د. شوقى علام فى حوار لـ«الفجر»: المتوفى بفيروس كورونا فى حكم الشهيد ولا يجوز لأى إنسان أن يحرم أخاه من حق الدفن

العدد الأسبوعي

الدكتور شوقى علام
الدكتور شوقى علام


46 % من الأسئلة التى تأتى لدار الإفتاء فى الطلاق

صلاة التراويح فى البيت جائزة بإجماع الأئمة


قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن ما نمر به فى رمضان هذا العام ظرف خاص لم نمر به من قبل، ومن الطبيعى أن يشعر الإنسان بالحزن لافتقاده الصلاة فى المساجد. وأضاف «علام « فى حواره لـ «الفجر» أن صلاة التراويح فى البيت جائزة باتفاق الفقهاء، مؤكدا أن الدار ستعمل خلال شهر رمضان المبارك هذا العام وفق استراتيجية تتواءم مع الوضع الراهن.. وإلى نص الحوار :
■ بداية ما طقوس فضيلة المفتى فى شهر رمضان المبارك؟ وماذا ينصح الشعب لاغتنامه فى ظل ما يعانيه العالم من انتشار «كورونا»؟

- شهر رمضان فرصة عظيمة للتقرب إلى الله والاستفادة بكل دقيقة فى اليوم فى طاعة أو ذكر أو علم أو عمل نافع.

وأنصح الناس فى شهر رمضان أن يغتنموا هذا الشهر الكريم الذى يتضاعف فيه الثواب، وتفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النيران وتعلو فيه الهمم فيكون ذلك سببًا فى تحصيل ثمرة الصيام وهى التقوى.

■ كيف يستطيع الناس قضاء الفروض والنوافل بالمنازل مع اختفاء الأجواء الرمضانية؟

- صلاة التراويح فى البيت جائزة باتفاق الفقهاء، وقد صلاها النبى «صلى الله عليه وآله وسلم» بمنزله، وأداء صلاة التراويح بالمسجد فى ظل ما نمر به من ظروف هو مطلب شرعى وهو الأفضل هذه الأيام التزامًا بالقرارات الوقائية الصادرة من أجل ذلك.

■ هل فيروس كورونا عقاب أو ابتلاء؟ وهل يختلف الحكم باختلاف المجتمع الذى حل به؟

_ على الإنسان أن يتعامل مع الابتلاءات بيقين فى الله عز وجل وثبات، مع الأخذ بالأسباب التى أتيحت لنا للتعامل مع الابتلاءات، فنزول البلاء هو سنة كونية يختبر الله بها عباده، ولا يرتبط ذلك بكونه عقابًا للمبتلى أو لا، فحتى الرسل وأهل الإيمان قد يبتليهم الله سبحانه وتعالى، وقد أخبرنا النبى «صلى الله عليه وآله وسلم» أن «أشد الناس بلاءً الأنبياء»، فقد يكون الابتلاء عقابًا وقد يكون كذلك علامة على حب الله للعبد، لأن الصبر على البلاء يرفع درجة العبد عند الله.

ولا يختلف الحكم فى الابتلاءات من مجتمع لآخر فكل مجتمع فيه الصالح والطالح، والمحسن والمسيئ، فعلينا أن نأخذ بأسباب رفع البلاء وهى منها أسباب دينية وأسباب دنيوية، أما الدينية فالتوبة إلى الله عز وجل والاستغفار والدعاء، أما الأسباب الدنيوية فاللجوء إلى أهل الاختصاص والالتزام بنصائحهم وإرشاداتهم التى فيها النفع والحل بإذن الله.

■ ما الفتوى الشرعية لدفن ضحايا كورونا؟  

- يجب على من حضر من المسلمين وفاة شخص مصاب بكورونا أو غيرها وجوبًا كفائيًا أن يسارعوا بدفنه بالطريقة الشرعية المعهودة مع اتباع كافة الإجراءات والمعايير الصحية التى وضعتها الجهات المختصة لضمان أمن وسلامة المشرفين والحاضرين، وبما يضمن عدم انتشار الفيروس إلى منطقة الدفن والمناطق المجاورة.

ولا يجوز لأى إنسان أن يحرم أخاه الإنسان من هذا الحق الإلهي المتمثل فى الدفن الذى قال الله فيه (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) ولا يجوز بحال من الأحوال ارتكاب الأفعال المُشينة من التنمر الذى يعانى منه مرضى الكورونا، أو التجمهر الذى يعانى منه أهل الميت عند دفنه، ولا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية من الاعتراض على دفن شهداء فيروس كورونا التى لا تمت إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة.

وإذا كان المتوفى قد لقى ربه متأثرا بفيروس الكورونا فهو فى حكم الشهيد عند الله تعالى لما وجد من ألم وتعب ومعاناة حتى لقى الله تعالى صابرًا محتسبا، فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين الذى يواجهون الموت فى كل لحظة ويضحون براحتهم بل بأرواحهم من أجل سلامة ونجاة غيرهم، فالامتنان والاحترام والتوقير فى حقهم واجب والمسارعة بالتكريم لهم أوجب.

■ فيما يخص النزاعات الأسرية.. هل تواجد الأسر بالمنازل لفترات طويلة أدى لتفاقم المشكلات الأسرية؟

- على الأسرة المصرية أن تستغل هذه الفترة فى التقارب الأسرى وبناء أواصر المحبة، ولكن للأسف فى بعض الأحيان تكون هذه الظروف سببًا فى اشتعال الخلافات الزوجية، لذا ينبغى أن نعلم أننا جميعًا فى سفينة واحدة، وأن بعضنا قد يعانى ضغوطًا وظروفًا نفسية غير معتادة، فيحتاج كلٌّ منا إلى دعم الآخر ومساعدته حتى تمر هذه المرحلة بأمن وسلام.

وأوصى الأزواج بأن يقتدوا برسول الله «صلى الله عليه وسلم»، فقد سُئلت عَائِشَة مَا كَانَ النَّبِيُّ «صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» يَصْنَعُ فِى بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِى مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِى خِدْمَةَ أَهْلِهِ».، وأن يتدبروا قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}، وبقول سيدنا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم»: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، وقوله: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ»، وقوله: «أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خُلُقًا .. وخيارُكم خيارُكم لنسائِهم».

كما أوصى الزوجة والأم أن تكون مقتصدة مدبرة مراعية لظروف زوجها كما عهدناها دائمًا فى الشدائد، وليحب بعضنا بعضًا، وليرفق بعضنا ببعض، وليرحم بعضنا بعضًا، كما أوصانا رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» بقوله الشريف: «الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء».

■ هل زادت عدد الفتاوى التى تؤول لدار الإفتاء هذه الفترة عن السابق؟

دار الإفتاء تستقبل يوميًا حوالى 1200 سؤال بينها 300 سؤال مسجل، حيث تستقبل إدارات الدار المختلفة الفتاوى سواء الشفوية أو المكتوبة أو الهاتفية أو الإلكترونية، وقد تلقت الدار خلال العام الماضى عبر إداراتها المختلفة ما يقرب من مليون و100 ألف فتوى فى قضايا متنوعة.

وتصدرت فتاوى الطلاق، قائمة الفتاوى التى تلقتها الدار على مدار العام، بنسبة 46 % أى ما يعادل 507162 فتوى فى 2019، وجاءت المسائل المتنوعة فى المرتبة الثانية بنسبة 23% أى ما يعادل 253580فتوى، وجاءت المشكلات الاجتماعية فى المرتبة الثالثة بنسبة 10%، أى ما يعادل 110252 فتوى، وحلت قضايا المواريث فى المرتبة الرابعة بنسبة 9% أى ما يعادل 99227 فتوى، وأحكام الزواج فى الخامسة بنسبة 3% أى ما يعادل 33075 فتوى.