د. بهاء حلمي يكتب: الجمعيات الخيرية.. وتمويل الإرهاب

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


كشفت مرحلة ما بعد يناير 2011 عن آلاف الجمعيات والمنظمات المدنية التى تعمل فى مصر تحت ستار العمل الخيرى والإنسانى سواء كان بغرض رفع المعاناة عن البسطاء، أو الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير عن الرأى، أو فى مجال تدريب وتأهيل بعض الشباب على كيفية توجيه وإدارة التجمعات والحشود للمطالبة بالحرية والديمقراطية تحت شعار «التغيير السلمى وسياسة اللاعنف».

ورأينا الهلع الذى أصاب العديد من المنظمات الدولية المدعومة من حكومات الدول الغربية عند إحالة قضية التمويل الأجنبى للجمعيات إلى القضاء المصرى.

وتكرر الحال عند صدور قانون وطنى ينظم أطر عمل الجمعيات الأهلية، ويضع ضوابط خاصة بالحوكمة والشفافية والإفصاح عن تلقى الأموال، وبيان أوجه الصرف ومجالاته.

وذلك فى ضوء ما كشفت عنه التحقيقات من حصول بعض هذه الجمعيات على مبالغ مالية تزيد على مليارى دولار، مما جعل كثيرا من المحامين والإعلاميين والشباب الذين أطلق عليهم –نشطاء- أن يتركوا وظائفهم ليلتحقوا بمجالس إدارات هذه الجمعيات، وتصدر الصورة بالقنوات الفضائية لتنفيذ أجندات خاصة وفاء لما يتقاضونه من دولارات.

وعلى جانب آخر أظهرت التحقيقات فى كثير من الوقائع سواء فى مصر أو بريطانيا أو فرنسا وغيرها، عن الدور الخفى للجمعيات الخيرية فى دعم وتمويل الإرهاب، وعلى رأسها مؤسسة قطر الخيرية التى مولت الجماعة الإرهابية فى تركيا وأوروبا.

وقد أوضح الكتاب الفرنسى «وثائق قطر» الذى أعده الكاتبان الصحفيان جورج مالبيرو، وكريستين شينو دور الجمعيات الخيرية القطرية فى تمويل الإرهاب بأوروبا خاصة فى إيطاليا وفرنسا وبلجيكا وإسبانبا وألمانيا والسويد والنرويج وبريطانيا وصربيا بجانب دورها فى تسليم مليارات الدولارات إلى التنظيمات الإرهابية بالعراق وسوريا تحت مسمى صفقات الإفراج عن المختطفين.

إن الدافع وراء تناولنا هذا الموضوع هو توعية أهلنا من المصريين حسنى النية من التبرع لجمعيات خيرية دون أن يعلموا عنها شيئا، فلابد من الحصول على إيصال بالتبرع والتأكد من توجيهه وفق نية المتبرع.

إن المواطن المصرى هو حائط الصد الأول بالوعى الوطنى والثقافى والوقائى من الجرائم والأمراض ايضا، صحيح هناك دور مهم تضطلع به أجهزة المعلومات.

ولكن يقع علينا عبء المعرفة بالمقصود بتمويل الإرهاب، وهل هو التمويل يكون بالأموال فقط، وما واجبنا الوطنى الدستورى الأخلاقى فى مكافحة الفساد والإرهاب.

فقد قرر الدستور التزام الدولة بمكافحة الفساد والحفاظ على المال العام، إضافة إلى التزام الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وتعقب مصادر تمويله.

وبما أن الدولة تقوم على ثلاثة أركان هى (الشعب وأرض «الإقليم» والسلطة) مما يعنى أن مكافحة الفساد وتمويل الإرهاب هو التزام دستورى وأخلاقى على كل مواطن.

كما أن هذا الواجب الوطنى يحتم علينا أن نعرف الجهة التى نتبرع إليها، ومدى التزامها بالقانون، مع بيان مجالات العمل مثل الجمعيات التى تساهم فى تأثيث المساكن للمواطنين، أو التى تقوم بسقف البيوت فى القرى الأكثر احتياجا والأكثر فقرا.

إذا كان حب العطاء سمة طيبة بين المصريين، فهناك مسئولية تحتم علينا التأكد من عدم وصول هذه التبرعات إلى التنظيمات الإرهابية أو إلى الإرهابيين.

فقد أوضح المشرع المصرى أن تمويل الإرهاب هو «كل تجمع أو تلقى أو حيازة أو إمداد أو نقل أو توفير أموال أو أسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو بيانات أو معلومات أو مواد أوغيرها، بشكل مباشر أو غير مباشر، وبأى وسيلة كانت بما فيها الشكل الرقمى أو الإلكترونى، وذلك بقصد استعمالها فى ذلك، أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابى أو اكثر، أو لمن يقم بتمويله بأى من الطرق المتقدم ذكرها».

وعرفت محكمة النقض المصرية تمويل الإرهاب بأنه: تقديم أموال بأى وسيلة أو توفيرها لإرهابى أو لعمل إرهابى أو لجمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة إرهابية، بطريق مباشر أو غير مباشر، أو لاستخدام هذه الأموال، أو بقصد استخدامها فى ارتكاب أعمال إرهابية، مع العلم بذلك.

وهنا يأتى دور كل مواطن فى مكافحة الفساد وتمويل الإرهاب، فمعا للأمام.