اليوم الـ 11 من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1441هـ

أبراج

بوابة الفجر


 *الباب الأوّل (المُصنّفَات العلميّة فى مُشكلات الأحلام)

**المسائل التى يُثيرها البحث العلمى فى ظواهر الحلم يُمكن تبويبها فى الفصول التالية....
7-نظريّات الحلم ووظيفة الحُلم.
8-العلاقة بين الحلم والأمراض العقليّة.

7-نظريّات الحلم و وظيفة الحلم:
الكتابة عن الحلم تهدف إلى تعليله وتفسيره  من خلال وجهة نظر "نظرية" يستند إليها المٌفسّر ، وأقدم تلك النظريات تلك التى تنص على أن الأحلام رسائل من العالم الغيبى ، لكن منذ أن صار الحلم موضوع بحث علمى فقد ظهرت العديد من النظريات لكن الكثير منها فى غاية النقص ، ويُجمل فُرويد تلك النظريات فى ثلاث نظريّات رئيسيّة..

أ-نظريّات تترك النشاط النفسى يستمر كله فى الحلم ، مثل نظرية دلبوف وتنص على أن حالة النفس تظل هى نفسها عندما تنتقل من اليقظة للنوم لكن مع تفاوت واختلاف فى الدرجة والحدّة ، والسؤال الذى يطرحه فرويد كانتقاد لتلك النظرية ، "هل تستطيع أن تعرف كل الفروق القائمة بين الحلم وبين التفكير المُستيقظ؟ ثم أنك لا تعرف وظيفة الحلم لماذا نحلم؟ لماذا يستمر الجهاز النفسى فى العمل حتى بعد إنتقاله من اليقظة للنوم ؟

ب-نظرية أخرى عكس السابقة وتفترض نقصاً فى النشاط النفسى عنما ينتقل الإنسان من اليقظة للنوم وأن الأحلام وقتها لا تكون مُعبّرة عن حالة الإنسان النفسية ، كانتقاد لتلك النظرية فإن فرويد يقول أن إعتبار نقص أو توقف النشاط النفسى للإنسان عندما ينتقل للنوم يجعل من الحلم مُجرد خلل عقلى ، فتلك النظرية تشرح حالة النوم بأنها دخول خلايا المخ فى حالة من السبات بينما تعمل قليل من تلك الخلايا المخيّة بشكل جزئى لذلك يكون الحلم همجياً غير مُرتب ، وشيئاً فشيئاً تبدأ بقيّة خلايا المخ فى النشاط حتى يستيقظ الإنسان تماماً ، لكن بذلك تكون النظرية قد إستهانت بالنشاط النفسى للإنسان وقت النوم وعدم إعتبار وظيفة أو أهمية للأحلام ، فالأحلام طبقاً لتلك النظرية هى "نتاج الفكر الضّال من غير هدف ولا إتجاه" ، ويتوقف الحلم على مُجرّد تعاقب الذكريات التى تكون مُشتدّة أو خافتة على حسب قوّة مايمحوه النوم من نشاط المخ وقت النوم.

ج-المجموعة الثالثة من النظريات تفسّر أن النشاط النفسى يكون له قدرة على نشاط مُعيّن وقت النوم فى الحلم لايكون لهذا النشاط أيّة قدرة وقت اليقظة أو يكون نشاطاً ناقصاً جداً ،وأن تلك القدرات النفسيّة تنشط وقت النوم وتُعطى للحلم وظيفة ، وفى تلك النظرية الثالثة يكون الحلم نشاط النفس الطبيعى دون أن تقيّده طغيان الفردية أو الشعور بالذات ، ويُضيف الكاتب بورداخ بأن وظيفة الحلم وقتها يكون بمثابة إنطلاق للنفس من تحرّر الرّشد إلى مرح الطفولة ، فالنفس وقتها تعالج الحزن بالفرح والهم بالأمل والكراهية بالحب والخوف بالشجاعة والثقة وتُهدئ حالة الشك باليقين ، وكثير من جراح اليقظة فى النهار يداويها الليل فى الحلم ، ولاشك فى أننا نشعر أن للنوم فعله الطّيّب على كلٍ منا.
وتلك القدرة النفسية طبقاً للنظرية الثالثة وطبقاً لرأى الكاتب شرنر تظهر فى القدرة على التعبير ، فالنائم يكون مسلوب القدرة على لغة التصوّر لتعطل نشاط المنطق فتبدأ النفس فى التعبير من خلال تصاوير ورموز وتلك الرموز أو التصاوير فى الحلم فى رأى شرنر تكون مصدرها الحالة الجسميّة للحالم ، فقد يرى من يُعانى الصداع بأن سقف غرفته مليئى بالأتربة والعناكب ، ومن يُعانى من ألم الرئتيْن قد يرى فرناً مُشتعلاً ومن يُعانى آلام المثانة قد يرى أكياس مُستديرة ، لكن إن كان بالإمكان ربط الحلم بالحالة الجسميّة فقط ونفى أى مضمون نفسى للحلم فلماذا إذاً كل هذا التعب لتفسير الأحلام ؟ وعليه فإن فرويد يرفض نظرية شرنر تماماً.

*المصدر: كتاب تفسير الأحلام لسيجموند فرويد ، تحت إشراف الدكتور مُصطفى زيور 1969.