دناءة أردوغان.. استخدم آيا صوفيا كورقة لتحقيق شعبية زائفة

عربي ودولي

بوابة الفجر


يحاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان استعادة شعبيته بعد أن أصبحت المتهاوية، بعد أن أصبح يوجه أزمات داخلية و خارجية وتداعياتها الاقتصادية بجانب عدوانه على الدول العربية، كل هذا جعله يلجأ كديكتاتور إلى قرار تحويل متحف آيا صوفيا التاريخى إلى مسجد، كي يستخدمها كورقة في محاولة أرجاع شعبيته التي أصبحت منهارة، الأمر الذى أثار جدلا واسعا وانتقادات دولية تجاوزت الشارع التركى لتشمل الشارع العربى والغربى على حد سواء.

 

قرار استفزازي

وصفت السلطات اليونانية، قرار تركيا بتحويل آيا صوفيا، إلى مسجد بـ "الاستفزاز الذى من شأنه أن يزيد من تدهور العلاقات بين أنقرة وأثينا".

 

قال مدير المعهد اليونانى للعلاقات الدولية قنسطنطينوس فيليس، إنّ "هذا الاستفزاز التركى الجديد، الموجه إلى الغرب لا إلى اليونان فحسب، يلقى عبئاً إضافياً على العلاقات بين أثينا وأنقرة".

 

كما أدان رئيس الوزراء اليونانى، كيرياكوس ميتسوتاكيس القرار التركى "بأشدّ العبارات"، وقال فى بيان، إنّ القرار "لن يؤثر على العلاقات بين اليونان وتركيا فحسب، بل أيضاً على علاقات تركيا بكل من الاتحاد الأوروبى ومنظمة اليونسكو والمجتمع الدولى بأسره".

 

موت للعلمانية التركية

كذلك، أعرب الأب ألبرتو أمبروزيو، المتخصص فى التصوف الإسلامى بتركيا، عن إدانته بشأن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد أمر، قائلا إنه "أمرا خطير رمزياً"، وأن اللحظة التاريخية التى يتم فيها اتخاذ هذا القرار "مقلقة"، كونه فى لحظة ارتباك وقيود عامة فى ظل حالة طوارئ فيروس كورونا.

 

وفى تصريحات لوكالة "آكى" الإيطالية، قال الكاهن الإيطالى، إن "تركيا ذات عدد قليل من المسيحيين فى الواقع، وبالتالى لم يتخذ القرار لمعاقبة المسيحيين"، موضحا "كيف أن هذا القرار يمثل الموت النهائى للعلمانية فى تركيا، كما سيجعل للديكتاتوريين الحرية فى ممارسة كل جنونهم".

 

وفى سياق متصل، أعربت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"،عن أسفها وأنها تشعر بالحزن بعد قرار مجلس الدولة التركى بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد.

 

كما أدان عضو مجلس الشيوخ الأمريكى، بوب مينينديز، الخطوة التركية، داعيا أردوغان إلى التراجع عن القرار، حتى تظل آيا صوفيا إرث لجميع الناس من مختلف الأديان.


انتهاك للقانون الدولى

وأضافت اللجنة، أن هذا القرار يأتى فى ظل هجوم متزايد على الأقليات، كما أن أفراد هؤلاء الجماعات يشعرون بنوع من التهميش فى عهد الرئيس أردوغان.

 

أما أعضاء البرلمان الأوروبى، فبدأوا بجمع توقيعات لتوجيهها إلى المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن فى الاتحاد الأوروبى، وللمدير العام لليونسكو، لإنقاذ معلم آيا صوفيا كموقع للتراث العالمى.

 

وتجرى عملية جمع التوقيعات فى البرلمان الأوروبى، بمبادرة من حزب "الديمقراطية الجديدة" اليونانى الحاكم، حسبما أفادت وكالة "تاس" الروسية.

 

وقالت الوكالة إن الرسالة، ستحظى على الأغلب، بتوقيعات جميع أعضاء البرلمان الأوروبى من جميع البلدان والكتل السياسية، باستثناء اليمين المتطرف.

 

وجاء فى الرسالة، أن "الحكومة التركية تستغل آيا صوفيا، من أجل ممارسة الضغط على الاتحاد الأوروبى، وبهدف تعكير العلاقات بين الأديان، وهى تثبت بهذه الممارسة، أنها تنتهك بشكل صارخ القانون الدولى والمبادئ والقيم الأوروبية".

 

وتضمنت الرسالة، مقتطفًا من بيان اليونسكو، الذى أكد أنه "يجب على الدول أن تضمن عدم فرض أى تغيير على القيمة العالمية لموقع التراث العالمى الموجود على أراضيها".

 

لعبة سياسية

أما على الصعيد العربى، انتقدت وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية، نورة الكعبي، تحويل معلم آيا صوفيا التاريخى لمسجد، معتبرة أن هذا الإجراء يضر بالقيمة الثقافية لهذا الرمز الإنساني.

 

وقالت الكعبي، فى سلسلة تغريدات نشرتها على حسابها الرسمى فى موقع "تويتر": "التراث الثقافى قيمة عالمية إنسانية وإرث بشرى لجميع الشعوب والثقافات والحضارات.. مسؤوليتنا صونه وضمان الحفاظ عليه للأجيال القادمة.. ليبقى شاهدا على تعايش الشعوب والأديان وتسامحها".

 

وتابعت: "آيا صوفيا معلم تاريخى عمره آلاف السنين.. تغيير واقعه عبر إدخال تعديلات تمس جوهره الإنساني، يضر بالقيمة الثقافية لهذا الرمز الإنسانى الذى كان دوما أيقونة للحوار والتفاعل بين الحضارات والثقافات".

 

ومن جهته اعتبر إبراهيم نجم، مستشار مفتى مصر، أن قرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تحويل معلم آيا صوفيا التاريخى فى اسطنبول يمثل "لعبة سياسية خطيرة".

 

وقال نجم، فى حديث لوكالة "تاس" الروسية، إن تحويل آيا صوفيا إلى مسجد إجراء يجب النظر فيه فى سياق الهدف السياسى الذى حدده أردوغان.

 

وأوضح نجم أن توقيت وملابسات هذا الحدث تشير إلى أن هذا القرار يحمل فقط طابعا سياسيا ويمكن اعتباره محاولة من قبل الرئيس التركى لعرض نفسه بطلا يزعم أنه يحمى المقدسات الإسلامية ويحى عظمتها.

 

وأشار مستشار مفتى مصر إلى أن الكثيرين يتحدثون الآن حول الجوانب التاريخية والقانونية للخطوة التى اتخذها أردوغان، لكن كل ذلك يمثل جدالا تاريخيا غير مجد لأنه يصرف الاهتمام عن "السياق الحقيقى لهذه اللعبة السياسية الخطيرة".

 

كذلك، أكد الوكيل السابق للأزهر، عباس شومان، أن التوجه التركى لتحويل كنيسة آيا صوفيا لمسجد لا يتفق مع الإسلام، ويتنافى مع تعاليمه السمحة التى تحترم دور العبادة لكل الديانات.

 

وقال شومان إن: "الإسلام يحترم دور العبادة لمختلف الديانات، ولا يجوز تحويل الكنيسة لمسجد، مثلما لا يجوز تحويل المسجد لكنيسة، هذا المبدأ مرفوض فى الفكر الأزهري، ويجب احترام دور العبادة لكل أتباع الديانات".

 

وأضاف: "ما يخص الإسلام فهو إسلامي، وما يخص المسيحية فهو مسيحي، وما يخص اليهودية فهو يهودي، هذا التصرف التركى مستفز وتصرف غير متفق مع تعاليم الإسلام التى عرفناها وطبقها سلفنا الصالح والذى عرف عنهم حرصهم على مقدسات الآخرين ورعايتها وعدم المساس بها".

 

ويعد متحف "آيا صوفيا" صرحا فنيا ومعماريا موجودا فى منطقة السلطان أحمد بمدينة إسطنبول، وجرى تحويله إلى مسجد مع الدولة العثمانية بعدما كان كنيسة فى أصله، قبل أن يصبح متحفًا عام 1934.

 

وأدانت أيضا اللجنة الأمريكية للحريات الدينية الدولية، قرار القضاء التراكي، قائلة إنه يشكل تسيسا "صريحا" لمنشأة ذات "تاريخ معقد وتنوع غنى".

 

وصرح نائب رئيس اللجنة، تونى بيركنز، فى بيان، بأن هذه الخطوة التركية تبعث على الأسف، وتثير حفيظة الأقليات الدينية فى تركيا.