محمد مسعود يكتب: رمضان 2020 «TOP 10»

مقالات الرأي



آن لنا أن نعترف أن موسم رمضان الحالى 2020 يمثل استرداد الدراما المصرية لجزء كبير من مكانتها، وعافية جسدها المنهك منذ الخامس والعشرين من يناير 2011. نحو عشر سنوات كاملة مرت، انقلب فيها حال الدراما المصرية، وجعلت الظروف عاليها سافلها، إلى أن شهد الموسم الحالى نوعا من الاستقرار بعد المحاولات المستمرة التى قام بها تامر مرسى رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، لضبط سوق، اخترقها الحابل والنابل، وتحول السماسرة وأصحاب المهن الحرفية إلى منتجين، لا نعلم بأى مال عملوا ولا أى محتوى أرادوا تقديمه. لذا ورغم الكوارث التى شهدتها وتشهدها السنة الحالية، لكنها تعد سنة استرداد قوة الدراما المصرية التى قدمت نحو 23 مسلسلا بجهات إنتاج مختلفة، فى صراع شريف، أجاد فيه من أجاد، وأخفق من أخفق، لكن فى النهاية نحن ندعم الجميع، للصالح العام وهو أن تعود الدراما المصرية إلى أوج قمتها فى الأعوام القادمة.

1- «الاختيار» وقوة مصر الناعمة
أثبت مسلسل الاختيار الذى كتبه باهر دويدار، ويمثل السيرة الذاتية للبطل الشهيد أحمد المنسى، وأخرجه بيتر ميمى لحساب شركة سينرجى، أن الدراما هى بالفعل قوة مصر الناعمة، نظرا للتأثير الكبير الذى أحدثه المسلسل فى زلزلة عالم التكفيريين، وكشف النقاب عن حقيقة جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، التى تعاملت مع مصر والمصريين بمنطق إما أن نحكمكم وإما أن نقتلكم.. ولولا بسالة وبراعة رجال الجيش المصرى لضاع هذا البلد على يد الجماعة. بيتر ميمى فى كل عام يثبت أنه من نوعية المخرجين الكبار، فقد صار هو ملك الأكشن فى الدراما المصرية بعد نجاحاته المتتالية فى الأعوام الثلاثة الأخيرة بسلسلة أجزاء مسلسل كلبش، وعلى نفس الخطى يسير باهر دويدار فى طريق تحقيق مكانة كبيرة فى عالم كتاب السيناريو، ويحسب لشركة سينرجى وصاحبها تامر مرسى، تصديها لهذا العمل المكلف، ذو الميزانية المرتفعة جدا، والأهم أنه لم يحسب حساب التكلفة بقدر حساباته بمنافع إنتاج مثل هذا العمل الذى جعل أطفال مصر وصغارها قبل كبارها يعرفون حقيقة ما يجرى على أرض سيناء وتوثيق بطولات رجال الجيش المصرى.

2- «المعلمة» كاملة أبوذكرى
قبل أيام من عرض مسلسل بـ100 وش، قالت نيللى كريم فى حلقة من برنامج أبلة فاهيتا إن مسلسلها الجديد اجتماعى لايت يميل إلى الكوميديا، والحقيقة فإننى اعتبرت تصريح نيللى كارثياً، وأن الكارثة أو الطامة الكبرى ستحدث عند عرض المسلسل، فكيف لنجمة مثل نيللى كريم ومخرجة مثل كاملة أبوذكرى أن يقدما مسلسلا خفيفا يميل إلى الكوميديا، بعد الدراما الموجعة التى قدماها طوال سنوات بصحبة المنتج الكبير جمال العدل. لكن ما إن تم عرض المسلسل، حتى انقلب الحال تماما، وأصبح يحتل عرش المسلسلات الكوميدية، وأحدث تفاعلا كبيرا مع الجمهور الذى كان يشجع عصابة سكر وعمر فى جميع عمليات النصب وكأن الجمهور شريك فى العصابة.. والحقيقة هذا يرجع لعبقرية كاملة فى الكاستينج اختيار الممثلين وتسكين الأدوار، ومثلما اتهمت كاملة بتصدير الكآبة فى سجن النسا، استطاعت وبنجوم من نفس المسلسل بخلاف بطلته طبعا، أن تصدر لنا البهجة بعمل بسيط وغير معقد وأسلوب سهل ممتنع وكأن كاملة أبو ذكرى تخرج أعمالا كوميدية منذ عشرات السنين.

المسلسل وضع نيللى كريم على عرش النجمات الشابات بلا منازع.. وجعل من كاملة أبوذكرى معلمة الإخراج هذا العام.

3- ابن الوز «فنان»
منذ اللحظة الأولى من مسلسل الفتوة الذى كتبه هانى سرحان وأخرجه حسين المنباوى لحساب المنتج تامر مرسى، أعلن المسلسل عن مولد نجم جديد فى عالم مديرى التصوير وهو إسلام عبد السميع، كادرات فنية فى غاية الروعة وإحساس ينقلك على الفور للعالم والزمن الذى تدور فيه أحداث المسلسل الذى لعب بطولته ياسر جلال. إسلام عبد السميع لمن لا يعرف هو ابن مدير التصوير العظيم الأستاذ محمود عبد السميع، الذى نقل لابنه الصنعة بحذافيرها علاوة على الموهبة التى يتمتع بها إسلام. ومن نجوم العمل بخلاف إسلام، الموسيقار الشاب شادى مؤنس، ومصممة الملابس مونيا فتح الباب، والحقيقة أن المسلسل أفرز أيضا ممثلا يدق أبواب النجومية ويعوضنا رحيل والده وهو الفنان الشاب أحمد خالد صالح، علاوة على الموهوبة هنادى مهنا التى إن استطاعت تنمية موهبته يمكنها أن تعوض الفراغ الذى تركته النجمة الكبيرة نورا منذ عشرات السنين ولم تملأه ممثلة بعدها

4- «براند» سامح عبد العزيز
أصبح المخرج سامح عبد العزيز بمثابة علامة جودة على أى عمل فنى يقوم بإخراجه، فمنذ تجاربه السينمائية الفرح وكباريه، ومسلسلات الحارة ورمضان كريم وغيرها من الأعمال وسامح بمثابة علامة ثقة لدى المشاهد.

الجميل هذا العام أن يقترن اسم المخرج الكبير بنجمة كبيرة متوهجة فى حجم الفنانة الكبيرة يسرا فى مسلسل خيانة عهد للمنتج جمال العدل.. ونجح سامح فى عمل بوكيه من النجوم حول يسرا، على رأسهم عبير صبرى التى نضجت تماما، وأصبحت تمثل بطريقة سهلة وسلسلة وبتمكن كبير يحسب لها، علاوة على حلا شيحة التى نستطيع أن نجزم أن عودتها الحقيقية لعالم التمثيل بعد الرجوع من الاعتزال فى مسلسل خيانة عهد.

5- «البرنس» محمد سامى
يبدو أن محمد سامى، هو المخرج الوحيد الذى يمتلك باسورد الفنان محمد رمضان، فكلما لعب رمضان بطولة مسلسلا يحمل توقيع مخرج آخر، حصد الفشل، فمنذ مسلسلهما الأخير الأسطورة الذى كتبه محمد عبد المعطى، وحقق نجاحا كبيرا، ورمضان يتعثر فى جميع تجاربه التليفزيونية، حتى عندما لجأ إلى كاتب فى حجم عبدالرحيم كمال.

الجديد فى تعاون محمد سامى ورمضان فى مسلسل البرنس أن العمل من تأليف محمد سامى الذى يمتلك ورشة خاصة لكتابة السيناريو، ونجح سامى فى رسم شخصيات درامية مهمة فى السيناريو، ووفق فى تقديمها، لكن يبدو أن التوفيق حالفه أكثر فى إقناع محمد رمضان بهذا العمل الذى يلعب بطولته فى حقيقة الأمر كل من أحمد زاهر وروجينا، وتألق لافت لسلوى عثمان ورحاب الجمل وأحمد فهيم، وهو ابن شقيقة الفنان الراحل خالد صالح، كان جانب الشر فى العمل طاغيا عليه، وفقا لقاعدة مهمة فى السيناريو وهى أن الأشرار يصنعون الدراما بينما الطيبون يدخلون الجنة.

6- عودة ياسمين
لا ينكر إلا جاحد، أن ياسمين عبد العزيز من النجمات الكبيرات فى السينما المصرية، فهى الممثلة الوحيدة فى بنات جيلها، وربما الأجيال السابقة لها أيضا التى تعتبر من نجمات الشباك.. لكن ياسمين فى السينما.. ليست ياسمين فى الدراما التليفزيونية، ففى تجربتها التليفزيونية الأخيرة كانت ياسمين أشبه بالتائهة التى لا تعلم عما تبحث عنه. لكن ما إن توافرت لياسمين عناصر ومقومات نجاح المسلسل التليفزيونى التى تنحصر فى نص جيد، ومخرج يستطيع إخراج النص بشكل جيد، وجهة إنتاج لا تبخل عن العمل، حتى نجحت ياسمين، بمسلسلها ونحب تانى ليه الذى كتبه عمرو محمود ياسين وأخرجه مصطفى فكرى لحساب المنتج الكبير تامر مرسى.

مقومات النجاح فى المسلسل تنحصر فى طرفى المعادلة، عمرو محمود ياسين ومصطفى فكرى، نظرا لحالة التفاهم الكبير بين الطرفين منذ اشتراكهما معا قبل أربع سنوات فى تأليف وإخراج مسلسل نصيبى وقسمتك لحساب المنتج أحمد عبد العاطى، بخلاف الأداء الراقى لياسمين وشريف منير وكريم فهمى.

7- بطلة على الطريق
منذ طرح الصور الدعائية لمسلسل لما كنا صغيرين، التى تصدرتها النجمة الشابة ريهام حجاج، وخلفها كل من الفنان الكبير محمود حميدة والفنان الكبير خالد النبوى، أنذر العمل بحدوث أزمة بين أبطاله على ترتيب الأسماء، وفى مكالمة هاتفية مع منتج المسلسل أحمد عبد العاطى أكد أن التيتر سيتصدره حميدة ثم النبوى ثم ريهام حجاج وفقا للمنطق، بينما بطولة العمل نسائية وحميدة والنبوى وافقا على المشاركة فيه دعما لريهام فى بطولتها الأولى. والحقيقة أن الكثيرين راهنوا على فشل ريهام حجاج، وأنها ستتوه بين عملاقين سيأكلانها ويهضمانها تمثيليا وستخرج من العمل وقد خسرت الجلد والسقط، لكن فى الحقيقة أن ريهام فاجئت الجميع بأداء يؤكد أنها بالفعل أصبحت نجمة على طريق البطولة وكانت ندا فى عدد من المشاهد لخالد النبوى ولمحمود حميدة، لم تخف ولم تتوار.. بينما أقدمت على لعب الدور بثقة ربما استمدتها من المخرج المتميز محمد على.. ويحسب لريهام ولشركة الإنتاج جرأتها فى اختيار فريق العمل وخروج المسلسل بمستوى حاز على إعجاب الكثيرين.

8 ليالينا 80
وفى صراع تمثيلى من العيار الثقيل خرج علينا خالد الصاوى بموهبتة الكبيرة، ليقف أمام ممثل متمكن فى حجم إياد نصار، وغولة تمثيل اسمها صابرين، وممثلتين من العيار الثقيل مثل نهى عابدين وهبة عبد الغنى، ليقدموا مباراة فنية بعنوان ليالينا 80 الذى كتبه أحمد عبد الفتاح وأخرجه أحمد صالح لحساب شركة سينرجى. المسلسل ينقلك منذ مشاهده الأولى نحو 40 عاما للوراء، ليكشف عالماً خصباً وثرياً يمثل ذكريات وقضايا عاشها البعض، ولولا الإيقاع الذى كان شديد البطء فى بعض الحلقات، علاوة على أخطاء فى المونتاج، لتصدر المسلسل قائمة مسلسلات الموسم الحالى.

9- «مولانا» على جمعة
من أهم وأفضل البرامج التى قدمت فى الموسم الرمضانى 2020 برنامج مصر أرض الأنبياء لمولانا الشيخ القدير على جمعة وقدمه الإعلامى عمرو خليل، وأخرجه إبراهيم السيد، ويرأس تحريره الكاتب الصحفى الزميل رامى رشدى، لحساب شركة سينرجى.

البرنامج قدم رؤية ومحتوى جديدان لقصص الأنبياء الذين مروا على أرض مصر، وقدم بعد شهور من البحث والتدقيق وفى إطار من التوثيق والتشويق حقائق مهمة وموثقة عن رحلة رُسل الله فوق أرض مصر.

10- دروس المتحدة
قدمت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية موسما دراميا وبرامجيا مهماً، كشفت من خلال عن قدرة ومقدرة المسئولين عنها وعلى رأسهم رئيس مجلس إدارتها تامر مرسى، فى وضع خريطة ملائمة لموسم كارثى على البشرية، وجاء التنوع فى موضوعات الأعمال التى أنتجتها شركة سينرجى مرضيا لكافة الأذواق، وفى شراكة المتحدة للمنتجين جمال العدل وأحمد عبدالعاطى فرصة لشركات إنتاج كبيرة للعمل فى السوق المصرية.

غير أنها تمكنت من إعادة الدراما المصرية إلى مشهد الصدارة ويكفيها فخرا إنتاج عمل فى حجم الاختيار.. جعل الجميع فى أماكنهم الحقيقية وأعاد الانتماء لعدد كبير لم يكن يعرف حقيقة ما يجرى على أرض سيناء.. والحقيقة أن ما فعلته المتحدة فى الموسم الحالى رفع سقف الطموح وجعلنا نطمح فى المزيد مع همسة فى أذن القائمين عليها بضرورة إعادة النظر فى المسلسلات الكوميدية التى أنتجت هذا العام.. وخالص التحية لكل من أنتج وكتب وأخرج ولجميع الفنانين والفنيين.. شرفتونا.