"الفجر" تخوض مغامرة فى عالم "الدولار الأسود"

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


تهريب العملة الأمريكية المخفية بطلاء أسود عبر الحدود.. والاتفاق على صفقات النصب بالمقاهي وجروبات "فيسبوك"


الدولار الأمريكى أكبر من مجرد عملة لدولة تمثل أكبر اقتصاد فى العالم، إذ تحول إلى سلعة تباع وتشترى ولحساسيتها يتم تهريبها بين الدول ويخترع المهربون وسائل مبتكرة لنقلها تحت سمع وبصر ضباط مكافحة التهريب حول العالم. آخر وسائل تهريب الدولار، إخفاء ورقة الـ100 دولار تحت مادة شمعية سوداء.

وعندما تصل الدولارات المهربة يلجأ مستلم المبلغ لمحاولة «تبييض» الكمية بإزالة المادة الشمعية لتتحول الدولارات السوداء إلى أموال بالفعل، وهى عملية ليست سهلة أو بسيطة لأن المادة التى يمكنها إزالة الشمع الأسود غالية الثمن كما أن استخدامها يحتاج لمهارة خاصة وإلا تحول الدولار الأسود إلى ورقة لا تساوى شيئاً على الإطلاق، ولدقة هذه العملية يلجأ بعض المهربين إلى بيع الدولارات قبل إزالة الشمع ليصل سعر المليون دولار بدلاً من نحو 15.5 مليون جنيه حسب سعره فى البنوك وشركات الصرافة إلى مليون جنيه فقط.

ولكن بيع الدولار الأسود فتح المجال أمام عمليات النصب خصوصاً أنه لا يمكن اكتشاف حقيقة الشحنة إلا بعد فوات الأوان.

ومن يد إلى يد وعبر أكثر من وسيط تبدأ عمليات الترويج للدولارات السوداء ويتم تحديد الكمية والثمن المطلوب وتوضيح حالة الورقة مع إظهار عينة منها، وخلال الصفقة يظهر سوق «التبييض» وأبطاله دجالين يدعون قدرتهم السحرية على إزالة السواد بالتعازيم والاستعانة بالجن وكيميائيين يزعمون قدرتهم على تركيب المادة التى ستزيل الشمع الأسود.

دخلنا عالم الدولار الأسود من خلال أحد العاملين بمكتب صرافة عريق عرض على «الفجر» صورة لـ«ورقة سوداء» كعينة، ثم قادتنا الصدفة إلى الاقتراب من هذا العالم المخيف الذى يمكن أن تنتهى إحدى صفقاته بموت أحد الأطراف.

فى أحد المقاهى الشهيرة بمنطقة وسط البلد توقفت سيارات فارهة وهبط منها رجلان توجها إلى ثالث كان ينتظرهما وبعد تبادل حديث مقتضب حصل الأخير على ورقة سوداء بحجم الجنيه، ولكن صوت أحدهم كان واضحاً «هنديك المليون منهم بمليون جنيه بعد ما تكشف على العينة خلال يومين وترد علينا»، ورد الأخير: «أنا معايا اللى هيشيل بس يتأكد من الحاجة وهياخد كل اللى معاكم».

علمنا من بعض العاملين فى المقهى أن المقصود هو «الدولار الأسود» ولكن المعلومات المتاحة عبر موقع «فيسبوك» كانت أكثر ادهاشاً فهناك جروبات مخصصة لتجارة العملات الملغية تتضم منشورات كثيرة لعرض الدولار الأسود مثل «لدينا كمية كبيرة فئة الـ100 دولار أسود وأخضر ممكن تبييض أو سعر للبيع ممكن نبيع على كده بعد الاختبار على عينة ممكن تواصل» مع تفاعلات من الأعضاء.

تفاعلت «الفجر» مع أحد تلك العروض وتحدثنا مع البائع الذى قال إنه وسيط مباشر لمالك الدولار الأصلى، وسألناه عن كيفية التداول فشرح أننا نحصل على 3 ورقات عينة لاختبارها مقابل أن ندفع 50 جنيهاً وبعدها يتم التنفيذ من خلال إحضار ٧٠ ألف جنيه للحصول على ألف ورقة سوداء أى 100 ألف دولار، ويكون لقاء التبادل فى أحد الميادين العامة.

ولإثبات جديته أرسل الوسيط صورة لورقة سوداء وبعدها صورة لدولار متهالك عليه بقايا المادة السوداء موضحاً أن الصورتين لنفس الدولار ولكن قبل وبعد عملية التبييض التى يجيدها.

وتتم عمليات إزالة المادة السوداء بـ3 طرق حسب مصدر بأحد مكاتب الصرافة أكد لنا أن هناك بالفعل من يتمكن من استعادة الدولار ولكنه لا يتعامل بها مع أسواق الصرافة لأن ماكينات عد النقود الموجودة فيها لا تقبل العملة التى كانت سوداء.

تتم إزالة المادة السوداء بتعريض الدولار لمادة ssd التى تعمل على إزالة الطبقة السوداء، وغالباً ما تنجح هذه الطريقة، ويطلق الذين يستخدمونها على أنفسهم لقب «الدكتور»، وعادة ما يكون كيميائياً يستطيع تحضير المادة عن طريق خلط مواد وعناصر، ويوجد من أسس صفحة باسم «الدكتور لتبييض الدولار» ونشر صوراً وفيديوهات لاستخدامه الـssd ونجاحها فى عمليات التبييض.

أما الطريقة الثانية والثالثة فهى متشابهة ويروج لهما المشعوذون الذين يزعمون قدرتهم على تحضير الجان ليقوم بما تقوم به الكمياء ويقول «ممدوح.ع»، إنه حصل من خلال أحد أصدقائه على «دولار أسود» وذهب إلى «شيخ» يسكن فى منطقة عين شمس زعم أن لديه قدرة روحانية على «التبييض» لكنه اشترط الحصول على الدولارات من تاجر معين خوفاً من عمليات النصب وبالفعل بعد استخدام البخور وبعض التعاويذ أخرج ورقة دولار سليمة.

ولكن الأمر كان مجرد حيلة للنصب للإيقاع بالضحية لأنه انبهر بما شاهد واستدان بنحو 70 ألف جنيه واشترى ما كان من المفترض أن يكون 100 ألف ورقة دولار أسود وحدد الموعد مع «الشيخ» على أن يسلم الأوراق ويستلم بدلاً منها أموالاً حقيقية مع حضور جلسات التبييض الروحى ولكن الشيخ اختفى.

مصدر بإدارة الأموال العامة كشف أن معظم عمليات ترويج الدولار الأسود يديرها أفارقة متواجدون فى مصر تمكنت الإدارة من ضبط العديد منهم حيث يتم الاتفاق بينهم وبين الزبائن على الحصول على دفعة مقدمة ونسبة من المبالغ المبيضة تقدر بـ20 %، وكانت أشهر القضايا التى ضبطتها الإدارة العام الماضى، لأحد الأفارقة بمدية نصر وبحوزته حقيبة بداخلها 2100 ورقة سوداء اللون فى حجم المائة دولار، وزجاجة تحتوى على سائل وأخرى بها مسحوق «بيج» اللون مجهول هويتها، وورقة مالية من فئة مائة دولار «صحيحة» مغطاة بمادة سوداء.