د. حسن أبو طالب يكتب: "كورونا من البلكونة"!

مقالات الرأي

بوابة الفجر


لم أكن أتخيل أن الفكرة ستروق لي.. وأنا أتابع إحدى صفحات «الفيس بوك» التي يتجاوز عدد مشتركيها مئة ألف..والتي قد دعاني إلى الانضمام إليها أحد الشباب المصريالواعد.ولا أستطيع أن أخفي اندهاشي من أن الصفحة التي تحمل اسما ساخرًا «كورونا من البلكونة»يصدر عنها الكثير من المنشورات التوعوية، وعلى رأسها تقرير يومي يتضمن آخر الإحصاءات المتعلقة بمستجدات مرض «كوفيد 19» في مصر.. إلا أن التقرير يقدم هذه المعلومات على لسان فيروس «كورونا» نفسه، وكأنه يحدّثك مباشرة، وبطريقة ظريفة لا تخلو من خفة ظل شبابية.

فإذا كنت ممن يحرصون على متابعة عدد «الأشخاص المتعافين» من الكورونا يوميًا، وعدد الأشخاص «المصابين» حديثًا بالفيروس، فأنت أمام أحد خيارين: إما متابعة التقرير اليومي الصادر عن السلطات الصحية الرسمية في إطار لا يغيب عنه الجدية، أو مطالعة البيانات نفسها في تقرير تلك الصفحة، ولكن تحت عناوين مرحة مثل «عدد اللي غفلوني وحولوني من إيجابي لسلبي» و«عدد اللي دخلت جواهم»... وهكذا. وفي القلب من ذلك، يتصدر كل المنشورات الصادرة عن الصفحة هاشتاج #خليك_في_البيت_أحسنلك. هكذا تتجلى الفكرة بوضوح ! الشباب لديه لغته وأسلوبه اللذين قد يختلفان عن لغة وأسلوب الكبار، ولكن أبداً لا يغيب عنهمالاهتمام بقضايا مجتمعهم وشئونه، بل ويلعبون دورًا فاعلاً ومؤثراً لا يقل أهمية عن دور الآخرين وقت الأزمات. 

نحن جميعًا في أمس الحاجة إلى أن نتعلم كيف نحتوي الشباب، ونستفيد من طاقاتهم، ولن يتسنى لنا القيام بذلك، إلا بتقبّل اختلاف طرق تعبير الشباب، وتباين مفراداتهم، وتعدد أنماط مظهرهم. فعلى كل أبٍ أن يدرك أن أولاده قد خُلقوا لزمن غير زمانه، ولا يعيبهم مطلقًا اختلافهم عنه، ما دامت أفعالهم بنائة، وأهدافهم مفيدة، وأحلامهم مشروعة، وسلوكياتهم مقبولة.

تكاد تذهب كل المنظمات الدولية إلى الإقرار بأن طريقة مخاطبة الشباب، بالشكل والأسلوب المفضلين لديهم، وباستخدام ما يلائم أفكارهم من قنوات اتصال، وتقنيات، يحقق التفاعل المرجو بين أوساط الشباب ومحدثيهم. لذا نتطلع أن يقود القائمون على شئون الشباب، في بلادنا العربية،كل مكونات مجتمعاتنا، أباءً وأمهات، مدرسين ومدرسات، جهات حكومية ومنظمات مدنية، نحو صياغة مبادرة عامة يتم من خلالها ابتكار خطاب تربوي حديث، يجسد آمال الشباب وتطلعاتهم، ويبتعد عن الطرق التقليدية في التواصل معهم، والتي قد ثبت ضعف تأثيرها على جموعهم. ومن المؤكد أن هذا الخطاب المدروس وآلياته التنفيذية على الأرض ستمنع انحراف شبابنا، وستحول بينهم وبين انجرافهم نحو تيارات الفساد، أو جماعات الظلام.