محل إختلاف من أحد.
وليس كل ما ذكرناه بجديد على أحد.
وإنما الجديد هو الشعور بنوع جديد من أنواع الأمن.
يضاف هذا النوع على الأنواع السابقة.
والمقصود هنا بالأمن الصحي.
فنحن جيل ولدنا ومررنا بمراحل النمو المختلفة بجميع مراحلها من الطفولة المبكرة إلى المتأخرة ومروراً بالمراهقة وحتى الشباب.
كان لا يشغل مجتمعنا في جميع مراحل عمرنا سوى الأمن الغذائي وكيفية تحقيقه وأهم أسبابه وكيفية التغلب عليه وعلى آثاره.
وتمثل الأمن الغذائي في مراحلنا السابقة في شئ واحد فقط هو توفير رغيف العيش والحصول عليه.
لا تتعجب فالحصول عليه كان صعب المنال في فترة من الفترات.
وكان الوقوف بطابور العيش يشبه الحرب في بعض الأحيان.
ولا أنسى أبداً أنني كنت أقف وأنا صغير بطابور العيش من  مطلع الفجر إلى الظهر ولم أرجع البيت إلا بحذائي في بعض الأحيان.
وأنقضت هذه الفترة بمرها ومرها ولم يتم حلها والقضاء على آثارها إلا بقليل من الحلول.
وعرفنا أنا وابناء جيلي معنى الأمن الغذائي وأهميته وضرورة توفيره واستغل بعض المغرضون الحرمان من هذا الأمن وتغنوا به فترة من الزمان ليس حباً فينا وإنما لخدمة مصالحهم الشخصية والحزبية والأجنبية.
وجاءت الفترة الثانية لنعرف معنى آخر ونوع آخر من الأمن إلا وهو الأمن على النفس والعرض والمال.
وعرفنا أهمية هذا النوع من الأمن آبان ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث والجمُعات المختلفة ابتداء من الغضب إلى جميع أخواتها.
حيث أنتشرت الفوضى وأعمال البلطجة والسلب والنهب وتحول مجتمع بأكمله إلى حراس أمن على أنفسهم وعلى أولادهم وزويهم.
حتى زالت هذه الغمة ونعمنا جميعاً بالأمن على أنفسنا وأهلنا وأموالنا.
ثم جاءت علينا 2020 لنعرف نوع آخر من الأمن إلا وهو الأمن الصحي وجائحة كورونا التي أجتاحت العالم بأكمله وزرعت في العالم الخوف والهلع وغيرت عاداتنا وتقاليدنا وحبستنا في بيوتنا باردتنا خوفا وحرصاً من أن نصاب بالعدوى.
وبالرغم من زوال خطر كورونا بعض الشئ وظهور آمال الحصول على اللقاح وتناقص الأعداد المصابة.
إلا أن جائحة كورونا تركت في نفوسنا أثر عميق والأعتراف بمدى أهمية الأمن الصحي وجعلتنا دوماً نقارن الأيام السابقة بالأيام الحالية.
وأصبحنا نتمنى جميعاًأن ننعم بهذا الأمن الهام والضروري في حياتنا وهو الأمن الصحي وتوابعه حتى لو حُرمنا من جميع الأنواع الأخرى.

للتواصل مع كاتب المقال: [email protected]