الطائفة الإنجيليَّة: وسائلَ التواصلِ الاجتماعيّ ليستْ هي القناةَ الشرعيَّةَ لتلقي الشكاوى

أقباط وكنائس

بوابة الفجر


أصدرت رئاسة الطائفة الإنجيلية بمصر بيانا رسميا بشأن استخدامِ وسائلِ التواصُلِ الاجتماعيّ في الشؤونِ الدينية والكنسيَّة حيث أكدت ملاحظتها مؤخَّرًا أنَّ استخدامَ وسائلِ التواصل الاجتماعيّ في مناقشةِ الشؤونِ الدينية والكنسيَّة له إيجابيَّات وسلبيَّات من هذه الإيجابيَّات:

وجودُ مناخٍ عامٍّ من الحريةِ في التعبيرِ عن الرأي ومناقشةِ الأمورِ اللاهوتيةِ وفحصِها، بجانبِ إبداءِ الرأيِ دونَ سقفٍ في كلِّ ما يختصُّ بالأمورِ الكنسيَّة، مشاركةُ كافةِ الأفرادِ من شعبِ الكنائسِ الإنجيليةِ، جنبًا إلى جنبٍ مع الرعاةِ والخدامِ في تشكيلِ الرأيِ العامِّ الكنسيّ.

تابع البيان: ورغم أننا نشجِّعُ هذهِ الإيجابيَّات، إلا أننا لاحظنا أيضًا وجودَ سلبياتٍ قد طالتِ المؤسساتِ الكنسيةَ والأفرادَ. وبناءً على هذا، فإنَّ المجلسَ الإنجيليَّ العامَّ ورؤساءَ المذاهبِ الإنجيليَّةِ يؤكدون على التالي: أوَّلًا: إنَّ الحريَّةَ في التعبيرِ عن الرأي ومناقشةِ الأمورِ اللاهوتيَّة والكنسيَّة لا بدَّ أن تتمَّ في إطارٍ من المسؤوليَّةِ الجماعيَّةِ؛ لأنَّ الحريةَ لا تعني التجريحَ والتشهيرَ، سواء بالأفرادِ أو المؤسَّساتِ. وهذا يعني ضرورةَ الالتزامِ بأخلاقيَّاتِ الحوارِ والنقدِ البنَّاءِ للآخرِ، وأنْ يتمَّ بعدَ دراسةٍ دقيقةٍ وعميقةٍ للأمورِ محلَّ النقاشِ، وذلك عملًا بقولِ الكتاب: "لَا تخرُج كلمةٌ رديَّةٌ منْ أفواهِكُم، بلْ كلّ مَا كانَ صالحًا للبنيانِ، حسبَ الحاجةِ، كي يعطي نعمةً للسَّامعينَ" (أف 4: 29).

ثانيًا: نؤكِّدُ أنَّ وسائلَ التواصلِ الاجتماعيّ ليستْ هي القناةَ الشرعيَّةَ لتلقي الشكاوى ومخاطبةِ الجهاتِ المُختصَّةِ في المجامعِ الكنسيَّةِ، وأنَّه على من يريدُ أنْ يخاطِبَ جهةً مُعيَّنةً في المذهبِ التابعِ لهُ أنْ يستخدمَ الطرقَ القانونيةَ المُتاحةَ لذلكَ بحسبِ لائحةِ النظامِ الداخليِّ الخاصَّةِ لهذا المذهبِ.

ثالثًا: إننا نرفضُ كلَّ إرهابٍ فكريٍّ يتمُّ ممارستُه للحدِّ منْ حريةِ الرأي والإبداعِ، ونؤكدُ أنَّ الخطابَ اللاهوتيَّ للكنيسةِ يجبُ أنْ يتماشى مع تحدِّياتِ العصرِ الذي نعيشُ فيهِ، خصوصًا التحديات التي تواجِهُ الشبابَ المسيحيَّ، بما لا يخل بثوابت الإيمان.

رابعًا: نؤكدُ على ضرورةِ ممارسةِ الكنائسِ الإنجيليةِ، بمختَلَفِ المذاهبِ، للمُساءَلَةِ الكنسيَّةِ، خاصةً لمن يستهينونَ بمعتقداتِ الكنيسةِ أو لاهوتِها، أو يزدَرُون بالعقيدةِ الإنجيليةِ، بحجَّة حريَّةِ التعبيرِ، وكذلكَ يتمُّ تنفيذُ المساءلةِ الكنسيةِ (التأديب الكنسيّ) لكلِّ من يُهينُ إخوتَهُ في المسيحِ، سواءَ بالتجريحِ أو التشهيرِ، أو اقتطاعِ الكلامِ خارجَ سياقِه أو إلقاءِ التُّهَمِ جزافًا، وغيرها من السلوكيَّاتِ غيرِ المسيحيَّةِ، وذلكَ لضمانِ نقاءِ لغةِ الحوارِ المسيحيِّ ووضعِها بداخلِ إطارِها الكتابيِّ السليمِ، كما قال الربُّ يسوعُ المسيح: "إنَّ كلَّ كلمةٍ بطالة يتكلَّمُ بها الناسُ سوفَ يعطونَ عنهَا حسابًا يومَ الدّين" (مت 12: 36).

خامسًا: نؤكِّدُ على درجاتِ التأديبِ الكنسيِّ داخلَ كلِّ مذهبٍ من المذاهبِ الإنجيليةِ المختلفةِ، وأنَّ المجلسَ الإنجيلي العام ليسَ الدرجةَ الأولى في التقاضي أو المحاسبةِ الخاصةِ بالتأديبِ الكنسيِّ، ولكنهُ الدرجةُ الأخيرةُ متى تطلَّب ذلك. وفي هذا الإطارِ، نهيبُ بكلِّ المجامعِ الكنسيَّةِ بممارسةِ المحاسَبَةِ والمساءَلةِ لإعطاءِ كلِّ ذي حقٍّ حقَّهُ، والمحافظة على العقائدِ والأفرادِ والأعراضِ منَ الغشِّ والتدليسِ والتشهيرِ على كافةِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيّ.

سادسًا: وفي إطارِ سعيِ الحكومةِ المصريَّةِ لمواجهةِ التنمُّرِ في المجتمعِ، يعلنُ المجلسُ الإنجيليُّ العامُّ، ورؤساءُ المذاهبِ الإنجيليَّةِ أنهم ضدّ كافةِ أنواعِ التنمُّر وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، سواءَ تجاه العقائدِ أو المؤسساتِ أو الأفرادِ، وأنَّهُ من حقِّ من ثَبُتَ التنمُّرُ تجاهَهُ اتخاذُ كافةِ الإجراءاتِ القانونيَّةِ التي كَفَلَها لهُ القانونُ، والتي تَحميه وتحافظُ على حقوقِه.

وبناءً على هذا، فإنَّ المجلسَ الإنجيليَّ العامَّ ورؤساءَ المذاهبِ الإنجيليةِ يهيبونَ بكلِّ الكنائسِ أنْ تسعَى نحوَ خلقِ مساحةٍ من الحريةِ المسؤولةِ التي لا تعبَثُ بأساسياتِ الإيمانِ المسيحيِّ، ولكنها تسمحُ بتطويرِ لغةِ الخطابِ المسيحيّ في زمنٍ مليءٍ بالتحدياتِ الجديدةِ للكنيسةِ، حرصًا من الكنيسةِ على الحفاظِ على حقِّ التعبيرِ عن الرأي بما لا يُخِلُّ بالعقائدِ المسيحيةِ الإنجيليةِ.