طارق الشناوي يكتب: نادية ونبيلة ونظرية الكبريت

الفجر الفني

بوابة الفجر


من الذى يملك أن يدير المؤشر ويقول للفنان نكتفى بهذا القدر؟ قولا واحدا الجمهور، وما أدوات الناس فى التعبير؟ الإقبال أو الإحجام عن العمل الفنى هو الذى يدفع شركات الإنتاج إلى التعاقد مع الفنان أو إحالته إلى التقاعد، العصمة فقط بيد الناس.

جاء رمضان وهو يبشرنا بعودة نجمتين من العصر الذهبى، نادية الجندى ونبيلة عبيد، المشروع فيما يبدو قائم على فكرة أن هناك عناقا قادما بين أكبر عدوتين لدودتين فى الحياة الفنية.

هل هذا يكفى، أم يظل مجرد (إيفيه) يبحث عن عمل فنى؟ (الإيفيه) مثل عود الكبريت، المعادل الموضوعى فى الذاكرة الشعبية لشرف البنت، يشتعل مرة واحدة.

انس كل ما تقوله الآن نبيلة أو نادية من أن الحب طوال الرحلة كان ثالثهما، وأن الصحافة وضعت عامدة متعمدة الألغام بينهما، كل منهما تدرك أنها لا تقول الحقيقة، وأن الصراع بدأ منذ منتصف السبعينيات، وشهد ضربات عديدة متبادلة، وبلغت ذروته عندما دخلت الدولة طرفا فى المعادلة، وتمت مصادرة فيلم نادية

(خمسة باب).

لن أقلب المواجع، ولن أفتش فى الدفاتر، ولكن لا داعى، مع كل بداية صلح بين قطبين، أن تدفع الصحافة الثمن، وهو يذكرنى بما فعله فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ فى حوار عبر التليفزيون اللبنانى، منتصف السبعينيات، عندما أعلنا الصلح، وأكدا أيضا أن الصحافة هى التى أشعلت النيران.

الجمع تليفزيونيا بين نادية ونبيلة لم يكن المشروع الأول، فشل الكاتب مصطفى محرم فى إقناعهما ببطولة مسلسل (ريا وسكينة)، قبل إسناده إلى عبلة كامل وسمية الخشاب بسبب توجس كل منهما من الأخرى، مع مرور 12 عاما تضاءلت مشاعر التوجس.

وجد فريق العمل، بقيادة المخرج وائل إحسان، مع مسلسل (سكر زيادة)، أن الحل لضمان استكمال المشروع هو الضبط الهندسى، الصراع هدأ على السطح، ولكنه من الممكن أن يتجدد أمام الكاميرا، كل إيفيه يجب أن يوزع على اثنين، إذا كانت هناك نكتة على فيلم نادية (الباطنية) فيجب فى التو واللحظة أن ينال أيضا فيلم نبيلة (العذراء والشعر الأبيض) إيفيه، وإذا نطقت نادية بكلمة، ينبغى أن تنطق نبيلة فى التو واللحظة بمثلها، وإلا يا داهية دُقى!!.

العودة الثنائية تحولت إلى عبء، ينطبق عليه قانون ( تناقص الغلة)، الذى يعنى ببساطة أنه عندما يزداد عدد من يعملون فى قطعة أرض عن القدرة الاستيعابية لها تتحول الزيادة إلى عامل سلبى يخصم من المحصول، السيناريو قائم على الدفع فى كل حلقة بشخصية خارجية داخل الفيلا لتحريك الأحداث، وكسر حالة الملل، وفى نهاية الأمر ومع تعذر السفر بين القاهرة وبيروت، حيث كان يجرى تصوير المسلسل، باتت الساحة الدرامية خاوية، وزمن الحلقات يجب أن يملأ بأى مادة، وصارت تلك هى المهمة التى فشل فى إنجازها حمدى الميرغنى!!

تحت مظلة (الإيفيه) وقفت النجمتان المخضرمتان بعد طول غياب فى (سكر زيادة)، الذى لم يسفر فى نهاية الأمر ولا حتى عن ملعقة سكر!!