معاون وزير السياحة والآثار تكشف تفاصيل معرض البارون

أخبار مصر

بوابة الفجر


قالت نيفين نزار، معاون وزير الآثار لشئون العرض المتحفي، إن أعمال ترميم قصر البارون استهدفت إعادته إلى شكله الأصلي وقت إنشائه، اعتمادا على الخبراء والمتخصصين. 

جاء ذلك خلال تصريحات صحفية لها اليوم، حيث قالت إنه إلى جانب ذلك تم تنفيذ فكرة إقامة معرض داخل حجرات القصر، والذ تناول موضوعات مختلفة داخل كل حجرة، على أن ترتبط كل تلك الموضوعات بالقصر وتاريخه وتاريخ المنطقة الجديد والقديم.

وأضافت نزار، أن سيناريو العرض داخل القصر يتضمن 8 قاعات عرض لسرد تاريخ مصر الجديدة في القرن العشرين وكيف تحولت من صحراء إلى مدينة عمرانية متكاملة، بالإضافة لمظاهر التطوير المعماري العمراني الذي قدمه مؤسس مصر الجديدة اللورد إدوارد أمبان، وسيتم تناول تلك الموضوعات باستخدام المالتى ميديا والهولجرام والجرافيك، بالإضافة لعرض بعض الوثائق التي أمدتنا بها شركة مصر الجديدة، وهى نسخ أصلية تخص القصر. 

وأوضحت أن الطابق الثاني من القصر يأخذنا إلى عمق التاريخ بشكل أكبر، حيث نستعيد تاريخ المنطقة منذ العصر المصري القديم، ثم الفترة القبطية وخروج العائلة المقدسة مع الاستعانة بصور توضح وجود العائلة بجانب المنطقة، وتحديدا في المطرية، كما سيتم تخصيص قاعة لعرض الثقافات التي استمد منها مصمم القصر الطرز المعمارية والتماثيل البارزة الموجودة بالواجهة.

وأشارت إلى أن الغرف في هذا الدور تطل على شوارع القصر الأربعة حيث يشرف القصر على شارع العروبة، ابن بطوطة، ابن جبير وحسن صادق، وفي هذه الغرف شرفات غطيت أرضها بالفسيفساء الملونة، كما توجد بكل شرفة مقاعد ملتوية لو جلست عليها، أحاطت بك التماثيل من كل جانب. 

وأضافت أنه بواسطة سلم مصنوع من خشب الورد الفاخر يستطيع الزائر الصعود لسطح القصر الأسطوري (منطقة البانوراما)، فقد كان أشبه بمنتزه يستخدم في بعض الحفلات، وجدران السطح عليها رسوم نباتية وحيوانية، وكائنات خرافية، موضحة انه تم تحويل بدروم القصر، بعد تجهيزه، لمدرسة للتربية المتحفية لنشر الوعي الأثري لدى الأطفال.

وبدأ بناء القصر عام 1907 وانتهى في عام 1911 وهو يواكب فترة الخديو عباس حلمي الثاني، وهو الرجل الذي عرف بأبو ترميم الآثار الإسلامية، وهو ابن الخديو توفيق وجده الخديو إسماعيل، والذي أسس مصر الحديثة استكمالًا لأعمال جده الأكبر محمد علي باشا، فنستطيع أن نقول أن القصر ينتمي للفترة الحديثة ولكن بطراز وفنون مختلفة.

والبارون هو جوزيف إدوارد إمبان، ولد عام 1852 وتوفي عام 1927 وهو من أصل بلجيكي ويطلق عليه في كل المراجع العربية والأجنبية أنه رجل الصناعة الأول في العالم فهو خريج هندسة وتعلمها في أكبر الجامعات بباريس، وكان جوالًا رحالًا سافر الهند وكانت معشوقته، وسافر الكونغو وبلاد أفريقية كثيرة، وسافر لكل العواصم الأوروبية، ثم بدأ في استثمار أمواله في الصناعة.

جاء الباورن إلى مصر وصار من المشاركين الأساسيين في صناعة وسائل المواصلات، فهو كان من المؤسسين لمترو باريس، وأصبح من أكبر المشاركين في هذه التكنولوجيا بالقرن الـ 19، ولقب بلقب البارون من ملك فرنسا بعد انتهاء هذا المشروع.

وعلى أطراف هذه المدينة شرع في بناء قصره، وربط بين مدينته والقاهرة بواسطة المترو الكهربائي، كما بنى كنيسة في هذه المدينة والمعروفة بكنيسة البازيليك ولا تزال موجودة إلى وقتنا هذا.

وكانت هذه الكنيسة في الأصل مطلية باللون الأحمر، وكان الأهالي يطلقون عليها الكنيسة الحمراء، وتخطيط المدينة وبناء القصر وتخطيط المدينة استغرق من 1907 إلى 1911.

كما وقام ببناء ناد ضخم "نادي هليوبوليس"، وقام ببناء قصر هليوبوليس "الاتحادية"، وبني ناد للخيل، وناد للبلياردو"، "والمترو الذي أسسه البارون وهو مترو كهربائي يربط ما بين وسط البلد القاهرة، وما بين مصر الجديدة وكان يمر بجانب الكنيسة ثم يرجع ويدور من منطقة الكوربة.

الشكل الخارجي للقصر هو كمبودي هندوسي، ولكن من الداخل تأثر بالفنون المصرية، وتم بناؤه على مساحة 6 أفدنة ونصف بالحديقة، وكله من الخرسانة، وبه مجموعة كبيرة من التماثيل المتبقي منها عدد قليل للغاية، وترك البارون مصر في أواخر حياته وأوصى بعد وفاته أن يدفن في مصر، وبالفعل بعد وفاته دفن في كنيسة البازيليك.

دعا البارون الملك ألبرت الأول والملكة إليزابيث زوجته الذين شهدا افتتاح القصر، وأقاما بعض الوقت فيه حيث استمتعا بهواء مصر العليل، فكان افتتاح القصر ملكيًا مهيبًا، شهده ملوك وكبار رجال دول العالم، وكان الشارع المطل عليه القصر المسمى الآن اسمه شارع القصر، ثم سمي بشارع المطار، حيث أن البارون في عام 1923 صمم مطار وهو حاليًا مطار ألماظة وذلك تنشيطًا للسياحة حيث يقع بالقرب منه معبد المطرية.

وبدأت خطة ترميم القصر في عام 2007 وتوقفت في أحداث 2011، ثم تم استئناف الأعمال عام 2016 2017، وجرت عمليات الترميم على قدم وساق، وكانت المفاجأة أن عمليات الترميم أظهرت اللون الحقيقي للقصر، وهو اللون الأحمر الغالب في هذه الفترة.

والسمات الفنية للقصر كلها مقتبسة من المعابد الكبودية "إن كروات" والمعابد الهندوسية الأوريسا، من أهم التماثل هي مجموعة من الآلهة التي تمثل الآلهة الهنوسية والبوذية، وهناك المئات من الآلهة البوذية، ولكنها تخرج من 3 آلهة، وهم الإله الأكبر للكون البراهما، والإله الحافظ للكون كيشنو والإله المدمر للكون واسمه شيبا، وشيبا هو المدمر للبشر أو البشرية الفاسدة حتى تنشأ حياة نقية، السور كله محاط بتماثيل شيبا وحول رأسه هالات من النيران وحيات للقضاء على البشرية.


وهو من عدة أدوار فالدور الأرضي للخدم وللمخازن والمطابخ، وملحق به 3 غرف منهم 2 للضيوف وواحدة للعب البلياردو وبها مدفأة، والطابق الأول يتكون من صالة كبيرة تفتح على 4 غرف للنوم وفي كل غرفة حمام خاص وهي الموضة التي انتشرت بعد ذلك.

والبرج به السلم المستدير والأسانسير، والسلم من الطابق الأرضي للأول بالرخام، ومن الأول للأخير من الخشب وهو سلم معلق ويعتبر إعجازا هندسيًا فريدًا.


القصر صممه وأشرف على هندسته ألكسندر مارسيل، والفنان لويس كلود الذين نقلا إلى مصر طرازًا جديدًا وهو طراز المعابد الكمبودية الهندوسية، فكان قرار الدولة المصرية اعتبار أن القصر أثرًا فريدًا لطراز واجهته الفنية، على الرغم من فقر زخارف غرفه من الداخل، إلا أن الواجهة تحمل إبهارًا كبيرًا كونها طرازًا مختلفًا عن الطراز الذي اعتاده المصريين.


والقصر لم يكن تحت سيطرة الحكومة المصرية، وبعد جهود لأسرة الرئيس السابق آل للحكومة المصرية، ولكنه كان تابعًا لوزارة الإسكان ثم تم ضمه للآثار عام 2007 وصار مسجلًا في عداد الآثار الإسلامية، ومع الطفرة التي تشهدها مصر في الفترة الأخيرة ووفقًا لتوجيهات الرئاسة وتوجهات الحكومة وجدنا اهتمامًا كبيرًا من الدولة المصرية بقطاع السياحة والآثار بشكل عام.

وتم إقامة معرضًا - وليس متحفًا - تراثيًا عن تاريخ حي مصر الجديدة وهليوبوليس عبر العصور، بالتعاون مع السفارة البلجيكية بالقاهرة وجمعيات المجتمع المدني بمصر، وشمل المعرض مجموعة متنوعة من الصور والوثائق الأرشيفية والرسومات الإيضاحية والخرائط والمخاطبات الخاصة بتاريخ حي مصر الجديدة "هليوبوليس والمطرية" وأهم معالمها التراثية، وصور وخرائط ووثائق وأفلام تحكي مظاهر ونمط الحياة في تلك الفترة الزمنية المميزة.

حديقة القصر تم فيها عرض أقدم عربة ترام كهربائي سارت في شوارع مصر الجديدة، والذي كان أحد المعالم الرئيسية للحي، وخضعت العربة لأعمال الترميم وتم رفع كفاءتها لإظهار بصورتها الأصلية، فهي تروي قصة إنشاء أول خط للترام في مصر، كما أنها تعطي الفكرة عن حركة التطور العمراني الذي ابتكره البارون إمبان لجذب السكان إلى الحي الجديد.