"فاقد الشيء يعطيه".. حكاية أسماء عفيفي من رحلة معاناة في مرض صغيرها لأخصائية بارزة في الارشاد النفسي

تقارير وحوارات

أسماء عفيفي
أسماء عفيفي


خدعوك فقالوا "فاقد الشىء لا يعطيه"، فكثيرٍ منا قد يعاني من أزمات عدة ومن ضغوط نفسية لا تُحتمل، إلا أن بعد الاستفاقة منها ترق قلوبنا ونسعى جاهدين ألا يقع أحداً من البشر في هذه الأزمات التي تجرعنا مراراتها.

أسماء عفيفي، أخصائي الارشاد والدعم النفسي لمصابي السكري من الأطفال والمراهقين وذويهم، دفعتها إصابة نجلها بمرض السكر منذ بلوغه الرابعة من عمره، ومدى التأثير النفسي والعصبي التي تعرضت له خلال رحلة مرض مولودها الأول لدراسة واجراء المزيد من البحوث المختصة بالارشاد والدعم النفسي لمصابي السكري من الأطفال.

"الفجر" تواصل مع أسماء عفيفي، للكشف عن سر تميزها  ونجاحها المبهر في مجال الارشاد والدعم النفسي وقطعها أشواطاً كبيرةً في المجال خلال فترة وجيزة وزمن قياسي.

وقالت أسماء عفيفي في تصريحات خاصة:" الفكرة روادتني منذ 8 سنوات ماضية بعد فاجعة اصابة نجلي أحمد بالسكري، حيث قضيت شهوراً بل أعواماً عديدة تحت ضغوط نفسية رهيبة وأعباء مخيفة بسبب تلك الاصابة".


وأضافت:" نعاني دائماً في مجتعمنا العربية من التطفل على أمور الغير وتصدير البعض طاقات سلبية كبيرة على أهالي الأطفال المرضى، فكنت دائماً أستمع لجمل متكررة ممن يعلمون بإصابة نجلي أحمد مثل ( لما يكبر مش هيخف،، طيب دة هيتجوز إزاري لما يكبر،، وغيرها من التعبيرات السلبية التي تسببت في حالة نفسية سيئة لي ولإبني الصغير".

وواصلت عفيفي حدثها للفجر:" دائماً ما تربط مجتمعاتنا الإصابة بالسكري بمضاعفاته مثل بتر الأطراف وفقدان النظر، كذلك عدم القدرة على الزواج، ولكن جميعها أمور غير صحيحة على الاطلاق، فالوقاية أفضل من العلاج".

وأوضحت أخضائية الارشاد النفسي لمصابي السكري من الأطفال والمراهقين وذويهم:" لا أفضل اطلاق على السكري مرض بل هو إصابة، والمصاب به شخص طبيعي جداً، لا ينقصه سوى هرمون الانسولين الذي يتم إدخاله للجسم بشكل خارجي".

وعن أبرز الأسباب التي دفعتها لاتخاذ خطوات هامة في تخصصها الحالي:" عانيت الأمرين من فضول البعض ومن حالات الاحراج التي تعرضت لها برفقة نجلي عند قيامي بقياس سكر الدم له في مكان عام، أو تناوله بعض الأطعمة دون الأخرى، ولم أجد الداعم لي نفسياً في ذلك الوقت، ومنذ وقتها اتخذت قراراً بألا يقع أحداً في تلك الأزمة، واجتهدت كي أفيد كل طفل ومراهق  مصاب بالسكري وكل أب وأم يتعرضون لمثل هذه المواقف".

وأضافت:" قررت أن يعيش نجلي وسط أجواء صحية ممتازة، ودفعت به لتعلم وممارسة لعبة السباحة، عن قصد واهتمام كبير، كي يعي جيداً أنه طفلاً سوياً لا ينقصه شيئاً عن باقي الأطفال في عمره، وبالفعل أصبح أحمد ينافس أقرانه على الميداليات في جميع منافسات السباحة".

وعن سؤالها عن الفارق بين تخصصي الإرشاد والدعم النفسي والطب النفسي قالت أسماء عفيفي:" الخدمات واحدة وكل  من المجالين يعمل على مساعدة الأفراد في اجتياز وتخطي ازماتهم النفسية، ولكن الفارق في أن المرشد لا يستعين بالأدوية والعقاقير والمهدئات عكس الطبيب، كما يقوم المرشد النفسي بعقد الجلسات النفسية سواء الجماعية أو الفردية والتي تتضمن العديد من استيراجيات ناتجة عن نظريات مُثبتة علمياً، كما أن الطب النفسي يقوم بدور أشمل وأوسع من الارشاد كونه يتعامل مع الأمراض الشديدة التي تستلزم اللجوء إلى العقاقير مع تقديم الدعم النفسي لهم".

وتابعت:" تخصص الارشاد والنفسي ظهر في مصر ومجتمعاتنا العربية منذ قديم الأزل مع اختلاف تطور أدواره، ولكن بدأ الاقبال عليه والاستعانة به من قبل حالات كثيرة في السنوات القليلة الماضية، في ظل حالات التنمر والأعباء النفسية التب ضغط على مجتمعاتنا مؤخراً، فضلاً عن زيادة وعي وثقافة الأجيال الحالية من المراهقين وأولياء الأمور".

وأكملت عفيفي حديثها مؤكدةً أنها بدأت في تخصصها منذ ما يقارب من 3 سنوات ونصف ماضية، من خلال الحصول على دبلوم إرشاد ودعم نفسي خاص بالأطفال وذويهم،  وتلقي كورسات سيكولوجية الأطفال، والتدرج حتى الحصول على درجة مدرب معتمد من المجلس العربي للتدريب، وتسجيل ماجيستير عن الأفكار المغلوطة التي تؤثر سلباً على مصابي السكري من الأطففال وذويهم.

وأنهت حديثها مقدمةً العديد من الارشادات للأطفال المصابين بالسكري وذويهم:" نرفض مصطلح مرض والأفضل أن نطلق عليه إصابة، وعلينا ألا نلتفت للأراء والأفكار السلبية المدمرة التي نستمع لها من حين لاّخر وألا يتأثر بها الطفل أو والديه، وأن ندعم أبنائنا ونجلهم يعيشون في بيئة صحية وأن ندفعهم على ممارسة الرياضة بشتى أنواعها، حيث يكون لها عاملاً كبيراً في دعهم بشكل ممتاز على المستوى النفسي".