عذاب العزيز الهاشمي يكتب: "وباء كورونا.. صحوة ضمير"

ركن القراء

الدكتور عذاب العزيز
الدكتور عذاب العزيز الهاشمي



وباء «كورونا»، جاء ليذكرنا بقيمة الإنسان والعدل والمساواة؛بغض النظر عن الجنس،العرق، اللغة أو الدين، كما جاء ليختبر الدول الكبرى في مدى قدرتها على التغير في مبادئ الدمار والقتل، ويوضح الفجوة المتزايدة بين الاحتياجات الإنسانية والموارد المتاحة.

فالواقع يقول: أن التحديات الناجمة عن قطاع الصحة تمثل تهديدات غير تقليدية وكبيرة لأمن الدول الفقيرة، لأنها تحصد أرواح أفراد نتيجة انعدام التغطية الصحية، ولا يجب أن نتوهم بأن البلدان الفقيرة ستكون قادرة على الوقوف في وجه الوباء بمفردها؛ بل إنها ستزيد من انتشار الوباء عالميًّا في ظل غياب رؤية إستراتيجية عالمية قائمة على مبادئ حقوق الإنسان بالبقاء.

مرّ على الوباء حوالي أربعة أشهر، ومع هذا لم يُناقش الموضوع في مجلس الأمن الدولي، حتىهذه اللحظة! لأمر بسيط، وهو أن رئاسة المجلس لشهر مارس، من نصيب الصين، والتي لم تطرح الموضوع على أعضاء المجلس ولم تقبل حتى بمناقشته في جلسة مغلقة (قبل إغلاق مبنى الأمم المتحدة)، بناءً على اقتراح قدمته إحدى الدول الأعضاء "غير دائمة العضوية". 

فالصين لم تجد هناك ضرورة لبحث الموضوع؛بل ولم تعتبره تهديدا للسلام والأمن الدوليين، وعندما سئُل السفير الصيني"زانغ جون"، إذا ما كان المجلس سيبحث مسألة الخطر الذي يمثله وباء كورونا، قال: ”إن أعضاء مجلس الأمن يشعرون بشكل عام أن ليس هناك ضرورة للرعب في هذه الفترة، وسيراقبون الوضع، كوفيد-19 ليس مطروحًا على جدول أعمال المجلس لشهر مارس“. 

وعندما سُئل عن تفسير ذلك قال:” إن الفيروس يقع ضمن مظلة قضايا الصحة العامة العالمية وليس تحت مظلة مجلس الأمن المهتم بالمسائل الجيوسياسية“.

ولنقارن بين موقف مجلس الأمن في مواجهة كورونا وموقفه في مواجهة مرض إيبولا عام 2014م،فوقتها اجتمع مجلس الأمن يوم 18 سبتمبر 2014م، واستمع إلى كلمة من الأمين العام"بان كي مون"، ومِن منسق الأمم المتحدة لمكافحة وباء إيبولا، "ديفدنابارو"، الذي عينه الأمين العام فور انتشار خبر الوباء.

وبالنظر لوباء إيبولا الذي انتشر على مدى سنتين بشكل أساسي في ثلاث دول إفريقية وهي غينيا، وسيراليون، وليبيريا، فلم تتغير أنماط الحياة في بقية البلدان،مع الأخذ في الاعتبار بأن عدد الإصابات وصل نحو 28.000 حالة وعدد الوفيات بلغ 11.310، ومع هذا اعتبر أنه يهدد السلم والأمن الدوليين.

 أما عن عدد إصابات كورونا،فحتىوقتنا هذا وصل إلى 570.000 حالة في 196 دولة، وبلغ عدد الوفيات 26.500، ولكنهلا يهدد السلم والأمن الدوليين حسبما رأى السفير الصيني.

وتُركت الصين لمصيرها، والتي أخفت الجزء الأكبر من المعلومات، وبدأت الحديث عن الوباء في يناير الماضي، بعد أكثر من شهر من بداية انتشار الفيروس.

الصحوة المتأخرة
كل شيء بدأ يتغير في نهاية مارس الماضي، بعد أن بدأ الوباء يحصد المئات في الدول المتقدمة، وبدأ نحو الدول النامية، إلى أن وصل دول العالم تقريبًا، بما في ذلك قطاع غزة الذي كنا نظنه حصنا ضد الوباء، بسبب الحصار والحظر الذي يخصع له لأكثر من 13 عامًا.

لقد آن الأوان أن يستخلص سكان الأرض، خاصة الدول المتطورة، الدروس للتكيف مع شروط المحافظة على طبيعة آمنة، لبقاء الإنسان والضمير الإنساني حي في القلوب بعيدًا عن الحروب، والخداع السياسي، والتآمر على الشعوب واستنزاف ثرواتها؛ لعلها صحوة ضمير يا قادة العالم!