د. عادل فاروق البيجاوي يكتب: الإحصائيات المصرية لفيروس كورونا.. بالدليل دون تهويل

ركن القراء

بوابة الفجر



أ.د/ عادل فاروق البيجاوي - أستاذ الطب – جامعة القاهرة

المصريون هم الشعب الذى يخرج كل يوم صباحًا يتزاحمون فى الأسواق، ويتقاربون ويعيشون حياتهم بعيدًا عن أى محاذير من وباء ينتشر فى البلاد ثم يعودون إلى منازلهم ينتظرون الإحصاء اليومى لوزارة الصحة المصرية حتى إذا صدر وكانت الحالات ترتفع يوميًا تعجبوا لماذا تزيد الحالات ومتى ستتوقف الزيارده فى الأعداد وأين الخطأ، ونجد أن المتابع لتعامل المصريين مع الفيروس وإحصائياته يرى عجبًا فهناك أناس لا تبالى بالفيروس ولا انتشاره وتعيش حياتها بلا اى قيود وأفراد أخرين خاصة على مواقع التواصل يواصلون الصراخ من ممارسة الآخرين ويصدرون الرعب والقلق إلى كل متابعيه.

وحيث إن فيروس كورونا وباء عالمي، وأهم أحداث العصر فنجد أنه من الطبيعي أن يستحوذ اهتمام الشعب المصري سواء بتداول الأخبار والتحقيقات الصحفية والبيانات وإحصائية وزارة الصحة والسكان المصرية، وتحتل الأخيرة الصدارة فيما يتم تداوله يوميًا على مواقع التواصل الإجتماعي، ولكن الغريب واللافت للنظر هو ما رصدناه بخصوص تفاعلات الناس مع البيان حيث تتجلى الإنتقائية بصورها المختلفة بينما البعض ينكر البيان عندما تكون عدد الحالات قليلة، ولكنه فى نفس البيان يتسائل لماذا عدد الوفيات مرتفعة وفى الأيام الأخيره زادت عدد الحالات الموثقه خلال البيان و تتراجع أعداد الوفيات يصرخ نفس الاشخاص من الزياده الموثقة.  

وهنا تظهر الانتقائية الواضحة فى اختيار الناس لبيانات معينة داخل الإحصائية وتجاهل غيرها وفقًا لما يريدوا أن يدركوه ففي حين يلفت انتباههم ويتداولون معلومات خاصة بزيادة عدد الحالات يوميًا – وهذا حقيقي – لكن لا يلتفتون إلى أن البيان الذي وثق عدد حالات تخطى الـ 700 حالة يوميًا ( إحصاء يوم الثلاثاء الموافق 19 مايو)  هو نفسه وثق أكثر من 200 حالة شفاء وخروج أكثر من 150 حالة تعافوا من الفيروس وتحولوا إلى سلبي وهى أرقام مرتفعة وتزداد يوميًا بما يشير إلى ارتفاع نسب التعافى وأن معظم الحالات الموثقة فى الفترة الاخيرة هى حالات بسيطة الأعراض والتأثيرات السلبية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن نفس البيان والإحصائية يتم تداولها بشكل يختلف من فرد لآخر وفقًا لعديد من العوامل منها موضوعية الفرد وقدر التفاؤل لديه ومدى إدراكه للوضع العام وغيرها من العوامل الأخرى التي يصعب حصرها لكثرتها.

وتجدر الإشارة إلى أن عدد الحالات التى يزداد وتيرتها يومًا بعد يوم يرجع إلى زيادة حقيقية نظرًا لقلة الوعي المجتمعى، وعدم الإلتزام الكامل بإجراءات الحماية والوقاية، وإصرار البعض على الممارسات الحياتية الإجتماعية، وزيادة عدد الاختبارات التى تجرى والتي قطعًا سيكشف قطاعًا أكبر من المصابين من بين المخالطين للمرضي، وكذلك لحالات مصابة درجتها أقل كانت لا تُكتشف في حالة قلة عدد الفحوصات وذلك رغم أنه يُحدث زيادة فى عدد الحالات الموثقة  الإيجابية إلا أنه يسمح بنسب أعلى للتعافي ونسب أقل للوفيات.

وخلاصة القول أن زيادة عدد الحالات له أسبابه التي ينبع بعضها من ممارسات وسلوكيات الشعب نفسه، وبعضها للزيادات الناتجة عن إجراء الاختبارات، والبعض الآخر يرجع لظروف الجائحة والانتشار الوبائي للفيروس، وفي الحالتين فمن يستقرأ الأرقام بموضوعية يستطيع الخروج بدلالات وتفسيرات للوضع الحالي للوباء في مصر شريطة أن يتم ذلك بنظرة عامة ومقارنة لكل دول العالم.