جمال محسن يكتب: الجزيرة منبر للتشويه وانتهاك الحقوق

مقالات الرأي

الدكتور جمال محسن
الدكتور جمال محسن محمد حسين



منبر من لا منبر له هكذا كان شعار الجزيرة، وكنت واحد من الآلاف المبهورين بأداء الجزيرة الاعلامي ، في بداية الألفية الأولى، والتي حرصت على توظيف كبار الاعلامين والصحفيين لإنتاج إعلامي مكثف، وكان النقل الحي للاحداث والتغطية التي كنا نظن أنها محايدة وموضوعية رائعة واكتسبت الشبكة الكثير من المؤيدين بما وضعته من إبهار في الصورة والتقنيات.

الان ان الشكوك بدات تثار في نفسي من تغطية الجزيرة لحرب العراق التي كسبت كثيرا من قصف الغرفة الخاصة بمراسليها بفندق بغداد وذلك لاستثمار الحدث  بصورة مكثفة وهو ما ثار الشكوك الا اني لم اجزم بعدم مهنيتها حينها، وكنت حريص على أن اشاهد الفيلم التسجيلي الذي اعدته القناه باحترافية عن تغطية حرب العراق، والذي لاقي الكثير من الترحيب من عدد كبير من السياسيين والإعلاميين واعتبروه تسجيل محايد لماساة حرب العراق وتاكيد بان القصف والحرب كان يمكن تجنبه بالحلول السياسية وقد بددت مشاهدة الفيلم جزء من الشكوك ،بالاضافة الي تخصيص فيلم تسجيلي شامل يثبت اكذوبة الاسلحة الكيماوية بدد جزء اخر وان كان الفيلم اتضح لي فيما بعد انه عبارة عن تجميع لما نشر في عدد من الوسائل الغربية.

وفي الوقت الذي فقدت فيه وسائل الاعلام الامريكية المصداقية لصالح الـ BBC والتي كانت تعمل الجزيرة فعليا في اطارها فكانت ايضا تمتاز بتغطية عربية وبدات تتكشف عدم موضوعية الجزيرة بتغطيتها غير المحايدة لأخبار الحراك الجنوبي وانحيازها التام للسلطة القمعية في تناقض غريب لما تعلنه وما تنشره عن دول أخرى.

وبدات تتشكل ملامح الخداع وتظهر الأكاذيب بصورة متتالية وابتعدت مثلي مثل الكثيرين عن متابعة قناة اشتهرت بالأكاذيب ومحاولة غسيل الادمغة وتوجيهه وخاصة بعد تشويهها للربيع العربي وحرف بوصلته لصالح فئة.

وأصبحت المواد التي تنشرها الجزيرة حول حرب اليمن وحول الاحداث الجارية مثال للتندر ولعدم المهنية وتابعت الانتهاكات التي تقوم بها الجزيرة وخروجها عن الاجماع العربي وميثاق الشرف الإعلامي العربي وكيف انها كانت اداة لتعميق الجروح العربية وانها سبب رئيسي في القطيعة بين قطر ودول الخليج رغم المحبة التي يكنها شعب الخليج والشعب العربي للشعب القطري إلا أن استخدام الجزيرة كاداة في يد النظام السياسي القطري لتدمير الدول العربية وأكدت نوايا النظام القطري العدوانية وفسر الدعم اللا محدود للشبكة المدسوسة على النظام الإعلامي العربي.

وما دفعني لذلك هو ما حدث يوم 25 يوليو 2020م عندما  دعتني أنا وآخرين، مؤسسة "وعي" لحضور ندوة مثل العادة، ولمن لا يعرف المؤسسة فهي مؤسسة يمنية مقرها الرئيسي في حضر موت، هي مؤسسة شابة مستقلة نشطة يديروها شباب لا تهدف للربح وقد وضع مؤسسها والمساهمين فيها هدف التنمية وتقديم الخدمة الاجتماعية والسعي لنشر مفاهيم السلام والعدالة ومشاركة الشباب أمامهم دون تحزب أو محاباة لأحد، وقد اكتسبت المؤسسة بالعمل الجاد والمخلص ثقة عدد كبير من المؤسسات الدولية، والجهات المانحة التي حرصت على مشاركاتها وتنفيذ المشاريع التي تعدها المؤسسة، وقد حققت تلك المشاريع حراك فكري وثقافي كبير.

إلا أن هذه الحيادية والاستقلالية لم ترضي المتحزبين أعداء الاوطان الذين يعملون على تشويه كل جميل فاوعزوا للعاملين في القناة  الخروج عن مقتضيات العمل الإعلامي ومواثيق الشرف واتفاقيات وقوانين حماية حقوق الملكية الفكرية لتتجه  لتشويه سمعة المؤسسة بالقيام بالبث المباشر للجلسة النقاشية الخاصة والمغلقة، والتي كانت معدة لمناقشة أزمة ناقلة النفط صافر بحضور عدد من الجهات المحلية والدولية، ومن ضمنها ممثلي عن الامم المتحدة.

وقد آثار البث المباشر انتقاد الحاضرين فما يتم مناقشته بحرية، واستعراض للآراء القانونية والاقتصادية والسياسية حول الازمة ليس للنشر لانه يحلل اسباب الازمة تحليلات محايدة يتم استعمالها في الدراسات والبحوث، وهي خاصة بناشريها وبالطبع كان يمكن أن يحدث هذا ازمة مع شركاء المؤسسة لانه بالنشر عبر قناة الجزيرة يجعل المؤسسة غير محايدة، ولها مصالح إلا أننا شعرنا من ردود افعال الحاضرين بتفهمهم للوضع نتيجة  للثقة التي تتمتع بها المؤسسة إلا أن ذلك بالتاكيد سيحدث أثر سلبي على أنشطة المؤسسة مستقبلا، وسيكون له مردودات سلبية ،وقد سعدت بالبيان الذي اصدرته المؤسسة والذي اعربت من خلالها بصورة قاطعة عن ادانتها واستنكارها لقناة الجزيرة وأفعالها وطالبت بإزالة كل المواد الخاصة بها و مهدت لمقاضاة قناة الجزيرة لاحقا.

وهذه الواقعة تؤكد لكل من لا زال لديه اعتقاد أنه من الممكن أن يكون هناك نذر بسيط من المهنية في المواد التي تنشرها الجزيره انه واهم وان الشبكة تعمل دائما تدمير وتشويه كل جميل وتحطيم المخلصين إلا أن أملنا كبير في التفاف الرأي العام حول هذه المؤسسة الفتية الشابة وقيام مؤسسات المجتمع المدني والمخلصين بواجبهم بحمايتها ومساندتها ومساعدتها في عبور هذه الأزمة والوقوف بجانبها للمطالبة قضائيا بكل حقوقها لدي تلك الشبكة الملوثة لكل جميل.