منال لاشين تكتب: أسرار وفضائح من داخل دهاليز البنوك.. عودة الصراع الخفي بين الكبار

مقالات الرأي



إتش إس بى تروّج لبيع "القاهرة": المركزى بيتدخل فى الجنيه

تغييرات البنوك فى سبتمبر بين المكائد والأحلام

من يتصور أن وباء كورونا احتل الاهتمام الأول والأخير، أو أنه صرف بعض الناس عن أحلامهم، أو بالأحرى مكائدهم وصراعاتهم، فهو واهم بدرجة امتياز، ففى قمة الهرم بأية مهنة أو قطاع لا ينتهى الصراع إلا بنهاية الشخص نفسه، لأن الطموحات تصبح أكبر والجائزة أو بالأحرى الكعكة تكون أضخم وألذ وأشهى وأحلى من أن تزهدها النفس البشرية حتى فى وجود المخاطر، بالعكس فإن وباء كورونا ربما أفسد أو أجّل بعض التغييرات والمكائد والطموحات، فلو استمر كورونا لنهاية هذا العام فربما أفسد الكثير من الخطط التى أعدت بعناية قبل ظهوره.

1- صراع الكبار

من المؤلم أن نضيف لكورونا خطيئة أخرى، ونتصور أن الأعصاب المضغوطة وراء تفجر أو بالأحرى عودة الصراع السرى فى قطاع البنوك، فقد انتهى شهر العسل القصير بين بعض الكبار فى السوق حتى قبل وصول وباء كورونا لمصر، بدأت المخاوف تطل مرة أخرى من مذبحة قلعة جديدة قد تطيح ببعض الأسماء الكبيرة جدا فى عالم البنوك، والكل فى انتظار ممزوج بالفضول الحذر من التطبيق الفعلى لهذه التغييرات على أرض الواقع. البعض يتوقع أن تصل هذه التغييرات إلى قيادات بنوك خاصة ولا تقتصر على البنوك العامة فقط، وأن ينتهى العام الحالى 2020 بخريطة جديدة أو شبه جديدة يختفى منها نجوم لمعوا لسنوات طويلة ماضية، ولا شك أن كورونا أو توابعه قطعت الطريق على كل الأطراف، فالحظر واختفاء سهرات رمضان الجماعية أو الخاصة قطع الطريق أمام تصفية الأجواء أو بالأحرى النفوس، وتقريب وجهات النظر والاعتذارات، ولكنه لم يقطع الطريق بالطبع على الزيارات المنزلية المسائية وأثناء إجازة الويك إند، فالجو الهادئ والسرى فى الوقت نفسه يسمح بحرية الكلام والتخطيط بعيدا عن العيون، ولكن تعمل إيه فى ألسنة البعض، فعلى الرغم من سرية التخطيط، إلا أن الفرحة كانت أكبر من أحد أطراف المخطط. الرجل رئيس بنك وشهرته «أبونسب» ويتباهى فى كل مكان بأنه موضع ثقة المحافظ، وأنه دائم التردد عليه، بالطبع لا أستطيع أنا جزم بأن الرجل على حق، وإن كان الآن يبدو واثق الخطى يمشى ملكا مزهوا، وعلى الرغم من الامتيازات التى يغدقها على كبار موظفى البنك، إلا أنه يؤكد أن رئاسته أو رحلته مع هذا البنك ستنتهى قريبا، وأن أمامه اختيارات كثيرة ما بين بنوك خاصة وعامة مثل بنكى الأهلى والقاهرة، وأنه اختار أو اختير له البنك الأهلى أكبر البنوك المصرية، بحسب تسريبات هذا الرجل المقرب فرئيس البنك الأهلى الحالى هشام عكاشة سيذهب إلى منصب أكبر وأهم. إزاى مفيش أكبر من البنك الأهلى إلا البنك المركزى، هنا يسارع الرجل بأن المنصب المقصود هو تكريم لهشام عكاشة على إنجازاته الكثيرة، المثير أن هشام عكاشة وإن كان يستحق التكريم، إلا أنه لم يصل لسن حفلات الاعتزال، فهو لم يبلغ الخمسين عاما بعد، ولا يزال أمامه الكثير من العطاء فى البنك الأهلى، خاصة أن الرجل لم يدخل صراعات على منصب المحافظ أو أى منصب آخر، بالطبع المقصود هو إبعاد هشام عكاشة من الأهلى لصالح رئيس البنك المقرب، والمكان المرشح له عكاشة يفتح بابا جديدا لمؤامرة جديدة من «أبونسب».

وبالطبع اهتمامى بالنشر فى هذه القضية ليس من باب النميمة الصحفية لا سمح الله، ولكن لكى أحذر من نفاذ المخطط، فقد استقرت الأحوال فى البنك الأهلى تماما، وأصبح كل العاملين بالبنك يعتبرون هشام ابن البنك ونتائج البنك مذهلة، فعلى الرغم من تحمل البنك أعباء كثيرة وطنية واقتصادية إلا أنه يحقق أعلى الأرباح، ولذلك أرجو من صاحب القرار التجديد لهشام عكاشة وسؤاله شخصيا عن رغبته فى التكريم المبكر، وعلى فكرة أنا أقصد رئيس مجلس الوزراء على الأقل.

2- فضيحة إتش إس بى

الاهتمام بالشهادات والتقارير الدولية عادة حكومية أصيلة لا تخص محافظ البنك المركزى وحده، فكل المسئولين يترقبون تقارير المؤسسات المالية والدولية كشهادة على حُسن أدائهم وصحة مسارهم، ولكن أحيانا تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن، وتأتى التقارير بما يدين المسئولين، وهذا يظهر الحل السهل. أصحاب التقارير إخوان وخونة أو أن المنظمة التى أعدت التقرير ممولة من أعداء الوطن، ولا يسلم الصحفيون والإعلاميون من هذه التصنيفات، فعلى سبيل المثال عندما تنشر تقرير مؤسسة «ستاندر آندبوز» فأنت صحفى صالح لأن التقرير متفائل بقدرة الاقتصاد المصرى على عبور الأزمات والنمو ، أما لو نشرت تقرير شركة الأبحاث (كابيتال ايكونوميكس) فأنت فى نظر المسئولين إعلامى ضال لأنه تقرير سلبى عن السياسة النقدية فى مصر.

وقد اعتدت ألا أعطى كل التقارير الدولية وزنا كبيرا سواء فى الإشادة أو الإساءة، وسواء كانت التقارير إيجابية أو سلبية، والتعامل معها كقرآن وليس أدلة دامغة، ويؤكد ذلك تضارب التقارير مع بعضها واحتمالية التدخل فى هذه التقارير.

لكننى توقفت أمام تقرير مؤسسة «إتش إس بى» لسبب آخر، التقرير من النوع السلبى فيما يتصل بصراع الجنيه أمام الدولار، ولكنه يحمل مؤشرات إيجابية، كمثال فرغم انخفاض الاحتياطى الأجنبى إلا أنه لا يزال يكفى نحو سبعة أشهر من الواردات، مثال آخر أنه يوجد ما بين 10 إلى 12 مليار دولار من رأس المال الأجنبى فى الأصول بالعملة المحلية.

ولكن يشير إلى توقعات بأن ضعف العملة بشكل ثابت وذلك بعد انحصار الصدمة الأولية بكورونا، والأهم بعد تراجع تدخل البنك المركزى، ويكمل التقرير فى كلمات حذره قائلا: «إذا لم يكن الأمر كذلك فإن أسئلتنا حول مرونة نظام الصرف الأجنبى ستزداد، كما سيزداد قلقنا من أن التردد فى السماح للجنيه المصرى بالتكيف على المدى القصير يترك العملة عرضة لانخفاض أكثر اضطرابا على المدى الطويل مع زيادة الاختلالات والتراجع المستمر فى الاصول الاحتياطية».

ترجمة كل هذه المصطلحات واللف والدوران أن إتش إس بى خائفة من تدخل المركزى لحماية الجنيه من الانخفاض أمام الدولار، وتحذر من أن استمرار هذا الأمر له عواقب وخيمة على المدى البعيد.

كل ده على خطورته مش جديد، وفى تقارير أخرى تحدثت فى هذا الأمر، ولكن الغريب والمثير والمستفز فعلا هو أن يصدر هذا الكلام عن إتش إس بى تحديدا، لأن إتش إس بى تم اختيارها مؤخرا للترويج والتسويق لحصة مهمة من بنك القاهرة، ولذلك اندهشت جدا من هذا التقرير، فكيف سيروج أو يسوق أو تكون إتش إس بى مستشار بيع حصة من بنك مصرى، ثم يصدر هذا التقرير السخيف والمقلق للمستثمر الأجنبى، وبالطبع لا أدعو إلى التدخل فى تقارير وآراء وتحليلات محللى وباحثى إتش إس بى، ولكن إذا كانت هذه رؤية محللى المؤسسة للوضع المالى فى مصر على المدى البعيد، فأعتقد أننا بحاجة إلى مؤسسة أخرى تتولى عملية مستشار البيع بالنسبة لصفقة مهمة مثل بنك القاهرة، والمؤسسات كثيرة وأكثر من الهم على القلب، ولكن لا معنى للإصرار على استمرار التعاون مع على هذه المؤسسة التى ترسم بتقريرها صورة أقل ما توصف به أنها ضبابية وتشاؤمية.

3- أرباح البنوك للبنوك

وبعيدا عن دوشة التقارير، فالخبر المفرح للبنوك أو بالأحرى البنوك العامة هو استمرار سياسة الحكومة تجاه أرباحها، فعلى الرغم من توابع أزمة كورونا والآثار السلبية لها. إلا أن القرار النهائى هو استمرار احتفاظ البنوك العامة الكبرى بأرباحها، وعدم تحويلها للخزانة العامة، وذلك لاستمرار تقوية الملاءة المالية لهذه البنوك، وضمان استمرار قوة هذه البنوك وقدرتها على قيادة القطاع المصرفى من ناحية، وتدعيم الاقتصاد من ناحية أخرى، وكان بعض النواب قد اقترحوا تحويل أرباح البنوك والمؤسسات العامة إلى خزانة الدولة هذا العام للتغلب على الأزمة الاقتصادية وعجز الموازنة المتوقعين جراء وباء كورونا.