عبد الكريم الخطابي.. الزعيم الذي لا يزال المغاربة يرفعون صوره بتظاهراتهم

عربي ودولي

بوابة الفجر


لا تزال صور الزعيم الراحل عبد الكريم الخطابي ترفع في كل التظاهرات المغربية، ولا يزال يفجر العمل السياسي بذلك البلد العربي القابع على المحيط الأطلسي، فهو الرجل الذي حرر الريف المغربي من الإستعمار الأسباني وأنشأ أول جمهورية مغربية، ثم نفي ولكنه لم يترك الكفاح من أجل استقلال وطنه لآخر لحظة في حياته.

النشأة

ولد السياسي المغربي عبد الكريم الخطابي عام ١٨٨٢، في مدينة اجادير، لأسرة تميزت بتقلد مناصب القيادة والقضاء في الريفين الأوسط والغربي في المغرب، وينتسب لقبيلة بني وريغان.

تلقى تعليمه الأولي من حفظ القرآن في اجادير، وانتقل في الدراسة بمدرسة العطارين بتطوان ثم ارتحل لمليلة حصل على البكالوريا الإسبانية، والتحق بجامعة القرويين بمدينة فاس، عينته اسبانيا كبير قضاة مليلة عام 1914، ثم اتهمته بالتآمر مع القنصل الألماني في شفشوان، وسجن من عام 1916 إلى عام 1917، وبعد الحرب أعيد الخطابي إلى منصبه ثم عاد لبلدته أجدير عام 1919.

الكفاح ضد الإسبان

قرر الخطابي بدء استقلال المغرب من الإحتلال الإسباني مع والده وأخيه، وبزغ نجم الخطابي مع حملة الجنرال الإسباني سلفستر لضم مناطق الريف، فتركه الخطابي يتقدم دون مقاومة حتى وصل لمدينة أنوال الواقعة بالمناطق الجبلية، في 15 مايو 1921، وحينها بدأ في مهاجمة القوات الإسبانية وحاصرها لا سيما في مدينة أنوال، وعندما حاول سلفستر الإنسحاب شن الخطابي معركة حاسمة هي معركة "أنوال" التي انتهت بإبادة الجيش الإسباني و15 ألف قتيل من صفوفه و570 أسير، وتقدم القتلى الجنرال سلفستر، وفتح الإنتصار مطاردة القوات الإسبانية حتى خروج جميع القوات الإسبانية من الريف عدا مدينتي تطوان وحصون الجبانة.
دولة الريف

بدأ الخطابي في إنشاء دولة عصرية، تتماشى مع طرز الدول الأوروبية المعاصرة، مع إحتفاظه بالسلطة الإسمية للسلطان المغربي، وكون جيش نظامي متطور، وإدارة مدنية، وشق الطرق ومد خطوط البرق والهاتف، وتزامن ذلك مع حركة دبلوماسية نشطة بعث وفود إلى الدول العربية، ومراسلات إلى كل من فرنسا وبريطانيا والفاتيكان.

واصل الخطابي التقدم في المعارك حيث هاجم مدينة تطوان ولكنه فشل في إقتحامها، ولكنه نجح في اختراق حصون الجبانة مما أدى إلى إنسحاب الإسبان منها في عام 1924.

أزعجت انتصارات الخطابي فرنسا مما جعلتها تتحرش بقوات الخطابي وتعتدي على أراضيه، ولم يرد عليها الخطابي، فقامت بدعم بعض رجال الطرق الصوفية لإثارة الفوضى في دولة الريف، وتدخلت فرنسا عسكريًا بدعوى حماية أنصارها في إبريل 1925، ولكن نجح الخطابي في تكبيدها خسائر جعلتها تنسحب مرة أخرى.

المنفى

قامت فرنسا وإسبانيا بحملة مشتركة تكونت من قوات ضخمة أرسلت بحريًا إلى خليج الحسيمات، وتزامن مع الحملة إعلان السلطان المغربي عبد الكريم الخطابي عاصيًا ضد سلطته، مما جعل الخسائر تتوالى على الخطابي حتى سقطت مدينة أجادير عاصمة الريف، ثم حصن ترجست، مما إضطر الخطابي لتسليم نفسه كأسير حرب فتم نفيه إلى جزيرة رينيون النائية بالمحيط الهندي.

قضى الخطابي وأسرته أكثر من عشرين عامًا داخل جزيرة رينيون، وذلك حتى مرور سفينة ستنقله من الجزيرة إلى فرنسا ورست في بورسعيد، في عام 1947 فإنتقل للقاهرة وترجاه شباب المغرب طلب اللجوء إليها.

دعا محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى استقلال كل المغرب من الحماية الإسبانية والفرنسية، كما ساند انطلاقا من القاهرة ومن خلال راديو صوت العرب الناصري الحركات التحررية في كل من الجزائر، تونس، ليبيا، وباقي الدول العربية والإسلامية.