ليس كل أبيض جميل.. عمال محاجر المنيا يتحدون قسوة الشتاء من أجل الرزق (صور)

محافظات

بوابة الفجر


"المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" تلك الكلمات التي يتودع بها عامل المحاجر بالمنيا أسرته قبل الخروج من المنزل مع بزوغ الفجر تركًا خلفه أسرة تتساقط قلوبهم من الخوف من عدم رجوع عائل الأسرة هكذا يبدأ يوم عامل المحاجر بالمنيا. 

وبدون الدخول في مقدمات فعندما تدق عقارب الساعة الخامسة صباحًا تجد عمال يتسلقون عربيات نصف نقل مرتدين النظارات والأوشحة الواقية حول وجوههم فتتخيل للوهلة الأولى بان هؤلاء هم اسريا حروب ولكن في الحقيقة هؤلاء العمال متوجهين إلى أحد محاجر المنيا من أجل بداية عملهم اليومي لتقطيع البلوك الأبيض الذي يستخدم في البناء. 

وبعد مرور جزء من الوقت مع وصولك إلى المحاجر تجد أصوات مرتفعة جدًا بسبب محركات الكهرباء البدائية والآلات المستخدمة للحفر داخل الجبل ومعها يبدأ العمال عملهم اليومي أسفل تلك الآلات داعين المولى أن يرحمهم من شرها. 

الحياة أعلى الآلات لا تختلف كثير في الصعوبة عن أسفلهم فأشعة الشمس الحارة تستقبلهم في فصل الصيف أمام البرد والصقيع فنصيبهم في فصل الشتاء فالعمل داخل المحاجر لا يفرق بين كبير وصغير فأطفال المدارس الذين لا يتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة يتركون دراستهم بسبب الظروف المعيشية الصعبة متجهين للعمل في المحاجر. 

العمال داخل المحاجر لا يتعاملون بالأصوات بسبب أصوات الآلات المرتفعة بل يتعملون بلغة الإشارة حيث لكل آلة لغة أشارة معينة يتعاملون به مع بعضهم.

الظروف القاسية لا تتوقف على تقلبات الجو فحسب بل أن الآلات التي يستخدمونها تشكل الخطر الأكبر فالعمال أثناء تقطيع البلوك بالماكينات قد يتشتت تركيزه لوهلة فتضيع قدم أو ساق من ساقي أو نتيجة للأتربة المتصاعدة التي تحجب الرؤية أمام عمال الآلات الكهربية فالحال لا يختلف كثير عن عمال التقطيع فالصعقة الكهربائية دائما في انتظارهم لكي تفقدهم حياتهم كما أن خارج تلك الآلات فهناك الديناميت الذى يحاصرهم في جميع الاتجاهات الذي يستخدم لتفتيت المحاجر أمام الجانب الطبي فحدث ولا حرج فالوصول إلى أقرب نقطة إسعاف قد يتعدى 20 كيلو متر. 

وفى نهاية اليوم مع انتهاء فترة العمل داخل المحاجر يعود العامل إلى المنزل أما مبتور أحد أطرافه أو عائد على ظهر أما الناجون من الموت أسفل المحاجر فحياتهم لا تستمر طويلا فالأمراض السرطانية والتحجر الرئوي وحساسية الصدر، في انتظارهم بسبب الأتربة البيضاء فالموت داخل محاجر المنيا لا يفرق بين كبير وصغير هكذا هي حياة عامل المحاجر المنيا.

ويناشد عمال محاجر المنيا بضرورة توفير تأمين صحي فضلا عن توفير معاش تكافل وكرامة لكل أسرة وتعويض الأسرة التي فقدت احد أبنائها أو تعرض لبتر أحد أطرافه بسبب العمل داخل المحاجر.