إيمان كمال تكتب: فريد شوقي.. الملك الذى يستحق الاحتفاء

مقالات الرأي



الوصول للنجومية والشهرة قد يكون سهلا أحيانا لكن صناعة تاريخ فنى طويل يمتد لسنوات وسنوات ليس بالأمر الهين، فهى المعادلة الصعبة جدا وهى المعيار الذى يغربل الفنان الحقيقى من الساعين نحو الشهرة والثراء أيضا.

فى 2020 فعاليات عديدة تحتفى بمرور مائة عام على ميلاد وحش الشاشة والنجم الكبير فريد شوقى، وهو ما أسعدنى كثيرا لإنصاف الفنان «المؤسسة» فهو الممثل والمنتج والكاتب والمصنع الذى أخرج العديد من الوجوه الجديدة أيضا والمهموم بالقضايا الإنسانية المختلفة.

فى الأربعينيات من القرن الماضى تخصص فريد شوقى فى أدوار الشرير فى العديد من الأفلام وأشهرها بكل تأكيد أدواره فى أفلام أنور وجدى، هذه النوعية كان من الممكن أن يظل فريد شوقى محبوسا فيها خاصة أن ملامحه الشكلية والجسدية قد تحصره فيها، لكنه قرر أن يصنع لنفسه تاريخا فنيا مختلفا ومتنوعا وثريا بدأه منذ الخمسينيات وهى الفترة التى قدم فيها «الفتوة» بتنوع الدور واختلاف قصصه وحكاياته.

ولم يغفل فريد شوقى القضايا المجتمعية حوله ففى فيلمه «جعلونى مجرما» والذى قدمه فى هذه المرحلة استطاع فريد بأن يغير القانون بإلغاء السابقة الأولى من الصحيفة الجنائية ليفتح الباب لمن يريدون بدء حياة جديدة غير موصومة، وهى ليست المرة الوحيدة فى تاريخه السينمائى ففيلمه «كلمة شرف» أيضا كان له الفضل فى تغيير قانون السجون والسماح للسجين بزيارة عائلته تحت ضوابط معينة.

الواقعية أيضا ميزت أفلام وحش الشاشة مثل «الفتوة» والذى جاء إلى السوق بحثا عن لقمة العيش ليصبح بعدها هو الفتوة على الغلابة.

وفى الوقت الذى استطاع فيه أن يتصدر البطولات فأصبح ملك الترسو والبطل الشعبى لدور العرض إلا أن فريد شوقى امتلك ذكاء الاختيار فى أعمال بطولة مشتركة مثل تقديمه لشخصية «حسن» فى بداية ونهاية للأديب نجيب محفوظ والمخرج صلاح أبو سيف، وأيضا «وا إسلاماه» وباب الحديد مع يوسف شاهين، هذا الذكاء هو الذى جعل فريد شوقى يدرك فى السبعينيات قيمة التغيير فى الوقت المناسب بعد ظهور جيل جديد من الشباب وقتها مثل نور الشريف وعادل إمام ومحمود عبدالعزيز فاستطاع فريد شوقى أن يحافظ على نجوميته وأن يحتوى النجوم الشباب فى هذه المرحلة وحتى فى المراحل المتتالية حتى آخر أعماله فى التسعينيات مع أحمد زكى قدم سعد اليتيم والليلة الموعودة ومع محمود عبدالعزيز قدم إعدام ميت  ومع عادل إمام قدم الغول.

ولم يبتعد فريد شوقى أيضا عن الأعمال الكوميدية فى أفلام يا رب ولد ورجل فقد عقله وكثير من الأعمال التى ميزته بخفة الدم بالرغم من أنه لم يكن متخصصا فى اللون الكوميدى لكنه قدمه ببراعة سواء على الشاشة وحتى على خشبة المسرح.

الحقيقة أن فريد شوقى الفنان الذى أحب الفن وأعطاه الكثير من موهبته وماله وعقله وكرس له حياته حتى رحل عن عالمنا، كما أعطاه الفن النجاح والنجومية والخلود وحب لا ينتهى فى قلوب جماهيره، وهو الملك الحقيقى الذى يستحق الاحتفاء به كل عام.