"أصغر سفير سلام".. حكاية طفل عراقي بأستراليا يقود حملات إنسانية لمساعدة العراقيين بمصروفه اليومي

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تَكفل عبد الوهاب عامر، برعاية المحتاجين من أطفال وبسطاء وطنه، الذين أنهَكتهم الظروف السياسية وأَضرَّت بمُستواهم المعيشي، لاسيما بعد اندلاع التظاهرات الأخيرة في العراق، وبادرَ بأول حملة لطفل عراقي، من مصرُوفه اليوميٌّ، بعدما ادخرهُ خلال فترة العزل المنزلي في أستراليا- للسيطرة على فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"-، ووَطَّأَ للموضوع مع والدته، التي اِعتضاد بها، في تطبيق فكرته تزامنًا مع بدء شهر رمضان المُبارك "يومياتي كانت تتزايد وأنا بالبيت.. وبعد شهر من شوفت على النت هواي ناس ببلدي ما تقدر توفر أكل.. قولت لازم رمضان يكون حلو عليهم.. وبدأت أجمع فلوسي وأرسلها إلهم عن طريق إحدى المؤسسات الخيرية"، وكانت لهذه المُبادرة مغبَّة طيّبة على العراقيين، وعلى أصغر حائز بلقب "سفير السلام".






لم يعيش الطفل الذي لا يتعدى عمره العشر سنوات، في أُبهةٍ، برغم أن ظروف معيشته بأستراليا تهيأ له ذلك، إلا أنه منذ ميلاده في الأردن وهو يتتوّق إلى وطنه-الذي لم يزوره إلى ستة أيام فقط طيلة حياته-، لزيارتها ومُساندة أطفال بلاده والوطن العربي برمته، وحقق أربهُ، عندما تبارى مع والدته- إحدى المتطوعين في تنظيم الحملات الإنسانية والخيرية-، في تحدي حملتها "يد بيد نبني العراق"، استدامَ الشيء، حتى ظفِر بحملته "ابن العراق عبودي"، التي استغرقت يومين قبل رمضان "حضرنا كمية هواية 150 سلة غذائية ووزعت على الفقراء.. حتى بأول الشهر يكون معاهم أكل"، ومع نجاح التجربة، التي منحته الحماس الأكبر في الاستمرارية في العمل الإنساني، بدء يتوسع في مصادر الدعم من أسرته وجميع المحيطين به.






لم يتوانَ الطفل العراقي، بالألعاب الإلكترونية، كأطفال جيله، بل كرَّس حياته للعلم والبحث عن كيفية نشر السلام بين العالم "علمني أهلي والعراقيين إللي تقبلت فيهم بالمظاهرات هون بأستراليا وتواصلت معهم على الإنترنت شغله أننا في أزمة ولا بد من مساعدة بعضنا البعد حتى لو مو عراقي نساعده.. شعب كلش قوي مو أناني"، وهو ما طبقه من قبل مع حملة دعم الأنشطة التنموية والخيرية التي قامت بها مؤسسة راعي مصر، بأستراليا بحضور الفنان أحمد حلمي، فمنذ علمه بزيارة الفنان، وجه له رسالة عبر مقطع فيديو على قناته على اليوتيوب، وتفاعل معه "حلمي"، مرسلاً له دعوة للحضور هو وعائلته "الإنسانية ما تفرق بين العراق ومصر المهم الفقير.. ونحاول إذا واحد وقع أكو آخر يقومه".






دَرّ أصغر طفل لسلام، بما عنده، ليس فقط بالمساعدات المادية، بل فطِن مبكرًا لأزمة تفشي كورونا في البلاد، خاصة العربية، وبدء يُسجل مقاطع توعية، عبر قناته، ووسائل السوشيال ميديا، موجهة للأطفال وكبار السن، وأثار صخبًا على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب تفاعل العديد منهم "لازم الناس تكون صحيين ومايحولون ياخدون الفيروس"، فأستراليا بها نسبة إجراءات وإرشادات عالية، ونحن علينا نقلها للعالم العربي. حادَ عن جوهر الموضوع، متطرقًا في حديثه إلى الظروف التي تعيشها فلسطين "وعدت نفسي أساعد الناس يعيشون حياة زينة.. وأحس اللي يصير في فلسطين كلش مؤذي.. فهم لا يبجون حدا بل الأرض". اِغتم للأزمة، وصمت برهةِ، ثم عبر عن أحلامه "بدي أكون إعلامي حتى أنقل هموم الناس ويكون لدي برنامج مثل أحمد حلمي أساعد الجهال يسوي أحلامهم"، كما يريد أن يصنع سيارة ويكون لدية شركة تصنيع سيارات، حتى طلبت منه والدته عائشة، أن تشتري له "خردة"، لكي يتعلم، وأن يشارك في تقديم  إعلان نوتيلا وبيبسي أو ديتول.






اكتسب الطالب في الصف الخامس الإبتدائي، مفهوم السلام من عائلته، وجيرانه والمدرسة، فكل ما حاوله يدعي لسلام بشتى أنواعه، خاصة السلام البيئي، الذي يرى أن البعض لم يهتم لأمرها "السلام على مود الشجر فهو يتنفس .. ولو أهملناه يمكن الأوكسجين يقل.. الأرض نصف العالم"، تلكَأُ في نطقِه- رغم أنه يجيد التحدث باللكنة العراقية واللغة العربية لإصرار أولياء أموره على تعليمها بالإضافة إلى دراسته-، عرفتهُ جمُوح العاطفة، مسترجعًا حريق أستراليا الشهير، الذي أثر في نفسه"بكيت لان محد حاسس أن بدون البيئة والحيوان ما نقدر نعيش"، قاطعته عائشة لمحاولة التخفيف عليه، أصاخ لها، وعاد إلى سلسلة حملاته التي دامت طيلة شهر رمضان، والتي تضمنت أيضًا حملة الكمامة، ومبردات هوائية لبعض الأطفال الأيتام، الذين لايتحملون درجات الحرارة المرتفعة "تعلمت إذا أطعمت أشبع.. وإذا أخذت لابد من الشكر"، لذا قدم الشكر لمسئول التبرعات بالعراق بمدينته عبد الرحمن العاني.