العالم يتألم من "زلزال كورونا"

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


العدد الورقي - مصطفى يسري - ميرفانا ماهر - رحاب عبد الله - رحاب جمعة

الاقتصاد العالمى سيتأثر سلباً والعملاق الصينى سيضار.. وجميع الدول خاسرة

مصر ستعانى نقصًا فى المواد الخام ومصانع مهددة بالتوقف حال اختفاء البديل

"الفجر" كانت شاهدًا على علاج أول مصاب مصرى من الفيروس

لا شىء أهم فى العالم حالياً سوى فيروس كورونا، القاتل الذى يخشى الجميع تحوله لوباء قادر على حصد أرواح الملايين لعدم التوصل لاكتشاف علاج له، ما يجعله أشد خطراً من جميع الحروب الجارية فى العالم.

الشىء الآخر الذى يجعل الفيروس خطراً ولو لم يتحول إلى وباء أنه أثر بالفعل فى الصين ثانى أكبر اقتصاد عالمى، إذ تحولت مدن تضم عشرات الملايين إلى مدن خالية من السكان وتوقفت المصانع عن العمل فى بؤرة ظهور الفيروس خوفاً من انتشار العدوى.

فى مصر، وعلى مستوى منع دخول الفيروس، تقف الدولة بانتباه شديد حتى لايستطيع هذا القاتل المتسلل الدخول إلى البلاد، خصوصاً أن الأسبوعين المقبلين شديدى الحساسية مع وصول المصريين الذين كانوا يعيشون فى الصين خصوصاً فى مدينة «ووهان» إلى الحجر الصحى الذى أعدته وزارة الصحة فى مدينة النجيلة بمحافظة مرسى مطروح، إذ إن فترة حضانة المرض تصل لـ14 يوماً، وخلال هذه الفترة لا شىء يضمن إصابة أحد المخالطين فى الحجر لمصاب محتمل كما أنه لا ضمان لانتقال العدوى إلى مصر.

الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، يتواصل على مدار الساعة مع الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، لمتابعة أمر الحجر الصحى، ويتلقى تقريراً يومياً من الوزيرة فى هذا الشأن، وحسب المستشار نادر سعد المتحدث الرسمى لمجلس الوزراء، تم تسليم جميع المواطنين الموجودين فى الحجر شرائح إلكترونية وهواتف للتواصل مع أسرهم، إذ إنه محظور التعامل معهم سوى للأطقم الطبية البالغ عدد أفرادها ١٤٠.

«سعد» أوضح أنه ثبت خلو الاثنين المصريين للذين احتجزتهما سلطات مدينة «ووهان» من الفيروس أنهما كانا يعانيان من إجهاد فقط، ويتم دراسة أمر إعادتهما من خلال إحدى الدول الشقيقة حال أرسلت طائرة لنقل مواطنيها من الصين، منبهاً إلى أن الـ41 مصرياً الذين رفضوا العودة ظروفهم وطبيعة عملهم تتطلب التواجد فى الصين ويتم متابعتهم بشكل دورى من خلال السفارة المصرية فى بكين.

على الصعيد الاقتصادى تسود حالة من الهلع المستثمرين والأسواق العالمية وحظر عدد كبير من الدول السفر من وإلى الصين خوفاً من تسلل الفيروس إليها وهى خسارة للطرفين.

لمعرفة حجم تأثير الأمراض المعدية على الاقتصاد العالمى يكفى أن نعرف أن الدراسات تقدر الخسائر السنوية الناتجة عن هذه الأمراض بـ500 مليار دولار سنوياً، لأن المرض يسبب تراجع الإنتاجية بجانب تكلفة العلاج التى تتحملها الموازنات العامة للدول ما يعنى تأثر نصيب الخدمات والاستثمار وغيرها من القطاعات، بجانب التأثير السلبى لهذه الأمراض على حركة السفر والتجارة، ومن المتوقع أن يزيد الرقم فى حال «كورونا».

يكفى العودة بالذاكرة إلى عام 2003، فعندما ظهر فيروس «سارس» فى الصين أيضاً تكبد الاقتصاد العالمى خسائر من 60 لـ80 مليار دولار.

وفيما يخص مصر فإن سفير الصين بالقاهرة، لياو لى تشيانغ، يؤكد عدم وجود إصابات بالفيروس بين الصينيين المقيمين بمصر، أو المصريين الموجودين فى الصين، وأن حركة نقل البضائع بين الموانئ الصينية والمصرية مستمرة بصورة طبيعية.

ورغم تأكيدات إبراهيم العربى، رئيس اتحاد الغرف التجارية، بعدم وجود تأثير سلبى لكورونا على الحركة التجارية بين البلدين، إلا أنه قال إن هناك حالة ترقب حذر تنتظر كل سفينة بضائع صينية ترسو بالموانئ المصرية، وذلك بعد حظر استيراد الثوم الصينى، ولكن شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة، توقعت تأثر حركة شحن البضائع الصينية لمصر وتوقف خطوط إنتاج بعض المصانع المصرية، لأن مصر استوردت بـ12 مليار دولار منتجات صينية خلال 2019، معظمها مواد خام ومنتجات وسيطة، ما يؤثر على الصناعة والتجارة والزراعة المصرية.

وبعيداً عن التصريحات الرسمية المتحفظة أو الصريحة إنه من المؤكد أن تتأثر جميع السلع بالزلزال الصينى ومنها الأجهزة الإلكترونية - 80 % منها مستوردة من الصين- والأحذية والملابس والموبيليا والسيارات والأجهزة المنزلية والكهربائية، بجانب سلع تستوردها مصر من دول أخرى تعتمد على استيراد المواد الخام من الصين مثل تركيا وغيرها.

المؤكد أن زلزال «كورونا» أدى لتأجيل المفاوضات بين الحكومة وشركة «دونج فينج» الصينية حول تصنيع أول سيارة كهربائية فى خطوط شركة النصر للسيارات.

ومن المتوقع أيضاً تراجع حركة السياحة الصينية الوافدة إلى مصر، إذ كان يحرص نحو 300 ألف صينى على زيارة مصر سنوياً وهو عدد كان مرشحاً للزيادة.

لا توجد إمكانية للتعامل مع خسارة الاقتصاد ولكن على الأقل يمكن حماية أرواح البشر، لأن الاقتصاد يروح ويجىء ويصعد ويهبط ولكن الحياة لا يمكن استعادتها.

ولذا لجأت «الفجر» للدكتور عادل عبدالعظيم، أستاذ الوبائيات والأمراض المتوطنة والطب الوقائى، والذى أوضح حقائق بسيطة ولكنها هامة عن الفيروس يمكن تطبيقها مستقبلاً على أى نوعية ممثلة إذ قال إن الأكثر عرضة للإصابة بـ«كورونا» هم الأطفال من عمر يوم حتى 6 سنوات، لأن مناعتهم ضعيفة جداً وأجسادهم بيئة خصبة لأى فيروس.

ويعتبر أصحاب الأمراض المزمنة كمرضى السكر، وفيروس سى، والمصابين بالسرطان، وهشاشة العظام، وألزهايمر، القلب، ارتفاع ضغط الدم، الهيموفيليا، أكثر عرضة للإصابة بالفيروس الصينى ولذا يجب عليهم اتخاذ كافة أساليب الوقاية وتناول العلاج الخاص بأمراضهم الأصلية بانتظام، وهو ما يشكل حماية بنسبة 50 % لهم من الإصابة.

وأوصى أستاذ الوبائيات والطب الوقائى، إدارة الصحة المدرسية ووزارة الصحة ببعض التوصيات للحفاظ على الأطفال فى المدارس والشباب بالجامعات، منها قياس درجة حرارة التلاميذ وإعطاء إجازة لأى طالب ترتفع درجة حرارته وإخضاعه الكشف فى أى مستشفى حكومى للتعرف على السبب، وتجهيز تطعيمات للأنفلونزا لجميع الطلبة، لاستبعاد الإصابة بالأنفلونزا العادية خصوصاً أن أعراضها تشبه «كورونا». لا يعرف البعض أن لـ«كورونا» عدة نسخ وأن الأخير يسمى «الكورونا المتجدد» لأنه نوع متطور عن فيروس ظهر عام 2014 فى الصين أيضاً، ووقتئذ بدأت الدول فى اتخاذ إجراءات مماثلة لما يحدث حالياً وإن لم يكن بنفس الدرجة، وخلال هذه الفترة.

«الفجر» عادت بذاكرتها 6 أعوام، عندما أصيب مواطن مصرى بالفيروس إذ انتقلت إليه العدوى عندما كان يعمل فى المملكة العربية السعودية، حيث كان أحد تحورات الفيروس ظهرت فى دول الخليج.

فى صباح 12 مايو 2014 أعلنت وزراة الصحة فى مؤتمر صحفى بمستشفى صدر العباسية شفاء أحمد سيد شميس، مهندس مدنى، 27 عاماً، وهو أول حالة إصابة مؤكدة بالفيروس بعد خضوعه للرعاية الصحية لمدة أسبوعين بالمستشفى، رغم أن العالم لم يكن توصل لمصل أو علاج للفيروس ولكن أطباء الوزارة اتبعوا «بروتوكول علاج» أنقذ الشاب المصاب بالفعل.

الدكتور عوض تاج الدين، وزير الصحة الأسبق، قال لـ«الفجر» إن «كورونا المستجد» تحور لفيروس ظهر عام 2013، وهو أمر معروف علمياً بالنسبة للفيروسات إذ تتحور الأنفلونزا إلى أنفلونزا طيور وأنفلونزا خنازير، والكورونا فيروس موجود منذ فترة ولكنه فى مرحلة ما حور نفسه وتحول إلى ما عُرف بـ«سارس» وكان يصيب الجهاز التنفسى بالتهاب رئوى حاد، ثم تحور وظهر فى الخليج بما يعرف بـ«كورونا» الشرق الأوسط.

والدكتور تاج الدين قال أيضاً إنه ليس هناك علاج بعد لـ«كورونا» ولكن يتم تقديم علاج للأعراض التى تصيب المرضى فإذا كان المريض يشكو من نزلة شعبية أو التهاب رئوى يتم علاج ما يعانى منه، وهو ما حدث مع الحالة المصرية عام 2014.