الكنائس المصرية تنتفض ضد الترجمات المحرفة للإنجيل (تقرير)

أقباط وكنائس

البابا تواضروس الثاني
البابا تواضروس الثاني


بعد صدور كتب لترجمة الكتاب المقدس بها مغالطات عقائدية، شن الأقباط هجومًا شديدا أعلنوا خلاله رفضهم لهذه الإصدارات المشبوهة، خاصًة مع وجود اسم أحد من قيادات أحد الكنائس؛ بين المشاركين في الترجمة ما أعطى لها قدر من المشروعية يوهم البعض بمصداقياتها.

وكتب الترجمة تضمنت عبارة عن جزأين؛ الأول "المعنى الصحيح لإنجيل المسيح" والثاني "البيان الصريح لحوارى المسيح"، الذي شارك في ترجمته شخصيات غير مسيحية، كذلك خرج أحد المشاركين في الترجمة بيبان نفى خلاله علاقته بالكتب، مؤكدا وضع اسمه على الكتب بدون علمه.

واستنكرت جميع الكنائس بالطوائف المسيحية المصرية هذه الترجمات، واصفين إياها بالترجمات المشبوهة، وأنها تدمر العقيدة المسيحية منذ نشأتها، وترصد "الفجر" في السطور التالية آراء الطوائف القبطية وبعض الأقباط في هذه الترجمات.

الكنيسة القبطية: من أخطر التحديات
وعلق القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، على هذه الترجمات قائلًا: إن المسيحية منذ بدايتها وهي تقابل تحديات كثيرة، مؤكدًا أنه من أخطر هذه التحديات هي التعليم والذي يتخذ أشكال عديدة منها الكتب المُحرفة أو المترجمة بطريقة لا تلتزم بنص الكتاب المقدس وروحه.

وأضاف في تصريحات إلى "الفجر"، أن من يترجم الكتاب المقدس ليس من حقه ان يغير النص، مشددًا على ضرورة الابتعاد عن هذه الكتب لأنها ضد الايمان المسيحي وما تسلمناه من ميراث الكنيسة في العصر الرسولي الذي تسلمته من السيد المسيح.
ولفت إلى أن أثناسيوس الرسولي علمنا أن نحفظ الأمانة المقدسة التي وصلتنا من كلمة الله قائلا: " عظيمة هي قساوة القلب الذين يفعلون هذا ولا يخشون الكلمة المكتوبة لا تضيفوا على الكلمة التي أوصيكم بها ولا تحذفوا منها ".

وقال المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: إن كل المسيحين في العالم يشتركون في إيمانهم بالكتاب المقدس المسلم لنا من الكنيسة في العصور الأولى، والذي هو بين أيدينا الان ولَم يحذف منه حرف أو يدخل عليه حرف.

وحذر بولس حليم الشعب المسيحي من هذه الكتب، مشيرا إلى أن الكتاب قال في سفر الرؤيا: «إن كان أحد يحذف من اقوال كتاب هذه النبوة يحذف اسمه من سفر الحياة«(رؤ١٩:٢٢).

إكرام لمعي ينفي علاقته بالكتب
في غضون ذلك، أكد القس أكرم لمعي، الكاتب والمفكر الإنجيلي، وأحد الأسماء المشاركين في هذه المترجمات، أن هذه الترجمات ترجمت خارج مصر للتبشير بالمسيح لكي تصل الرسالة بمفهوم بسيط لغير المسيحيين، وقال: إن هذه الترجمات لا تصلح للكنائس ولا للمسيحيين، ولكن تصلح لتكون حلقه وصل للتبشير بالمسيح لغير المؤمنين خارج مصر، ومن ثم عند الإيمان ينتقلون إلى الكتاب المقدس الموجود بالكنائس، وقد أطلعت على هذه الترجمات وهي لا تنفى إلوهية السيد المسيح كما يشاع عنها.

ونفى "لمعي" في تصريحات خاصة لبوابة الفجر اشتراكه في أي ترجمة بخصوص هذه الكتب، وقال: لم أترجم الكتب، وهذه كتب ترجمت خارج مصر، والكتابين تم ترجمتهما بمصطلحات خاصة لغير المسيحيين.

وجدد لمعي هذا النفي على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وقال: أعلن بأنني، لم أقدم على الإطلاق بعمل ترجمة لأي جزء في الكتابين، حيث أنني لست متخصصًا في هذا الشأن، وبالتالي أؤكد على عدم مشاركتي في هذه الترجمة.

وأضاف: وكذلك أنه قد تم وضع اسمي على غلاف الجزء الثاني من هذه الترجمة من قبل دار النشر التي طبعتها، وسواء وضع اسمي أو اسم غيري فمن الواضح أنه بهدف الترويج لهذه الترجمة.

الإنجيلية: أمر مرفوض
وفي السياق نفسه، أكد أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية في تصريحات إعلامية بحوار حول بعض ترجمات الكتاب المقدس أن تطويع النص لأي ألفاظ أو اتجاهات أمر مرفوض، مؤكدا: أنا أريد النص كما تكلم به الروح القدس عبر رجال الله.

الكاثوليكية: لا نعترف بها
إلى ذلك، علق الأنبا باخوم النائب البطريركى لشئون الإيبارشية البطريركيّة ومسئول المكتب الإعلامي الكاثوليكي بمصر بشأن ترجمات الكتاب المقدس، العهد الجديد، المطبوعة والتي يتم تداولها هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، بعناوين مختلفة على سبيل المثال "المعنى الصحيح لإنجيل المسيح، البيان الصريح لحواري المسيح، الإنجيل قراءة شرقية، قراءة صوفية لإنجيل يوحنا"، قائلا إن الكنيسة الكاثوليكية بمصر تؤكد أنها لا تعتمد ولا تعترف بهذه الكتب كترجمات مقبولة للعهد الجديد.

وأكد أن الكنيسة لا علاقة لها بمثل هذه الترجمات، سواء من ناحية المحتوى الخاص، ولا من ناحية الذين قاموا بإعدادها أو نشرها وتوجهاتهم الفكرية أو الدينية.

دار الكتاب المقدس ينفي علاقته بالكتب
وأصدرت دار الكتاب المقدس بمصر بيانًا أول أمس الخميس، نفت فيه علاقتها بكتاب "المعنى الصحيح لإنجيل المسيح"، مشيرةً إلى أنها لم تشترك في أي عمل يخص الكتاب المذكور.

وشدد البيان على أن لجنة داخلية متخصصة قامت بالاطلاع على الكتاب ورفضت مضمونه ومنهجية إعداده.

مفكر: لم تلتزم بقواعد علوم الترجمة
فيما أوضح الكاتب والمفكر القبطي كمال زاخر، أن هذه الكتب صدرت عام ٢٠٠٨ عن دار نشر عربية خارج مصر، وينطلق القائمين عليها من ثقافات غير مسيحية انعكست بطبيعة الحال على المنتج الفكري، وقد طالعت هذه الكتب وكان التأثير واضحًا، وينقل رسالة محددة تحلل أساسات المحاور الايمانية المسيحية، ولم تلتزم بالقواعد الحاكمة لعلوم الترجمة، التي تفرق بينها وبين التعريب وبينهما وبين التحليل أو التعليق والقراءة النقدية للنص في خلط منحاز لأيديولوجية صاحب العمل الرئيسي. 

وأكد " زاخر" في تصريحات خاصة إلى بوابة "الفجر"، أن الأزمة المثيرة للجدل هي اشتراك أحد القيادات من الكنيسة الانجيلية بمصر في العمل وورود اسمه على غلاف أحد الكتب الأربعة، وقد بادر بإصدار بيان ينفي فيه اشتراكه وان اسمه قد أقحم فيه من الناشر، وهو أمر ملتبس. 

ولفت إلى أن هذا الأمر يكشف عن تطور نوعي في استهداف المسيحية في استغلال لإمكانات الثورة الرقمية بما يشبه ضرب اساسات البنية اللاهوتية لها، تحت زعم الاختيار بين متشابهات في معني المصطلحات، ويبرر أصحاب العمل هذا بأنه يأتي في سياق دعم التقارب بين الأديان بتقديم المسيحية للمتلقي المسلم بمفردات مستساغة عنده، وهنا يتحول الأمر إلى لغم قيد الانفجار.

وتساءل المفكر القبطي كمال زاخر، ماذا لو أقدمت مجموعة على التعاطي مع المصادر الفكرية المؤسسة للإسلام بذهنية مسيحية؟

وتابع: لم يكن رفض هذه الترجمة جديدا في امتداد سنوات قاد القس الإنجيلي أشرف نادي معركة كبري وعاتية اثمرت كتاباُ بعنوان (انجيل اخر ومسيح اخر) يتجاوز الـ ٥٠٠ صفحة يفند ما احتوائه من أخطاء فادحة وبين خطر هذا على البناء اللاهوتي المسيحي، متسائلًا: كيف انه يعيد إنتاج الهرطقات التي قامت عبر التاريخ ضد المسيحية وقد أجمعت الكنائس المصرية علي رفض هذا العمل ويبقي الاتفاق على مواجهة فكرية منظمة لحماية الأجيال الواعدة من خطر خلخلة العقائد المسيحية الذي هو هدف هذه الأعمال؟.

باحث: تسيء إلى الإنجيل
في نفس السياق، قال كريم كمال، الكاتب والباحث في الشأن السياسي والقبطي ورئيس الاتحاد العام لأقباط من اجل الوطن، إن الكتب المثار حولها الازمه تسيئ إلى الإنجيل المقدس بشكل خاص وللمسيحية بشكل عام، مؤكدًا أن الترجمة بيها أخطاء فادحة.

وطالب "كمال" بمنع تداول هذه الكتب من دخولها إلى مصر لأنها تتعمد الاساء للديانة المسيحية عن طريق تغير معاني واهداف آيات الكتاب المقدس، مضيفًا أن المسيحيين العرب يبدوا كانوا يستخدمون الترجمة السريانية التي تمت منذ القرن الثاني للميلاد، وان كان البعض يظنون انه كانت هناك ترجمة عربية استخدمها بعض العرب ولكنها اختفت ولم يبق لها أثر. 

وأضاف "كمال" في تصريحات إلى بوابة الفجر، أن بعد انتشار العرب في كل أقطار الشرق، وأصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية في تلك الأقطار، قام المسيحيون بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة العربية في صفحات قاموس والمعتقد أن أقدم ترجمة عربية يعرفها التاريخ هي التي وضعها أسقف إشبيلية في إسبانيا في عام 24 م نقلًا عن الفولجا تا اللاتينية، ولكن يبدو أن هذه الترجمة لم تصل إلى الشروق.

ولفت إلى أن هناك نسخة عربية للأناجيل الآرامية ورسائل الرسول بولس في دير مار سابا عثر عليها بالقرب من أورد يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الثامن، كما عثر على نسخة عربية لرسائل بولس الرسول في دير سانت كاترين بسيناء ترجع إلى نفس العصر. 

واستطرد الكاتب والباحث في الشأن السياسي والقبطي، أن في بداية القرن العاشر، قام رجل يهودي، أشتهر باسم "سعديا الفيومي"، بترجمة كل العهد القديم أهم أكثره إلى اللغة العربية وكتبه بحروف عبرية لمنفعة اليهود الناطقين بالعربية مستعينا بترجوم "أونكلوس" والترجمة السبعينية، ولكنه ترجم الأسفار الخمسة عن النص العبري المسوري، وقد طبع هذا الجزء في القسطنطينية في 1546 م. بالأحرف العبرية، ثم أعيد طبعه بعد ذلك فهي ذلك فهي مجموعة متعددة اللغات فهي 1645 م.، ثم في مجموعة لندن في 1657 بالحروف العربية. 

وأضاف: ويُقال إن حنين بن اسحق قد ترجم العهد القديم عن السبعينية إلى العربية في القرن التاسع الميلادي، كما أن هناك ترجمات أخرى عربية لبعض أسفار الكتاب يرجع تاريخها إلى القرنين العاشر والحادي عشر منها ترجمة إنجيل لوقا في 946 م. في قرطبة بواسطة اسحق فالكنز وأحيانًا كانت توضع الترجمتان السريانية والعربية جنبًا إلى جنب في عمودين متوازيين في مخطوطة واحدة، وقد حصل العالم الألماني تيشندورف على نسخة منها في أديرة وادي النطرون، وهى موجودة الآن في المتحف البريطاني.