سيناء طريق الأنبياء.. أرض تحدث عنها العالم وقدستها الأديان

أخبار مصر

ارشيفية
ارشيفية


سيناء بقعة طاهرة مباركة منذ نشأتها وحتى الآن، وهي خالدة الذكر، وكل كتب تاريخ العالم تعرفها أكثر من أي مكان في العالم، وكل شبر منها مشى فيه نبي أو ولي أو قضى فيه شهيد، ويكفي سيناء شرفًا أنها البقعة الوحيدة في الأرض التي تجلى الله عليها بالبقعة المباركة، وأقسم بها الله تعالى في سورة التين والزيتون فقال "والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين"، وطور سيناء هو جبل الطور المعروف. 

يقول مجدي شاكر كبير أثريين، ذُكرت سيناء في جميع الكتب السماوية كلها فقد ورد ذكرها في سفر الخروج وفي كتابات المسيحيين الأوائل وفي القرآن الكريم وردت إشارات ترفعها لدرجة القداسة ففيها الوادي المقدس طوى الذي أقسم به الله أكثر من مرة وأدخلها الله في قسمه العزيز في سورة التين وسورة المؤمنون (الآية ٢٠). 

أما جبل طور سيناء ذلك المكان المقدس فقد ذكره الله في القرآن إحدى عشر مرة وهو تكريم لم تحظ به أي بقعة على سطح الأرض حيث حدثت فيه أن رفعه الله فوق بني إسرائيل عندما جادلوا سيدنا موسى عليه السلام وعاندوه وظل الجبل فوقهم كأنه سحابة ينتظر أوامر الله لينطبق عليهم، وتلقى عنده موسى ألواح الشريعة وسمى بجبل الطور وجبل موسى والشريعة وحوريب والأقرب جبل سربال. 

وأضاف شاكر، وفي سيناء المكان الذي كلم الله فيه موسى وتلقى عنده ألواح الشريعة والمكان الذي انفجرت فيه اثنتى عشر عينا، والمكان الذي دك الله فيه الجبل فخر موسى صعقًا، وربما المكان انشق فيه البحر لموسى وقومه، وبها كثير من الأماكن تحمل أسماء من قصة موسى عليه السلام وفرعون مثل "عيون موسى، حمام فرعون، هضبة التيه، جبل المناجاة، الوادي المقدس طوى". 
سيناء في مصر القديمة 

وتابع شاكر، سيناء قديمًا اسمها مشتق من اسم إله القمر البابلي "سين" الذي عمت عبادته في فلسطين وغرب أسيا والإله صفدو الذي وجد اسمه منقوشًا على أحجار معبد سرابيط الخادم في جنوب سيناء وعبدت فيها الربة حتحور ربة الفيروز والجمال حيث أقيم لها معبد في منطقة سرابيط الخادم وهي ربة الفيروز حيث كانت سيناء مصدر لمعدن النحاس والملخيت والفيروز في جنوب سيناء. 

المصري منذ وجوده على هذه الأرض أدرك أهمية حدود بلاده، فمصر هي الدولة الوحيدة التي لم تتغير حدودها منذ نشأتها وأدرك أن تأمينها مهمة مقدسة، خاصة بعد تجربة غزو الهكسوس فأقام حائط الأمير امتد حتى رفح وجعل له بوابات للتحكم وتأمين الداخلين وذكر اسم الحائط في بردية سنوهي. 

مكانتها الروحية 

وتابع شاكر أن سيناء سار بها أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة، وعبرها يوسف الصديق ثم أبيه يعقوب وأخوته أثناء دخولهم لمصر وعبرها واستقر بها موسى الكليم وبني إسرائيل، وعبرتها العائلة المقدسة في طريق هروبها إلى مصر من هيردوس الحاكم اليهودي الروماني، واحتمى بها المسيحيين الأوائل في عصور الاضطهاد. 

وعندما دخل سيدنا إبراهيم والسيدة سارة لمصر تم سؤاله ومن معه وعين محافظًا للصحراء الشرقية وتم تشييد مجموعة من الحصون والقلاع على طول حدودها لمنع دخول البدو مثل قلعة حبوة وثارو وقلاع عدة على طول طريق حورس وكانت سيناء نقطة انطلاق لتكوين الإمبراطورية بعصر الدولة الحديثة. 

وعبرها عمرو بن العاص والجيوش الإسلامية عند الفتح الإسلامي لمصر وأفريقيا، وكذا هي الطريق الذي سلكه صلاح الدين الأيوبي لطرد الصلبين من سوريا وفلسطين، كما شهدت قدوم احفاد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حيث استقر بعضهم ودفن في مصر وكانت طريقا للحج طوال أربعة قرون. 

وأضاف مجدي شاكر كبير أثريين، في سيناء ثلاثة طرق دينية هامة لو استغلت لكانت مصدر هام للدخل، أولها طريق خروج بني إسرائيل حيث يوجد جبل موسى حوريب أو سيناء، وجبل سوربال وهو المكان الذي تلقى فيه موسى كلمة الله، وكذلك جبل الشريعة الذي اختبأ ولجأ إليه بعد خروجه من مصر "جبل موسى أو جبل سربال أو جبل هلال" وهي منطقة كلها مقدسة بجانب منطقة التيه "عين القديرات" جنوب شرق رفح وشرق جبل هلال يتفق انها منطقة التيه وتم الإشارة إليها في التوارة باسم قادش بارني وقيل أن القبائل الاثنتي عشر نصبت خيامها فيها مع موسى عليه السلام.

وتقع المرحلة الرابعة والأخيرة من رحلة خروج بني إسرائيل والتي تشمل جبل الشريعة وشجرة العليقة المقدسة التي ناجى موسى عندها ربه وقيل إنه حدث في شهر أبريل بعد أن خرج من الشرقية (قنطير) شمال فاقوس الى تل دفنه ثم تل الحير قرب القنطرة ثم صحراء التيه وادى فيران -جبل سوربال -جبل موسى وكلها أماكن في سيناء. 

وكذلك طريق هروب العائلة المقدسة لمصر اختارت السيدة العذراء طريق غير مألوف وفي بداية نشأة المسيحية لجأ إليها كثير من المسحيين المضطهدين حيث نشأت حركة الرهبنة واستوطن بها نساك بداية القرن الثاني الميلادي ولكنها انتظمت في القرن الرابع حيث بنت القديسة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين كنيسة عند الشجرة المقدسة عند دير سانت كاترين عرفت باسم العذراء مريم عام ٣٤٢م. 

وكان مهمة الرهبان الأوائل البحث عن طريق الخروج وحنينهم إلى الاستيطان في الأرض المقدسة في العهد القديم ثم بنى الإمبراطور جستنيان كنيسة ودير ولم تسم سانت كاترين إلا عام ٦٠٠م نسبة لأسطورة الفتاة السكندرية التي آمنت بالمسيحية وقتلها الإمبراطور الروماني ونقلت جثتها للكنيسة في سيناء وصار هذا الدير ومحلقاته من أهم وأقدس وأشهر الأديرة في مصر والعالم وبداخله جامع الأمر بأحكام الله. 

وفي عام 2017 تم اكتشاف أقدم نسخة معروفة من الإنجيل باللغة السريانية في دير سانت كاترين تعود لأواخر القرن الخامس الميلادي وبداية القرن السادس الميلادي والذي اشتهر باسم "مخطوط بالمسست"، وفي الدير نسخة من العهدة النبوية "الأصل أخذه السلطان سليم الأول لتركيا" وهي أول وثيقة تضع نظام لحرية الإدارة الكنسية بكل أنواعها. 

طريق الحج والمحمل 

وفي العصر الإسلامي استخدم بها طريق الحج منذ أن سافرت شجر الدر مع قافلة الحجاج إلى مكة عام ١٢٤٨م، ثم بدأ الملك الظاهر بيبرس إرسال المحمل مع الحجاج ثم اعتنى قنصوه الغوري بتمهيد هذا الطريق وبنى قلعة بها وكان عدد الحجاج الذين كانوا يعبرون هذا الطريق يصل لثلاثمائة ألف حاج ثم بنى صلاح الدين الأيوبي قلعة بجزيرة فرعون لحماية الطرق البرية وتأمين بلاد الحجاز والحجاج، فسيناء كانت وستظل مجمع للأديان وبها أقدس بقاع العالم.