إيمان كمال تكتب: محمود رضا.. وداعاً

مقالات الرأي




فى كتاب يحيى حقى «يا ليل يا عين» وصف محمود رضا بأنه أحدث نقلة فى رقص الرجال يؤرخ بها.

3 أفلام فقط خلدت مشوار محمود رضا وفرقة رضا للفنون الشعبية التى قام بتأسيسها مع شقيقه على رضا والراقصة الشعبية فريدة فهمى بدعم من والدها ووالدتها أيضا التى كانت تنفذ وتختار بنفسها أزياء الفرقة.

الوقوف أمام الكاميرا لم يكن الهدف الأول والأساسى للفرقة التى صنعت علامة فى السينما الاستعراضية فى «غرام فى الكرنك وإجازة نصف السنة وحرامى الورقة»،

فكان الرقص الشرقى هو السائد قبلها فى السينما، وبعض الأفلام الاستعراضية على غرار تجربة نعيمة عاكف والتى رحلت سريعا وهى فى الثلاثينيات من عمرها.

فأتت تجربة محمود رضا وفرقته الأكثر تنوعا واختلافا والتى ركزت على الرقصات الشعبية الاستعراضية، والأمر لم يكن سهلا أو مجرد حركات على المسرح فحمل مؤسسو الفرقة على عاتقهم كيف يكون الرقص هو «فكرة».

الهدف والشغف بالرقص الشعبى كان الدافع لمحمود رضا ليسافر محافظات مصر للبحث فى الثقافة المصرية الشعبية والتشبع بكل تفاصيلها والعادات والتقاليد وطريقة الملابس والكلام والأكل، فتلقى الثقافة المصرية الشعبية من بيئتها ليصمم رقصات مصرية خالصة وبتلك المحلية الشديدة استطاع وفرقته الوصول إلى المسارح العالمية فكان الهدف هو المسرح.

فعلى مسرح الأزبكية تحديدا كانت الرقصة الأولى لفرقة رضا عام 1959، ومع فرقته وهو فى عمر التاسعة والثمانين كانت الرقصة الأخيرة وهو يحتفل بميلاده فى العام الماضى 2019.

لتكون ختاماً لمشوار حافل بأكثر من 3000 عرض قدمها وفرقته سواء على مسارح مصر أو العالم بحضور ملوك رؤساء دول واحتلوا المركز الأول فى العديد من المهرجانات الدولية مثل مهرجان القطن المصرى فى نيودلهى والشعبى بيوغسلافيا وبرلين السينمائى والفلكلور المصرى فى بيروت وقرطاج فى تونس ومهرجان الحديقة فى لندن ووهيوستن بأمريكا والصداقة الدولى فى اليابان.

استطاع محمود رضا وزملاؤه أعضاء الفرقة ليس فقط أن يصنعوا تاريخاً حافلاً بالرقصات الشعبية الشهيرة مثل رقصة النوبة ويا مراكبى ورقصة المجنونة والحجالة والشمعدان وبنت إسكندرانية وحرامى القفة وخمس فدادين.

لكنهم غيروا تلك النظرة الضيقة للمجتمع عن الرقص والراقصين، فأغلبية أعضاء الفرقة التى كانت تضم فى بدايتها 13 راقصا و13 راقصة و13 عازفاً أغلبهم جامعيين، فقال الكاتب الكبير احسان عبد القدوس عن فريدة فهمى بطلة الفرقة «عندما أشاهد فريدة فهمى ترقص كأننى شاهدت أختى».

فى 10 يوليو الشهر الحالى رحل الاستعراضى الساحر- من جعل الرقص حياة وأفكاراً نبيلة- محمود رضا ليخيم حالة من الحزن والحب بين جمهوره والوسط الفنى أيضا لفقدان قيمة كبيرة ومهمة فى عالم الاستعراض المصرى.

وفى نعى الفنانة الاستعراضية شيريهان طالبت بأن يطلق اسمه على أحد الشوارع الكبيرة والحقيقة أننى أضم صوتى إلى اقتراحها لتخليد ذكراه فأتمنى تكريمه.

وفى النهاية.. حين أقول أننى أحلم بأن تكون ابنتى «فنانة استعراضية» لا أرى سوى علامات التعجب والاندهاش أو عدم الفهم مع بعض «مصمصة الشفايف»..لكن لا يعلم الكثيرون بأن محمود رضا وفرقته هم سر الحلم الجميل حين شاهدتهم ابنتى على الشاشة وهى فى عمر العامين وقررت أن تقلد حركاتهم وبدأت فى حفظها عن ظهر قلب ومنذ تلك اللحظة ارتبطت خطواتها الصغيرة بالرقص والاستعراض.. رحم الله الملهم والمعلم والمخلص والعاشق للرقص والاستعراض محمود رضا.