منال لاشين تكتب: كواليس خلافات الصحة والمال

مقالات الرأي



انقسام بين أصحاب المعاشات قد يؤدى للمحاكمة 

رئيس الحكومة لوزير المالية: روح بشكواك عن قانون البنوك للبرلمان 

وشكوك حول إقرار القانون فى الدورة الأخيرة 

مستشار الرئيس حسم الخلاف بين الأطباء والصحة لصالح النقابة 

والمستشفيات الجامعية تشكو من تجاهل هالة زايد لها

العالم كله يتجه الآن إلى التعايش مع كورونا، والمهمة الصعبة هى تحقيق التوازن بين الاقتصاد والصحة، ولذلك فإن الصراعات والخلافات فى مصر أو بالأحرى كواليس الحكومة والبرلمان تنقسم بين المال والصحة، فعلى الرغم من الرعب المنتشر بسبب زيادة أعداد المصابين، فإن الصراعات الاقتصادية والمالية تحتل حيزا لا يستهان به من أزمات الأسابيع الماضية، وفى صراع توازن القوى السياسية لاشك أن وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد قد خسرت الكثير، وبالمثل يبدو أن حصانة محافظ البنك المركزى طارق عامر المطلقة أصبحت هى الأخرى موضع شكوك وخلافات، ومن قلب الخلافات المالية ربما يواجه قانون خصم 1% من رواتب الموظفين مشاكل تعيق تنفيذه.

1- الصوت الواحد

يمكن تلخيص أزمة وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد فى تعبير أزمة الصوت الواحد، فمنذ بدأت جائحة كورونا، والوزيرة تصر على الانفراد بالرأى فى طرق مواجهة الأزمة العاتية بمفردها، ومن خلال فريقها فى وزارة الصحة فقط، وفى البداية كانت شكاوى نقابة الأطباء تفسر على أنها خلافات سياسية، ولكن السر فى تغير اتجاه الحكومة هو المستشار الصحى لرئيس الجمهورية الدكتور عوض تاج الدين، والرجل من أكفأ علماء الأمراض الصدرية وكان وزير صحة سابق، فالرجل يملك كلًا من الخبرة الطبية والتنفيذية معا، وقد فوجئ الدكتور تاج الدين برفض تام من وزيرة الصحة للتحاور أو مناقشة أية اقتراحات من جانبه، ووصلت الأزمة بين الوزيرة ومستشار رئيس الجمهورية إلى ذروتها بعدما رفضت هالة زايد الاستماع لنصيحة تاج الدين بالاجتماع بنقابة الأطباء وسماع شكواهم ومقتراحاتهم، وخاصة أنهم يمثلون الأطباء الذين يعملون على أرض الواقع، وأمام رفض الوزيرة تقرر أن يكون الاجتماع مع النقابة بحضور رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى والدكتور عوض تاج الدين فقط، وخلال الاجتماع اكتشف رئيس الحكومة أن نقابة الأطباء لديها اقتراحات مهمة لمواجهة الوباء والحفاظ على صحة المصريين وليس لحماية الأطباء فقط، وأكد رئيس الحكومة أن الرئيس وجه منذ اللحظة الأولى لمواجهة الوباء بالاهتمام بالأطقم الطبية وتوفير كل ما يلزمهم، وهو ما أكد عليه أيضا المستشار الصحى للرئيس، وكانت من أهم النقاط الذى شهدها الاجتماع هى غياب التخطيط السليم لمواجهة الوباء، فالأطباء يفاجأون بقرارات متخبطة ومتغيرة من الوزارة، وأن إصرار الوزارة فى بداية الأزمة على الحل المركزى فقط وأن تكون كل التعاملات من خلالها فقط سبب التخبط، وكمثال واحد فقط، فإن إصرار وزارة الصحة على أن تكون الحالات المحولة للمستشفيات من خلال أرقامها للطوارئ فقط كان خطأ، لأن الازدياد الشديد على الخطوط جعلها غير قادرة على تلبية احيتاجات المرضى أو المشتبه فى تعرضهم للوباء، وبالمثل طالبت النقابة بالاستفادة من المؤسسات الطبية خارج وزارة الصحة لمواجهة سيول المواطنين الراغبين سواء فى التحليل أو العلاج.

ومن ناحية أخرى فإن عدداً كبيراً من أساتذة المستشفيات الجامعية قد اشتكوا لوزير التعليم العالى الدكتور خالد عبد الغفار من التجاهل التام من وزارة الصحة لإعداد هذه المستشفيات لاستقبال المرضى أو الاستفادة من إمكانيات المستشفيات الجامعية. ويبدو أن شكوى كبار الأساتذة قد وصلت لكل من مستشار الرئيس ورئيس الحكومة فى نفس الوقت مع شكوى نقابة الأطباء.

وكان عدد مؤثر من كبار الأساتذة فى المستشفيات الجامعية قد رفضوا العمل بسبب تجاهل وزارة الصحة لتوفير الإجراءات الوقائية بها، وذلك على الرغم من أن هذه المستشفيات تستقبل أكبر عدد من المرضى فى جميع المحافظات.

2- أزمة النص

قبل العيد بأيام كشفت الحكومة عن مشروع قانون لمواجهة آثار كورونا، والمشروع هو خصم نسبة 1% من رواتب العاملين بالدولة ونص فى المائة من أصحاب المعاشات، والمشروع فى طريقه لمجلس النواب، وقد أثار هذا المشروع جدلا كبيرا بين موافق على الخصم لمساندة الدولة، وبين معارض لاقتصار مشروع القانون على الموظفين وأصحاب المعاشات فقط دون الفئات الأخرى بالمجتمع مثل المهنيين ورجال الأعمال، ولكن القضية اتخذت شكلاً أعمق قانونا بالنسبة لأصحاب المعاشات.لأن الوضع مختلف بالنسبة لأموال المعاشات، فطبقا للدستور أموال المعاشات أموال خاصة بأصحابها، فهى أموال يدخرها الموظفون لدى الحكومة لحين الوصول لسن المعاش، وطبقا للدستور فإن الأموال الخاصة لا يجوز للحكومة اتخاذ قرارات خصم بشأن هذه الأموال، ولذلك ظهر اتجاهان بين قيادات اتحاد المعاشات، وهو الاتحاد الذى ناضل النائب السابق البدرى فرغلى لإنشائه والاعتراف به. الاتجاه الأول مع قبول مشروع القانون أو بالأحرى الخصم لأنه النسبة صغيرة جدا.أما الاتجاه الآخر فهو تعتبر أن هذه المرة ستكون سابقة يمكن تكرارها فى المستقبل، وبنسب لايمكن التحكم فيها، ولذلك يرى أصحاب هذا الاتجاه ضرورة اللجوء للمحكمة الدستورية العليا فور إقرار القانون، والطعن بعدم دستورية الخصم من أصحاب المعاشات.

3- مصير قانون

انتهى مجلس النواب من الإقرار شبه النهائى لمشروع قانون البنوك فى جلسته العامة قبل العيد، وأرسل مشروع القانون إلى مجلس الدولة لمراجعته، وعلى الرغم من أن الجلسة كانت علنية إلا أن بعض ما حدث فيها لا يمكن فهمه إلا بمعرفة الكواليس التى دارت فى كل من الحكومة والبرلمان قبل الجلسة، فقد فوجئ الجميع بحضور مندوب وزارة المالية للجلسة العامة وإعلان رفض الوزارة لبعض المواد بمشروع القانون لأنها استيلاء على دور وحق وزارة المالية ومسئوليتها، وبعيدا عن نصوص المواد الخلافية، فإن ما حدث يعد سابقة فى الخلاف العلنى بين محافظ البنك المركزى طارق عامر ووزير المالية محمد معيط، وكان معيط قد أوضح وجهة نظره فى هذه المواد لرئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، مؤكدا أن المحافظ مصر على هذه المواد، فكان رد رئيس الحكومة أن يذهب الوزير أو ممثله لمجلس النواب ويعرض المواد محل الخلاف، ويكون البرلمان هو الحكم، وقد قام رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال بتأجيل نظر المواد لحين عودة مشروع القانون من مجلس الدولة.كما رفض الدكتور عبد العال الأخذ بوجهة نظر المركزى فى إجراءات الطعن على قراراته، ففى حين أصر المركزى على أن يكون الطعن أمام مجلس إدارة المركزى، فقد رفض النواب، وخير رئيس المجلس المركزى بين أمرين، أما القبول بإنشاء لجنة قانونية للطعن على قراراته برئاسة نائب رئيس مجلس الدولة أو إلغاء المادة، وتم إلغاء المادة مما فتح الباب للجميع بالطعن على قرارات المركزى أمام القضاء الإدارى والمحاكم الاقتصادية، ويتردد فى كواليس البرلمان أن هذه المادة هى سبب غياب محافظ البنك المركزى طارق عامر عن جلسة الانتهاء من مناقشة مشروع القانون، لأن رئيس المجلس أوضح له فى زيارته السابقة أنه لا يجوز أن يكون الطعن أمام نفس الجهة المصدرة للقرار، الأكثر إثارة هو ما يتردد فى الكواليس أن مشروع القانون قد يتأخر فى مجلس الدولة ولا يلحق بالدورة الحالية والأخيرة للبرلمان، والكرة الآن فى ملعب مجلس الدولة.