4 خطوات بديلة للقروض.. روشتة علاج ورطة الإيرادات فى الموازنة الجديدة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


رفع ضريبة الدخل إلى 35%.. وشريحة أعلى لأرباح المحتكرين وسماسرة العقارات والمستوردين

 دعا خبراء ومتابعون لاستغلال أزمة فيروس كورونا فى إصلاح مشكلات النظام الضريبى الحالى، من أجل العمل على توفير إيرادات إضافية بالموازنة العامة الجديدة للدولة، بعيداً عن اللجوء لطلب مزيد من القروض.

 ومن المتوقع أن تواجه الموازنة أزمة فى تحصيل الإيرادات المستهدفة، وكانت «المالية» تتوقع أن تشهد زيادة بنسبة 14% مقارنة بالعام الماضى.

وحسب الدكتور محمد معيط - وزير المالية، بلغ حجم الانخفاض فى الإيرادات الضريبية وغيرها نحو 124 مليار جنيه خلال العام المالى الحالى 2019/2020، مشيراً إلى أن بديل عدم البحث عن موارد جديدة سيكون خفض المصروفات، وعدم زيادة الرواتب.

 وجاء التراجع نتيجة لتأثر الخزانة العامة بتضرر تحويلات العاملين بالخارج، وخسارة الإيرادات السياحية، وإيرادات قطاعات مثل السينما والمسارح والمحلات التجارية، مع تأثر أنشطة الشركات، وحركة التجارة العالمية.

 وتشكل الإيرادات الضريبية نسبة تقترب من 80% من إيرادات الدولة، وهى العنصر الرئيسى الذى تعتمد عليه الحكومة لتحسين أحوال المواطنين، وتوفير الخدمات لهم.

 ومن المتوقع أن تكون أزمة الموازنة الجديدة على صعيد الإيرادات الضريبية وغير الضريبية، حيث سيكون من الصعب استكمال برنامج طرح الشركات أو تحصيل نفس الأرباح من شركات قطاع الأعمال العام، وبنوك القطاع العام، والهيئات الاقتصادية.

 وفى الوقت نفسه هناك صعوبة فى اللجوء لخفض المصروفات أو اتخاذ إجراءات تقشفية مع إقرار زيادات الأجور، وارتفاع أسعار متطلبات إدارة دولاب العمل الحكومى، ورفع القيمة الموجهة للاستثمارات الحكومية، وهو ما يضع الحكومة فى ورطة.

 من جانبه أشار عمرو خفاجى - الباحث وخبير التمويل فى رؤية بعنوان «بين الضرائب والتبرعات: هل فيروس كورونا فرصة لإعادة التفكير فى نظامنا الضريبى؟» إلى بدائل لتعظيم إيرادات الضرائب، وتقليل الاعتماد على الاقتراض للتعامل مع زيادة الإنفاق، وتحديات الفيروس وما بعده، وصفها بأنها فعالة اقتصاديا وقابلة للتطبيق على المدى الطويل.

 نشر الرؤية مؤخراً المركز البحثى- حلول للسياسات البديلة- التابع للجامعة الأمريكية بالقاهرة، والتى وصف فيها «خفاجى» قيام عديد من الشركات والبنوك ورجال الأعمال المصريين بمبادرات للتبرع للقطاع الصحى لتوفير المعدات الطبية خلال الأزمة، أو بتبرعات لدعم العمالة غير المنتظمة بأنها غير فعالة، ومثيرة للجدل.

 وقال إن هذه التبرعات ما هى إلا وسيلة لتبرئة أصحاب الدخل المرتفع من الحقوق المجتمعية، عن طريق التظاهر بالتضحية والكرم، لتجنب طرح الأسئلة الملحة والمشروعة حول عدالة النظام الضريبى.

 وطرح «خفاجى» 5 فرص لزيادة إيرادات الضرائب، أولها النظر فى استحداث شريحة ضريبية جديدة على الدخل المرتفع المرتبط بهامش ربح مبالغ فيه، أو عائد على الاستثمار عالى جداً لا يتناسب مع قيمة رأس المال المستثمر، وذلك فى شريحة أكثر من نسبة 35%.

 وعلى سبيل المثال، الشركات والأفراد الذين يحققون صافى ربح أكثر من 5 ملايين جنيه، وعائد على الاستثمار أعلى من 50%، وبذلك لن تسرى هذه الضريبة على الغالبية العظمى من الأنشطة الاقتصادية فى مصر، خاصة الصناعية والزراعية المعتمدة على العمالة الكثيفة، ولكن مع ذلك ستفرض ضرائب معقولة بشكل كبير على السمسرة العقارية، والسلع المستوردة، والأسواق الاحتكارية.

 وأوضح «خفاجى» أن صافى الربح المرتفع وغير المتناسب مع قيمة رأس المال المستثمر، يكون نتيجة دائما لشكل من أشكال الاحتكار أو الاعتماد على عمالة منخفضة الأجر، بما لا يتناسب مع القيمة الحقيقية للعمل، أو يكون مرتبطا بارتفاع الأسعار بسوق المضاربة العقارية بشكل مبالغ فيه، ولا يعكس الطلب الحقيقى على السكن، أو تكلفة الوحدة، وأجور العمال.  ولذلك فالحجة القائلة بأن معدل الضريبة المرتفع لن يشجع المستثمرين ليس لها معنى، لأنه من الصعب وجود سيناريوهات أخرى تمكن رجال البيزنس من ربح أكثر من 50% على استثماراتهم خلال عام واحد فى أى بلد.

 الاقتراح الثانى: هو استبدال ضريبة التصرفات العقارية البالغة 2.5% حاليا على إجمالى قيمة البيع، بضريبة على الأرباح الرأسمالية التى ستفرض فقط على الأرباح المكتسبة من بيع الأصل - العقار أو الارض، وليس على القيمة الكاملة للبيع.

 ويتم ذلك بالخضوع للشرائح الضريبية المعمول بها فى قانون ضريبة الدخل، وبالتالى لن يتم تحصيل ضريبة على الأصول المباعة إلا إذا كان هناك ربح مكتسب من التصرف، أى إذا كان سعر البيع أعلى من القيمة التقديرية للأصل، ولن يمثل ذلك التقييم تحدياً لأنه مطبق حالياً من أجل تحصيل الضرائب العقارية. وأشار «خفاجى» إلى أن الضرائب الرأسمالية على الأرباح المكتسبة من التصرفات العقارية مطبقة فى العديد من الدول من خلال ضريبة منفصلة، أو كجزء من ضريبة الدخل، وأن التعديل المقترح بالإضافة إلى الضرائب العقارية المطبقة حالياً، سوف يحد من سوق المضاربات العقارية الذى يضر بالأفراد المحتاجين إلى سكن ولا يستطيعون الحصول عليه بسبب الارتفاع المبالغ فيه فى الأسعار.

 وأيضا يوجه رأس المال المستثمر فى المضاربات العقارية إلى الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية الأخرى التى تنتج خدمات ومنتجات يستهلكها المصريون ويتم استيرادها حالياً، ما يعمق عجز الميزان التجارى.

 الاقتراح الثالث: هو إعادة النظر فى نظام الشرائح الضريبية، وذلك باستحداث شرائح ضريبية أخرى لأصحاب الدخل الأعلى (على سبيل المثال فوق 10 ملايين جنيه، وأخرى فوق 50 مليون جنيه، على أن يصل معدل ضريبة الدخل إلى 35% على الأقل لأصحاب الدخول الأعلى.

 ويبلغ معدل ضريبة الدخل فى المغرب 38%، وفى الجزائر وتونس 35%، ومعدلات مماثلة فى العديد من الدول الإفريقية، لافتا إلى أن معدل 25% ضريبة على الدخل الذى يتجاوز 400 ألف جنيه مصرى سنوياً معقولة لكنها ليست كافية للوفاء بالتزامات الإنفاق على الصحة والتعليم، وهما يستحوذان على 15% من إنفاق الأسر المصرية، ويعنى ذلك أن زيادة الإيرادات الضريبية وبالتالى إنفاق الحكومة على الصحة والتعليم يوفر الإنفاق الأسرى على الخدمات، ويساعد على الارتقاء بجودتها، وتوسيع نطاق المستفيدين منها، حيث يمكن أصحاب الدخول المتوسطة والعليا من الحصول على هذه الخدمات الحكومية، بدلاً من القطاع الخاص ذات الأسعار المرتفعة.

 الاقتراح الرابع: هو ضرورة تفعيل ضريبة الأرباح الرأسمالية على تعاملات البورصة، والتى تم تأجيلها مؤخراً للمرة الثالثة لدعم سوق المال من أثار فيروس كورونا، مشيراً إلى أن نسبة الضريبة منخفضة مقارنة بالضريبة على الدخل، وهى عادلة ومطبقة فى عديد من البورصات.

 وأوضح «خفاجى» أن الإعفاء الضريبى جداوه الاقتصادية محل جدل كبير، وغير واضح فاعليته فى دفع النمو الاقتصادى والتشغيل، فمن المفترض أن تعكس البورصة قوة السوق والاقتصاد الحقيقية وليس العكس، بمعنى أن تحفيز الاقتصاد هو الأساس، وهو ما ينعكس بالتبعية على سوق المال.

وأكد «خفاجى» على ضرورة إيجاد أفكار من أجل تحصيل الضرائب من الشركات ذات الارتباط بفروع فى ملاذات ضريبية، بما يعبر عن حجم الاقتصاد الحقيقى، ويرد للمجتمع حقه فى الأرباح المحققة باستخدام موارده وعماله، وبما يحقق توزيع عادل للعوائد الاقتصادية.