د. بهاء حلمى يكتب: دور القوات متعددة الجنسيات فى سيناء ومسئولياتها

مقالات الرأي

بوابة الفجر




تناولت إحدى الصحف الأمريكية خلال اليومين الماضيين رغبة وزارة الدفاع الأمريكية سحب قواتها من شبه جزيرة سيناء بدعوى تقليص النفقات العسكرية.

وأشارت الصحيفة إلى اعتراض كل من وزارة الخارجية الأمريكية وإسرائيل على ذلك.

جدير بالذكر أنه سبق إثارة موضوع المشاركة الأمريكية فى هذه القوات تارة بحجة إعادة انتشار القوات، وتارة أخرى بدعوى خفض النفقات.

وهنا يبادر للذهن التساؤل عن دور هذه القوات ومسئوليتها؟ والأساس القانونى لصلاحيات الولايات المتحدة فى تقليص أو تعديل حجم المشاركة فيها، ومدى خضوع تلك القوات لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة؟

فيتبين أن هذه القوات تشكلت 1982 بموجب معاهدة السلام المبرمة بين مصر وإسرائيل تحت رعاية الولايات المتحدة وتحدد قوامها من العسكريين وبعض المدنيين بما لا يزيد عن 2000 عنصر.

شاركت 13 دولة فى تكوينها تحت إشراف وإدارة أمريكية، ومقر قيادتها فى روما بإيطاليا، ولها فرعان رئيسيان بكل من القاهرة وتل أبيب.

تتمركز قوات حفظ السلام بسيناء فى قاعدتين الأولى بمنطقة الجورة بشمال سيناء، والثانية بشرم الشيخ بجنوب سيناء إضافة إلى مراكز مراقبة على الحدود الشرقية بالمنطقة الفاصلة (ج بسيناء- ود بالجانب الآخر).

يناط بهذه القوات مسئولية متابعة الالتزام بتنفيذ الاتفاقية والملاحق والبروتوكولات الموقعة، والالتزام بحجم القوات المقرر بالنطاقات الجغرافية، وتقوم بدوريات جوية وعمليات برية للتأكد من عدم المخالفة، وتتدخل فى حالة حدوث أى انتهاك للمعاهدة، ومشاركة ممثلى طرفى المعاهدة بمكاتب الاتصال، ويستمر العمل دون تحديد إطار زمنى لانتهاء عملها.

وبالتالى فهى تختلف عن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التى تصدر بموجب قرار من مجلس الأمن، وتعمل وفقا لأهداف المنظمة الأممية وميثاقها فى حفظ السلم والأمن الدوليين، وحماية المدنيين والمرأة والطفل والالتزام بسيادة القانون وحقوق الإنسان وتسوية النزاعات فى مناطق ما بعد الصراع.. الخ

وتنظم الأمم المتحدة عمليات حفظ السلام وفقا لتنظيم وتجهيزات خاصة سواء كانت تشكيلات عسكرية متخصصة أو وحدات شرطية أو مراقبين، ويتم الإحلال وتمديد المهمة أو انتهائها بقرار من مجلس الأمن. الأمر الذى لا يتبع بالنسبة للقوات متعددة الجنسيات بسيناء التى تم تكوينها بموجب اتفاقية السلام، ولا تخضع هذه القوات لعمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة أو ميزانيتها أو إدارتها.

إن مبادئ السياسة المصرية التى تكررها القيادة السياسية علنا تقضى بالالتزام بنهج السلام مع جميع دول العالم، وعدم التدخل فى شئون الغير، والالتزام بكل الاتفاقيات الدولية، بما لا يخل بحقها وسيادتها وأمنها القومى، وحقها فى متابعة التزام القوات متعددة الجنسيات الموجودة على الأراضى المصرية بالقوانين والأعراف السائدة، وعدم الخروج عن دورها المناط بها، والتعاون معها لتنفيذ مهامها وفقا لذلك.

أما بخصوص التصريحات بشأن تقليص حجم مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية أو طرح فكرة أو نية انسحابها لأسباب مالية أو سياسية أو أى أسباب أخرى، فيتعين دراستها قبل تسريبها ومراجعة الموقف القانونى والالتزامات المقررة باتفاقية السلام الموقعة عليها، ونعتقد أن هذا الأمر هو ما دعا وزارة الخارجية الأمريكية لمعارضته.

فى كافة الأحوال يمكن تقليص حجم المشاركة الأمريكية لعدم النص على حد أدنى أو نسب المشاركة بهذه القوات وذلك تنسيقا مع الدول المشاركة فى هذه القوات، وأطراف عملية السلام.

قد تكون الإدارة الأمريكية فى حاجة لإعادة النظر والمواءمة بين هذه الرؤى ومصالحها الاستراتيجية بالمنطقة بشكل عام.

إن تواجد القوات متعددة الجنسيات فى سيناء قد يساهم ويعاون الأطراف فى كشف أى عدائيات محتملة من تنظيمات أو جماعات إرهابية انطلاقا من الأراضى المصرية أو العكس، وعلى جانب آخر قد يكون تقليص المشاركة الأمريكية فى القوات متعددة الجنسيات فى سيناء رسالة خاطئة للتكفيريين مفادها أنه انسحاب أمريكى.