اليوم العاشِر من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1441هـ

أبراج

اليوم العاشِر من
اليوم العاشِر من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1441هـ



*الباب الأوّل (المُصنّفَات العلميّة فى مُشكلات الأحلام)

**المسائل التى يُثيرها البحث العلمى فى ظواهر الحلم يُمكن تبويبها فى الفصول التالية....
6-الحاسّة الخُلُقيّة فى الحلم.
7-نظريّات الحلم ووظيفة الحُلم.
8-العلاقة بين الحلم والأمراض العقليّة.

6-الحاسّة الخُلقِيّة فى الحلم:
يثور سؤال مُهم ، هل تنتقل الأخلاق مع الحالم إلى حلمه فيكون بنفس أخلاقه فى يقظته ؟ أم أنه يكون مُجرّداً من كل الأخلاق والقِيَم الفاضلة التى يتمتّع بها فى يقظته ؟ وكالمعتاد فقد إنقسمت الآراء إلى قسمين أحدهما يقول بأن الحالم يفقد كل أخلاقه وقِيَمه أثناء دخوله مرحلة الأحلام فيكون بإمكانه إرتكام جرائم كالسرقة والإنفلات خصوصاً فى الجانب الجنسى فالحالم تغيب عنه كل قطرة من حياء أو خجل أو إى شعور بالإحترام أو الشفقة تجاه الآخرين  ، وعلى النقيض فالقسم الآخر يُشدّد على أن الحالم يحمل معه أخلاقه حتى فى أحلامه فيقول شوبنهاور أن كل مايتكلم أو يتصرف به الحالم فى حلمه يتفق مع طبعه وأخلاقه تمام الإتفاق ، ويُؤكد فيشى أن الأحلام هى مرايا تعكس الخواص الخُلُقِيّة للناس.

ويقول هافنر بأن الفاضل يبقى فاضلاً فى حلمه فيقاوم إغراء الخطأ وينأى بنفسه عن الكراهية والحسد والغضب ، وهيلد برانت له قاعدة ثابتة بأنه بقدر طهارة الحياة فى اليقظة تكون طهارة الحلم ، وبقدر دنسها يكون دنسه ، غير أن كلا الفريقيْن يبدأ تمسكه فى رأيه بالتذبذب عندما يرى الحالم الفاضل حلما يتصرف فيه تصرفات تُناقض طبيعته الفاضلة والعكس ، فلايوجد أحدٌ منا يُمكن ان يُجزم تمام الجزم إن كان خيّراً أم شريراً وما من أحدٍ منّا أن يُنكر أنه يذكر أحلاماً له تُنافى الأخلاق ، فكلا الفريقيْن يبنيان حكمهما على الحلم على أساس أصل الحياة النفسيّة للحالم ، لكنهما يتجاهلان العلل الجسميّة للحالم والتى قد تُؤثر فى الحلم ، ويرد هافنر بأننا غير مسئولين عن أحلامنا لأن مبدأىْ الإرادة  والفكر قد تعطّلا عند دخولنا فى النوم وبالتالى فقد إرتفعت قدرتنا على التمييز بين الفضيلة والرذيلة ، إلا أن فرويد يُؤكد أن الإنسان مسئول عن أحلامه الآثمة ولو بشكل غير مباشر.

ويعبّر هيلد برانت عن رأيه فى مزيج من القبول والرفض للرأييْن  بأننا غير مسئولين عن أحلامنا بقوله بأننا نستعمل العبارة الشائعة "أنا لم يكن يخطر لى هذا الفعل ولو فى أحلامى" ونقصد بذلك أننا نعتبر الحلم أقصى وآخر منطقة يُمكن أن نُسأل فيها عن أفكارنا ، غير أننا فى نفس الوقت من المستحيل أن نحلم بشيئ لم نتعرّض له بالتفكير فى يقظتنا فى صورة رغبة أو شهوة أو إندفاع ، وأن الحلم لم يخرج من الفراغ لكنه فكرة أو رغبة مررنا بها فى يقظتنا وكبّرها الحلم ، فمن يُبغض شخصاً فى اليقظة قد يرى فى الحلم بأنه يقتله ، ويُكمل برانت بأن النفس أمّارة بالسوء هى التى تجعل من القديسين والأتقياء يندمون على خطاياهم التى لم يرتكبونها ولعلها تلك الأفعال والرغائب الشريرة التى تُحدّثت بها نفوسهم.

غير أن فرويد يعتبر أن الحلم يكشف أغوار النفس الحقيقيّة وغرائزه الدفينة أو "طبيعته البدائيّة" والتى تظهر أثناء الحلم أو فترة هلاوس الحُمّى ، فعند النوم تتعطل المقدرة على "الكف" أو إيقاف ميولنا الغريزية التى قد تُعارض الفضيلة فإذا نمنا ظهرت الغريزة الدفينة التى حاولنا قمعها أثناء اليقظة على شكل حلم ، وبالتالى فالحلم يكشف طبيعة النفس الحقيقيّة على حقيقتها من وجهة نظره.

*المصدر: كتاب تفسير الأحلام لسيجموند فرويد ، تحت إشراف الدكتور مُصطفى زيور 1969.