«الذهب» يضيف 1.1 مليار دولار لثروة «ساويرس» فى 3 أشهر

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


الفيروس يرفع سعر المعدن 19.5%.. ومسعى جديد للاستحواذ على 51% من شركة تعدين حكومية يمكنه من استثمار أكثر من مليار دولار

يدرس المشاركة فى مزايدة للتنقيب بالصحراء الشرقية قبل إغلاقها منتصف سبتمبر المقبل

«نستمتع بوقتنا، ونأمل أن يرتفع سعر الذهب حتى نستمتع أكثر».. هكذا علق رجل الأعمال نجيب ساويرس على صورة له من داخل أحد مناجم الذهب الخاصة به فى كوت ديفوار بساحل العاج، كان قد نشرها نهاية 2018.

يفسر تعليقه ببساطة حالة الاستقرار النفسى التى يعيشها الملياردير الآن، فبالرغم من أنه حقق ثروته من صناعة الاتصالات إلا أنه بدأ غزو قطاع تعدين الذهب منذ 8 سنوات مضت، عقب استحواذه على شركة لامانشا القابضة التى يتجاوز إنتاجها 1.8 مليون أوقية سنوياً.

وشهد سعر الذهب حالة من الارتفاع القياسى خلال الأيام القليلة الماضية، باعتباره ملاذاً آمنا فى ظل ظروف مضطربة عالمياً، سواء مع توترات منطقة الشرق الأوسط، أو الخلافات الأمريكية الصينية، بالإضافة لجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية، إلى جانب سباق الانتخابات الأمريكية فى نوفمبر المقبل.

ويبدو أنه موسم الرهانات الرابحة لساويرس، ففى ظل انتشار جائحة كورونا خلال مارس الماضى نصح رجل الأعمال فى أكثر من مقابلة تليفزيونية الجميع باللجوء إلى الذهب، فى وقت كان فيه سعر المعدن متراجعاً ويعانى من تقلبات السوق.

وقال «ساويرس» إنه يعمل على زيادة استثماراته فى الذهب، متوقعاً أن يشهد سعره ارتفاعاً مرة أخرى عند انتهاء الأزمة وتغطية تكاليف الهوامش، وأكد أنه لا يزال يشترى ويزيد حيازاته بأسهم شركات التعدين، لأن تكلفة إنتاج الأوقية أقل بكثير من سعر الذهب.

وهو ما حدث بالفعل فقد سجل السعر زيادة قدرها 294 دولاراً للأوقية عالمياً، بنسبة نمو 19.4% منذ بداية العام، وتجاوزت الأوقية 1800 دولار لأول مرة منذ 9 سنوات، وهو رقم تاريخى عند مقارنته بأكبر زيادة حققها المعدن خلال عام وكانت فى 2019 وبلغت نحو 16%، وفى النصف الأول من عام 2020 هرول المستثمرون تجاه صناديق الذهب التى شهدت ضخ 40 مليار دولار، بالتزامن مع تدنى أسعار الفائدة.

وحسب نظرة المؤسسات الدولية ورجال الأعمال، تشير التوقعات إلى أن سعر الذهب سيرتفع ليتجاوز 2000 دولار للأوقية بنهاية العام الحالى، وهو ما أكد عليه «ساويرس» مؤخراً فى حال استمرت أزمة «كورونا».

وتمتد القفزات المحتملة فى سعر الذهب لتصل إلى 3000 دولار للأوقية بنهاية 2021 حسب توقع بنك أوف أمريكا، خاصة مع توقعات بأن عودة النشاط الاقتصادى بعد انتهاء الجائحة لن يكون سريعاً، وهو ما يزيد من إقبال المستثمرين على المعدن الثمين بالرغم من أنه مكلف ومنخفض العوائد.

وتسببت الارتفاعات غير المسبوقة فى سعر الذهب فى أن تصبح علاقة «ساويرس» بكورونا تجسيداً للمثل الشعبى «ما محبة إلا بعد عداوة» فالفيروس الذى شكل فى بدايته مأزقاً للملياردير أصبح الآن يمكن التعايش معه.

امتعاض «ساويرس» من كورونا الذى أوقف الأعمال والاستثمارات صاحبه خسارة فى ثروته بحوالى 1.4 مليار دولار، حيث انخفضت من 5.2 مليار دولار بنهاية 2019 إلى 3.8 مليار دولار فى مارس الماضى.

لكن مع ارتفاع سعر الذهب مرة أخرى، سرعان ما تم تعويض الخسارة بنهاية مايو الماضى، لتبلغ ثروته 4.9 مليار دولار، بارتفاع 1.1 مليار دولار، وبخسارة 300 مليون دولار فقط منذ بداية العام الحالى، وفقا لمؤشر بلومبرج للمليارديرات.

وتشكل استثمارات «ساويرس» فى تعدين الذهب 50% من صافى ثروته، وهو ما شكل سلاحاً ضد كورونا، وكان الملياردير قام فى مايو 2018 بوضع نصف ثروته فى الذهب، بسبب الأزمات العالمية.

وفى سبتمبر من العام نفسه انضم إلى تحالف عالمى لمستثمرى التعدين فى الذهب بقيادة الملياردير جون بولسون، ويطلق أعضاء التحالف الـ16 على أنفسهم «مجلس مساهمى الذهب»، ويهدف إلى إصدار تقارير للمحللين، وإصلاح وحوكمة الاستثمار فى شركات الذهب من خلال مجموعة لامانشا المملوكة لساويرس، والتى تضم شركتى انديفور الكندية، وايفولوشن الأسترالية، وضخت استثماراتها فى غانا وغرب إفريقيا، وتتطلع إلى السودان.

وتقول جميع المؤشرات إن طاقة القدر قد فتحت للملياردير، وتعويض الخسائر لن يكون المكسب الوحيد، فالرجل المعروف عنه أنه صائد للصفقات لن تنتهى محاولاته لإنجاحها فى قطاع التعدين، خاصة بعد إقرار مصر لقانون الثروة المعدنية الجديد ولائحته التنفيذية التى تتيح تسهيلات ومزايا للمستثمرين.

فالقطاع البكر فى مصر دائما ما سيكون هدفاً مهما لرجل أعمال يأتى فى المرتبة الثانية بقائمة المليارديرات الأكثر ربحا من الذهب، فقد حقق فى عام 2019 مكاسب من الاستثمار فى مناجم الذهب بقيمة 300 مليون دولار، أى ما يعادل 5 مليارات جنيه مصرى.

ويخوض «ساويرس» الآن مفاوضات جديدة بدأت منذ فبراير الماضى للاستحواذ على 51% من شركة شلاتين للثروة المعدنية، ما يشكل حصة حاكمة ويمنحه الحق فى الإدارة، والتى تملك الهيئة العامة للثروة المعدنية 35% منها، وجهاز الخدمة الوطنية 34%، وبنك الاستثمار القومى 24%، والشركة المصرية للثروات التعدينية 7%.

ويتوقع الملياردير إتمام المفاوضات خلال أسابيع، نافياً الأنباء التى قيلت عن توقف الصفقة بعد إعلان وزارة البترول والثروة المعدنية عن كشف جديد للذهب فى الصحراء الشرقية مع بداية يوليو الحالى، قائلاً إنها تسير بشكل جيد.

ويرفع الكشف الجديد للذهب فى منطقة ايقات من قيمة وأهمية هذا الصفقة، حيث إنه يقع فى منطقة امتياز لشركة شلاتين، ويقدر بأكثر من مليون أوقية، بنسبة استخلاص 95% وإجمالى استثمارات تتجاوز مليار دولار على مدار 10 سنوات.

وحسب المجلس الاستشارى العربى للتعدين ورابطة المساحة الجيولوجية، يبلغ معدل إنتاج مصر من الذهب حوالى 13 طناً سنوياً، ويصل عدد مناجم الذهب إلى 220 موقعاً.

وتعد الصفقة محاولة ثانية لـ «ساويرس» بعد صفقة فاشلة للاستحواذ على أسهم شركة تعدين الذهب الأسترالية سنتامين- العاملة فى منجم السكرى- أكبر مناجم مصر، وثالث أكبر منجم فى العالم، وذلك من خلال عرض بقيمة 1.9 مليار دولار قدمته مجموعة انديفور الكندية للتعدين، التى يمتلك فيها «ساويرس» نسبة 30% إلا أن العرض قوبل بالرفض لأنه يحقق فائدة أكبر نسبياً للشركة الكندية.

من ناحية أخرى إذا لم يحالف الحظ «ساويرس» فى الصفقة الجديدة، فسيكون أمامه خيار آخر، وهو المشاركة فى المزايدة العالمية للتنقيب عن الذهب التى طرحتها هيئة الثروة المعدنية فى مارس الماضى على مساحة 56 ألف كيلو متر مربع بالصحراء الشرقية، على أن تغلق فى 15 سبتمبر المقبل.

وكانت آخر مزايدة تم طرحها على الشركات فى 2017 فى 5 مناطق بالصحراء الشرقية ومدينة دهب بجنوب سيناء، وأجرت الحكومة بالفعل مباحثات مع شركة «ساويرس» وشركات أخرى للمشاركة فى المزايدة الجديدة، وأعلن رجل الملياردير عن استعداده للتقدم لها.

وتعمل الحكومة على تحديث قطاع التعدين لزيادة جاذبيته الاستثمارية، بهدف جذب استثمارات أجنبية مباشرة للقطاع بنحو 375 مليون دولار خلال عامين، وزيادة الاستثمارات المباشرة عام 2030 إلى مليار دولار.