لجنة عرض "البارون" تكشف أسرار إعادة استخدام القصر وقصة مترو مصر الجديدة (حوار)

أخبار مصر

صورة من اللقاء
صورة من اللقاء


التقت كاميرا بوابة الفجر الإلكترونية، بعضوين من أعضاء لجنة سيناريو عرض قصر البارون إمبان، الأول هو الأستاذ الدكتور جمال عبد الرحيم أستاذ الفنون والآثار الإسلامية جامعة القاهرة، والدكتور ولاء الدين بدوي مدير عام قصر المنيل، وتحاورنا في البدء مع الدكتور جمال عبد الرحيم، فإلى نص الحوار.






إلى أي حقبة ينتمي قصر البارون إمبان؟ 


بدأ بناء القصر عام 1907 وانتهى في عام 1911 وهو يواكب فترة الخديو عباس حلمي الثاني، وهو الرجل الذي عرف بأبو ترميم الآثار الإسلامية، وهو ابن الخديو توفيق وجده الخديو إسماعيل، والذي أسس مصر الحديثة استكمالًا لأعمال جده الأكبر محمد علي باشا، فنستطيع أن نقول أن القصر ينتمي للفترة الحديثة ولكن بطراز وفنون مختلفة.




من هو البارون؟

هو جوزيف إدوارد إمبان، ولد عام 1852 وتوفي عام 1927 وهو من أصل بلجيكي ويطلق عليه في كل المراجع العربية والأجنبية أنه رجل الصناعة الأول في العالم فهو خريج هندسة وتعلمها في أكبر الجامعات بباريس، وكان جوالًا رحالًا سافر الهند وكانت معشوقته، وسافر الكونغو وبلاد أفريقية كثيرة، وسافر لكل العواصم الأوروبية، ثم بدأ في استثمار أمواله في الصناعة.


متى جاء إلى مصر؟ ومتى كان بناء مصر الجديدة؟

ركب البارون باخرته من الهند التي عاش فيها كثيرًا، وجاء إلى مصر عام 1904، وانبهر بالقاهرة الخديوية التي بناها عاشق مصر الإسلامية الخديو إسماعيل، وقد عاصره البارون عند مقدمه.

ولما وصل البارون، تأمل شمال القاهرة بعد الريدانية وبعد العباسية، وهي منطقة صحراوية خالية والمعروفة الآن بمصر الجديدة، والتي أطلق عليها "هليوبوليس"، والمشتقة من معبد الشمس القديم.

وقرر أن يشترى مساحة تقدر بحوالي 25 كم متر حوالي 6 أفدنة، وكان الفدان ثمنه 1 جنيه، وبدأ في تأسيس مدينة سكنية، وقبل بدء التأسيس بدأ في بناء البنية التحتية لهذه المدينة من كهرباء ومياه وصرف صحي، وأطلق على المدينة "واحة عين شمس".


ما الذي أضافه لمصر؟ وأهم إنشاءاته؟   


جاء الباورن إلى مصر وصار من المشاركين الأساسيين في صناعة وسائل المواصلات، فهو كان من المؤسسين لمترو باريس، وأصبح من أكبر المشاركين في هذه التكنولوجيا بالقرن الـ 19، ولقب بلقب البارون من ملك فرنسا بعد انتهاء هذا المشروع.


وعلى أطراف هذه المدينة شرع في بناء قصره، وربط بين مدينته والقاهرة بواسطة المترو الكهربائي، كما بنى كنيسة في هذه المدينة والمعروفة بكنيسة البازيليك ولا تزال موجودة إلى وقتنا هذا.


وكانت هذه الكنيسة في الأصل مطلية باللون الأحمر، وكان الأهالي يطلقون عليها الكنيسة الحمراء، وتخطيط المدينة وبناء القصر وتخطيط المدينة استغرق من 1907 إلى 1911.


كما وقام ببناء ناد ضخم "نادي هليوبوليس"، وقام ببناء قصر هليوبوليس "الاتحادية"، وبني ناد للخيل، وناد للبلياردو"، "والمترو الذي أسسه البارون وهو مترو كهربائي يربط ما بين وسط البلد القاهرة، وما بين مصر الجديدة وكان يمر بجانب الكنيسة ثم يرجع ويدور من منطقة الكوربة.


اسم الكوربة ليس مصريًا من أين جاء؟


انتشر المترو في عام 1907 وكان الكمسارية بلجيكيين، حيث كانت مصر تستقطب الأيد العاملة من أوروبا، فكان الكمسري عند الدوران يقول "لاكورب" ومعناها الدوران، فسميت المنطقة بالكوربة.



كيف تم اختيار تصميم القصر؟

القصر تم اختياره من خلال معرض معماري في باريس، حيث استعرض البارون عدد من التصميمات ووقع اختياره على هذا التصميم المميز للمعماري ألكسندر مارسيل، فاشتراه، والفنان صاحب الزخارف هو الفنان الفرنسي لويس كلود.

وجاء التصميم نقلًا لفكرة المعابد الهندوسية والكمبودية، والمعبد الذي تم اشتقاق شكل القصر منه هو معبد "إن كروات" ومن معبد "أوريستا الهندوسي"، وبدأ يظهر الشكل المميز لقصر البارون، ويمثل شكله من أعلى شكل الزهرة المتفتحة.



ما حقيقة الأساطير حول القصر؟

كان من شروط البارون للمهندس مارسيل أن تشرق الشمس وتغرب وتتعامد على القصر في كل الأوقات، ولكن القصر ثابت، لا يلف ولا يدور كما ادعى البعض، كما أن برجه ثابت لا يدور، وكذلك لا توجد أسفله سراديب.

ما هي مساحة القصر ودلائل شكله الخارجي؟

الشكل الخارجي للقصر هو كمبودي هندوسي، ولكن من الداخل تأثر بالفنون المصرية، وتم بناؤه على مساحة 6 أفدنة ونصف بالحديقة، وكله من الخرسانة، وبه مجموعة كبيرة من التماثيل المتبقي منها عدد قليل للغاية، وترك البارون مصر في أواخر حياته وأوصى بعد وفاته أن يدفن في مصر، وبالفعل بعد وفاته دفن في كنيسة البازيليك.




كيف كان افتتاح القصر على زمن البارون؟  

دعا البارون الملك ألبرت الأول والملكة إليزابيث زوجته الذين شهدا افتتاح القصر، وأقاما بعض الوقت فيه حيث استمتعا بهواء مصر العليل، فكان افتتاح القصر ملكيًا مهيبًا، شهده ملوك وكبار رجال دول العالم، وكان الشارع المطل عليه القصر المسمى الآن اسمه شارع القصر، ثم سمي بشارع المطار، حيث أن البارون في عام 1923 صمم مطار وهو حاليًا مطار ألماظة وذلك تنشيطًا للسياحة حيث يقع بالقرب منه معبد المطرية.


متى آلت ملكية القصر إلى مصر؟ وهل كان له أولاد؟

في عام 1962 انتقلت ملكية القصر من حكومة البلجيك إلى الحكومة المصرية، وهُجر القصر من ساكنيه، واستخدم استخدامات متعددة منها مقر للأفراح، وفي مرات اتخذ مقرا ومركزا من بعض المهاويس الذين اشتهروا بعبادة الشيطان، والبارون لم يتزوج ولم ينجب، ولكن ظهر من ادعى أنه ابن البارون ودارت معركة قضائية بين عدة أطراف آل بعدها القصر للحكومة المصرية.


ترميمات القصر كيف جرت؟ وما سر سرعتها؟

نحن الآن في حالة طوارئ أثرية، حيث أن الدولة المصرية تولي تراثها وحضارتها أهمية كبرى، وبدأت خطة ترميم القصر في عام 2007 وتوقفت في أحداث 2011، ثم تم استئناف الأعمال عام 2016 / 2017، وجرت عمليات الترميم على قدم وساق، وكانت المفاجأة أن عمليات الترميم أظهرت اللون الحقيقي للقصر، وهو اللون الأحمر الغالب في هذه الفترة.



ما هي السمات الفنية الغالبة على واجهة القصر؟ 

السمات الفنية كلها مقتبسة من المعابد الكبودية "إن كروات" والمعابد الهندوسية الأوريسا، من أهم التماثل هي مجموعة من الآلهة التي تمثل الآلهة الهنوسية والبوذية، وهناك المئات من الآلهة البوذية، ولكنها تخرج من 3 آلهة، وهم الإله الأكبر للكون البراهما، والإله الحافظ للكون كيشنو والإله المدمر للكون واسمه  شيبا، وشيبا هو المدمر للبشر أو البشرية الفاسدة حتى تنشأ حياة نقية، السور كله محاط بتماثيل شيبا وحول رأسه هالات من النيران وحيات للقضاء على البشرية.




ما هو تقسيم القصر الداخلي؟

هو من عدة أدوار فالدور الأرضي للخدم وللمخازن والمطابخ، وملحق به 3 غرف منهم 2 للضيوف وواحدة للعب البلياردو وبها مدفأة، والطابق الأول يتكون من صالة كبيرة تفتح على 4 غرف للنوم وفي كل غرفة حمام خاص وهي الموضة التي انتشرت بعد ذلك.

والبرج به السلم المستدير والأسانسير، والسلم من الطابق الأرضي للأول بالرخام، ومن الأول للأخير من الخشب وهو سلم معلق ويعتبر إعجازا هندسيًا فريدًا.




هل هناك تعديلات قامت بها اللجنة؟

بالطبع كان لنا عدة معاينات متتالية ومستمرة، وأبدينا العديد من الملاحظات التي كان يتم تنفيذها بشكل سريع ودقيق، ومنها إضاءات الحديقة التي أوصينا بتخفيفها، ومنها عربة المترو التي أوصينا بإضافتها، وكذلك سطح القصر الذي أوصينا باستغلاله بما لا يضر الأثر.




وانتقلت الفجر في حوارها إلى الدكتور ولاء الدين بدوي مدير عام متحف المنيل وعضو لجنة سيناريو العرض لقصر البارون إمبان، وكان أول سؤال له متى تم تسجيل القصر ولماذا؟

القصر حتى عام 2007 كان لا يتبع وزارة السياحة والآثار، حيث أنه منذ 1907، مر بعدة مراحل الأولى كان ملكًا للبارون ثم جرت عدة محاولات حتى تملكته الحومة المصرية، ثم في عام 2007 تم تسجيله كأثر.



لماذا تم تسجيل قصر البارون أثرًا ولماذا لم نكتف بكونه طرازًا معماريًا فريدًا؟

القصر صممه وأشرف على هندسته ألكسندر مارسيل، والفنان لويس كلود الذين نقلا إلى مصر طرازًا جديدًا وهو طراز المعابد الكمبودية الهندوسية، فكان قرار الدولة المصرية اعتبار أن القصر أثرًا فريدًا لطراز واجهته الفنية، على الرغم من فقر زخارف غرفه من الداخل، إلا أن الواجهة تحمل إبهارًا كبيرًا كونها طرازًا مختلفًا عن الطراز الذي اعتاده المصريين.



هل يوازي قصر البارون كقيمة بقية الآثار المصرية بحيث يكون نقطة جذب سياحية؟

قصر البارون قيمة فنية عالية بالطبع، وقيمة تاريخية كبيرة، ولكنه – مثله في ذلك مثل أي أثر حديث - لا يحمل نفس قيمة الآثار المصرية القديمة، ولكنه سيكون نقطة جذب كبيرة للسياحة المصرية لعدة أسباب.

أولها أنه في طريق المطار فهو مزار قريب لكل سائح يأتي لمصر عن هذا الطريق، كما أن مواصلاته يسيرة بالنسبة للسياحة الداخلية حيث يعتبر مترو الأنفاق قريبا من القصر، كما أن حديقة القصر تؤهله ليكون نقطة جذب أخرى من ناحية جلسات التصوير وإقامة الحفلات بما لا يضر الأثر.



لماذا لم يتم استغلال القصر في فترات سابقة؟ 

القصر لم يكن تحت سيطرة الحكومة المصرية، وبعد جهود لأسرة الرئيس السابق آل للحكومة المصرية، ولكنه كان تابعًا لوزارة الإسكان ثم تم ضمه للآثار عام 2007 وصار مسجلًا في عداد الآثار الإسلامية، ومع الطفرة التي تشهدها مصر في الفترة الأخيرة ووفقًا لتوجيهات الرئاسة وتوجهات الحكومة وجدنا اهتمامًا كبيرًا من الدولة المصرية بقطاع السياحة والآثار بشكل عام، وقد بذل الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار مجهودًا كبيرًا السنوات القليلة الماضية حتي تم ترميم القصر.

كم ترميمًا جرى للقصر قبل هذا الترميم الأخير؟ 

هذا هو الترميم الأول للقصر منذ إنشاؤه، حيث أهمل القصر بشكل كبير للغاية، واستخدم استخدامات أفقدته بعض عناصره، حتي قررت الدولة المصرية ترميمه وإعادة استغلاله، وهو المشروع الذي انطلق من سنوات وانتهى في 2020، حيث أننا بصدد افتتاح القصر قريبًا.



كيف ستتم إعادة استغلال القصر؟


سيتم إقامة معرضًا - وليس متحفًا - تراثيًا عن تاريخ حي مصر الجديدة وهليوبوليس عبر العصور، بالتعاون مع السفارة البلجيكية بالقاهرة وجمعيات المجتمع المدني بمصر، وشمل المعرض مجموعة متنوعة من الصور والوثائق الأرشيفية والرسومات الإيضاحية والخرائط والمخاطبات الخاصة بتاريخ حي مصر الجديدة "هليوبوليس والمطرية" وأهم معالمها التراثية، وصور وخرائط ووثائق وأفلام تحكي مظاهر ونمط الحياة في تلك الفترة الزمنية المميزة.


هل هناك مميزات في سيناريو عرض قصر بارون عدا المعرض التراثي؟   


نعم لدينا حديقة القصر التي سيتم فيها عرض أقدم عربة ترام كهربائي سارت في شوارع مصر الجديدة، والذي كان أحد المعالم الرئيسية للحي، وخضعت العربة لأعمال الترميم وتم رفع كفاءتها لإظهار بصورتها الأصلية، فهي تروي قصة إنشاء أول خط للترام في مصر، كما أنها تعطي الفكرة عن حركة التطور العمراني الذي ابتكره البارون إمبان لجذب السكان إلى الحي الجديد.




هل يحوي القصر أي أثاث أصلي تركه البارون وأسرته؟

كما قلنا القصر من الداخل كان الغرض منه السكنى، والإبهار فيه بالواجهة زخارفه الخارجية ومن الداخل لا يوجد أي إبهار زخرفي، وأثاث القصر الأصلي لم يصلنا منه شئ حيث تم بيعه في مزادين بكتالوجين عامي 54 و58، فبيعت مقتنياته لأن القصر في ذلك الوقت لم يكن تابعًا للحكومة المصرية.