عبدالحفيظ سعد يكتب: "فيروس الغل" يمنع المصريين من دخول قطر

مقالات الرأي



قرار الدوحة يلازمه استهداف للعمال المصريين فيها بوقف التأشيرات وعدم تجديد العقود

تتبدل أحوال السياسة، وتتغير قرارات الدول، وفقا لمصالحها وتحالفاتها وتوجهاته، لكن تظل العلاقة بين الشعوب ثابتة وراسخة، لا تتغير أو تمس، ولا تخضع لحسابات السياسة والخلافات بين الدول، خاصة تلك العلاقة التى تجمع المصريين بأشقائهم العرب، الشركاء فى الدم، والثقافة واللغة والهم الواحد، تتقارب أكثر لدرجة تكاد أن تصل لعلاقة الأخ بشقيقه، تجده يقف معك فى كرب، يحزن لحزنك ويفرح لفرحك، تتجلى هذه الصورة فيما يجمع المصريين، بإخوانهم من الخليج للمحيط.

هذه الصورة لـ«مصر» و«المصريين»، رسمتها كلمات المواطن الإماراتى أحمد الخطيبى الفلاسى، والذى كان شاهداً على قيام اتحاد الإمارات منذ نصف قرن، وعمل كسفير خاص وناقل رسائل الشيخ زايد آل نهيان، لدى جمال عبدالناصر، وجامعة الدول العربية.

وأثناء التسجيل مع «الفلاسى» الرجل السبعينى النبيل، وهو يسرد ذكرياته مع قيام اتحاد دولته، لاحظ المصور أنه يتكلم بالعامية المصرية، فقاطعه الشاب الفلسطينى، بملاحظة أن لهجته مصرية ونحن نتحدث عن حدث إماراتى، فاعتذر «الفلاسى»، قائلا له «يا ابنى مصر دى فى قلبى، وهى عزنا، عشت فيها وتعلمت لم أشعر لحظة أننى خارج بلدى وبين أهلى، تركتها من سنين، لكن بمجرد لما أشوف مصرى يتبدل لسانى»..

تذكرت كلمات الرجل الإماراتى، بمجرد أن تأكد الخبر عن قرار حكومة قطر، بمنع دخول المصريين لأراضيها، بحجة انتشار فيروس «كورونا». القرار العجيب والذى لم تتخذه دولة غير قطر تجاه المصريين، والذى لا يحل سوى علامات الاستفهام، خاصة أن مصر، طبقا للأرقام الرسمية والمدعومة من منظمة الصحة العالمية لم تسجل سوى حالات لا تعد على أصابع اليد حتى تاريخه، بينما على ضفة الخليج العربى من الناحية الأخرى، فى إيران تأتى أرقام الإصابات بصورة مرعبة، لدرجة أنها تحتل المرتبة الثالثة فى تسجيل الإصابات والوفيات بعد الصين وكوريا الجنوبية، بل إن غالبية الحالات التى اكتشفت فى دول الخليج ، كانت قادمة من طهران. لكن الحكومة القطرية، لم تتخذ مثل هذا الإجراء ضد إيران، رغم أنها تعلم وتدرك أين مصدر الخطورة عليها من فيروس كورونا، لذلك يأتى قرارها باستهداف المصريين، ليعكس حالة انتقال الغل أو الخلاف السياسى، ليؤثر على مصالح الناس.

ومن هنا تأتى أغراض الحكومة القطرية وتصفية خصومات السياسة مع مصر كدولة فى استهداف المصريين الذين يعيشون فى قطر برقم يصل إلى 300 ألف من العمالة التى تعيش وتعمل فيها، تبحث عن فرصة عمل، مثل مئات الآلاف من المصريين فى دول الخليج أو فى بلاد الدنيا الواسعة، حتى يتمكنوا من أن يغيروا حياتهم ويحققوا ما يطمحون لهم.

بمجرد أن صدر القرار القطرى الرسمى من الحكومة القطرية، والذى ربما لا يعكس حقيقة ما يضمره الشعب القطرى من حب لمصر، لكن القرار الحكومة القطرية والتى لا يسيطر عليها سوى الكره والغل للمصريين، أحدث دربكة وأثار تخوفات لدى هؤلاء «الشقيانين» من العمال، باعتبار أنه يقيد حركتهم فى الذهاب والعودة إلى مصر، لأنه يمنع أى مصرى قادم من بلده من دخول الدوحة، وهو ما ظهر على الجروبات التى تعبر عن الجالية المصرية فى قطر.

ويظهر هنا أن قطر- الحكومة- تريد أن تعاقب العمال المصريين لديها كمكايدة سياسية، خاصة أنه طبقا لما هو وارد من بيانات ومعلومات فإن التوجيهات غير المباشرة من الحكومة بالتضييق على العمالة المصرية، سواء فى منع أو تعطيل منحهم التأشيرات، والعمل على استهداف العمالة بـ «التنفيش»، والعمل على وقف تجديد عقودهم عندما تنتهى أعمالهم، ليس لأسباب تتعلق بصالح العمل، بل لأسباب تتعلق بمصالح العمل والهوى والغرض السياسى، فى خلافاتها مع الحكومة المصرية، فى استهداف العمالة، رغم أن قطر تتمسك فى الحفاظ على أرضها ممن يصفون كإرهابيين ولا يخفون دعهم لأفكارهم لا لشىء سوا أنه ضد النظام المصرى، ويرددو ما تمليه عليه الدوحة وحلفاؤها فى أى استهداف يمس مصر. لذلك يعكس قرار الحكومة القطرية، بمنع دخول المصريين حتى من العاملين والمستقرين فيها، بسبب فيروس كورونا، كيف وصل توجه قادة الدوحة التى يسيطر عليها المكايدة والغل السياسى، فى استهداف مصر، حتى لو مس ذلك المصريين الذين يعيشون ويعملون فيها، ولم يسجلوا أى خروقات لقانون دولتهم الصغيرة.

وتعمل الحكومة القطرية ذلك وهى تدرك أن القرار يضر الشعب المصرى، ولم لا فمن يدعم تلك الأفكار سواء بالمال أو المأوى، أو حتى التنظيم فى أن تمارس الإرهاب على أرضك، وتقتل أبناءك، وتسعى لتدمير اقتصادك، هذه اليد لا تتورع أن تستهدف «قوت» الشقيانين، هؤلاء الذين لا يحملون أى ضغينة أو كره لأحد، دفعهم طموحهم أن يغيروا حياتهم، بطلب العمل والمال فى الحلال، بينما نفس الحكومة تحتضن وترعى من تجد فيهم من يرضى أن يحقق أطماعها، ويخوض المعارك لصالحها كـ«مرتزقة» ضد أوطانهم.

قد يفرح حكام ومستشارو السوء فى قطر والمصابون بفيروس الغل والكره، بالتضييق على المصريين وتحركهم فى دولتهم، بحجة «الكورونا»، بينما يفتحون أبوابهم لمن يحمل لهم المرض، ولكنهم لا يدركون أنهم يناصبون العداء للشعب، لمائة مليون مصرى.