"الفجر" ترصد حكايات سبنسة قطار الغلابة بالمنيا (فيديو)

محافظات

بوابة الفجر


مع بزوغ الشمس، وعلى رصيف الإنتظار بمحطة المنيا، ينتظر مسافرون عدة، فور رؤيتهم تستطيع أن تحدد نوع القطارات التي ينتظره كل منهم من يرتدي ملابس منسقة والأكثر منهم يرتدون ملابس بسيطة تعكس مدى العناء والمشقة أو كما نطلق عليهم "الناس الغلابة"، وبين هذا وذاك تنطلق صافرة الإنذار لتنبئهم عن قدوم قطار على رصيف المحطة.

الطبيعي والمعتدات يأتي القطار المكيف قبل قدوم القطارات المميزة على رصيف السكة الحديد، لينطق ذوات الملابس المهندمة ليستقلون المكيف وتبقي أرصفة المحطة مليئة بأصحاب بالعمم ذات الجلباب البسيط في إنتظار "قطار الغلابة".

وبدون أي مقدمات تجد معظمهم ينقسمون إلى قسمين قسم يتجة في نهاية المحطة والباقي يستعدون لإستقبال القطار القادم من الوجه القبلى، وتعلن صافرة المحطة عن قدوم القطار المميز أو مايطلق علية قطار الركاب.

هنا يحمل كل منهم حقائبه ويرفع درجة الاستعداد لمواجهة المتسابقون على القطار، المقعد أو الوقوف خلف باب القطار المغلق هدفًا ساميًا لهم، وفي الناحية الأخرى يتسابق آخرين في الدخول إلى السبنسة تلك العربة الكائنة خلف جرار القطار، في ذالك الوقت أيقنا لماذا أتجه جزء منهم المسافرين في نهاية المحطة ليلحقوا بالسبنسة.

من لم يعرف السبنسة هي عبارة عن عربة كائنة خلف جرار القطار أنشأت خصيصًا لحمل البضائع فقط لا غير، إلا أن البسطاء من أهل الصعيد استغلوا تلك العربة هربًا من سعر التذكرة داخل القطار المميز أو الركاب حتى لو كان بسيطًا.

فإذا صادفك الحظ السيء وكنت أحد من مستقلي السبنسة ستجد المنظر كما سنرويه لك عزيزي القارئ.

ستجد أناس كثيرون معظمهم من كبار السن لم تجد مكانًا لكي تجلس به نظرًا لعدم وجود مقاعد داخل السبنسة، لم تجد وسط البسطاء من يرتدي ملابس منسقة على الإطلاق، ولكن معظمهم من مرتدي الجلباب البسيط تصحب ذاك الجلباب عمه من القماش تحمي رأسة من برد الشتاء يلتحفون بملفحة حول عنقهم في اعتقاد منهم انها ستحميهم من سقيع السبنسة.

الازدحام داخل السبنسة التي لا تتعدى أمتار بسيطة من الممكن أن تحميك من سقيع الجو التي ستشعر به داخل ذاك المكان الأشبه بالثلاجة... حقًا أمرا مؤسفا يعيشونه البسطاء في صعيد مصر من مستقلي عربات البضائع.

لم تتحمل الوضع كثيرًا داخل السبنسة، شئت أم أبيت ستخرج منها بقوة الدفع في أقرب محطة قادمة، ولم تجد أمامك سوى عربات القطار، هنا ستقرر أن تستقلها وبالعين المجردة ترى إجراء مقاعد القطار التي طالما تراكم عليها تلال من المسافرين.

وبعد ثواني معدودة ستشعر ببرودة الجو، ففور ذاك الشعور ستخطف أنظار النوافذ المهشمة والأبواب المفتوحة على مصراعيها يلفحك البرد من جميع الجوانب، فلا مفر منه اليوم.

«شاي.. صميت.. جبنة.. جنبك يا بية.. إيدك يا حاج.. عديني يا استاذ»، تلك نماذج من الكلمات التي تتهادى إلى مسامعك بين حين لآخر حتى تنتهي من رحلتك.

وتحظف مسامعك همهمة امرأة بسيطة تهمس في اُذن زوجها تقول لة "خلي بالك من المحفظة هو انت كل مرة تتسرق منك هو احنا متبهدلين في السفر ليه مش علشان نوفر".

وبين حديث تلك السيدة تسمع مشادة كلامية وألفاظ نابية وبين شد وجذب على المقاعد "يا راجل انت نايم بقالك ساعتين ومرتاح وإحنا واقفين حرام عليك خلينا نرتاح زيك شوية انا واقف من سوهاج للمنيا وانت مرتاح".

وقبل أن تصل إلى حد الاشتباك يتدخل الركاب لتهدئة الموقف وأحيانًا تصل لحد الاشتباك بالفعل ويسود الهرج والمرج وترتسم علامات الرعب على وجوه الركاب.

تلك بعض السيناريوهات التي تحدث داخل قطارات الغلابة في الصعيد عامة والمنيا خاصة، في رحلة قد تتعدى 5 ساعات كاملة حتى يصل مستقليها من المنيا إلى محطة القاهرة.