أحمد شوبير يكتب: الفتنة الكروية

الفجر الرياضي



حتى وقت قريب كنا نستمتع بالأجواء التنافسية فى كرة القدم رغم الصراع العنيف فى ذلك الوقت فقد كان لدينا فرق عديدة على مستوى رائع، فالزمالك كان يضم لاعبين على مستوى عالٍ جدا، والمقاولون نجح فى خطف لقب بطل الدورى، والإسماعيلى من قبله ومن بعده وتبادل عدة فرق الفوز ببطولة كأس مصر وظهر أكثر من منافس للبطل الدائم النادى الأهلى ورغم التفوق الكاسح للأهلى إلا أن المستوى الفنى كان رائعا والسلوك الرياضى أيضا للاعبين والجماهير كان دائما طيبا رغم بعض السلوك الخارج عن النص أحيانا ولكن فى كل الأوقات كانت المباراة تنتهى على خير وسلام وكنا نكتفى ببعض عناوين الصحف والمجلات رغم عنف المنافسة لدرجة أن بطولة الدورى كانت كثيرا ما تنتهى بفارق نقطة أو نقطتين ولكن ما يحدث الآن فى مصر لا يمكن لعاقل أبدا أن يصدقه فمع دخول السوشيال ميديا فى مصر اختلف الأمر تماما فأصبح العنف والتنمر والتحرش هو الأساس وبدلا من أن نعيش المباراة يوما واحدا أصبح الآن أيام وليالى وأسابيع ولن نستطيع جميعا أن ننسى ما حدث فى استاد المصرى عندما ظلت الفتنة تشتعل عبر صفحات الفيس بوك لدرجة التهديد بالموت حتى حولت الفتنة إلى واقع وفقدنا 72 شابا من أبنائنا الصغار فى كارثة غريبة على ملاعبنا بل على كل الملاعب وبكى الجميع دما وألما وتوقعنا أن تنتهى هذه الظاهرة السيئة تماما من ملاعبنا لأنه ليس بعد الموت عظة وبالفعل تغلب صوت العقل لفترة ولكن وبكل أسف لم يلبث إلا واختفى من جديد وعادت الفتنة ولكن هذه المرة بشكل أكبر وبطريقة أبشع وزاد الخطر بطريقة مخيفة للغاية وأصبح مرور مباراة دون مشاكل أشبه بالمعجزة رغم غياب الجماهير منذ 8 سنوات عن المدرجات حتى الآن ورغم الوعود المتكررة من أننا تعلمنا الدرس وأنه حادث عارض ولن يتكرر إلا أن ما يحدث عبر الصفحات المشبوهة من بعض الموتورين صانعى الفتنة زاد تماما عن حده لدرجة أننى أصبحت على يقين من أن هناك أياد بعيدا عن الوسط الرياضى هى التى تدير هذه الفتنة مستغلين بالطبع عددا من الدخلاء على الرياضة لإشعال الفتن وسكب الزيت على النار وعلى الرغم من الجهود المستميتة التى يبذلها رجال الأمن لحفظ النظام إلا أن الأمر أحيانا يخرج عن السيطرة مما يضطر الأمن إلى اتباع سياسة المنع حفاظا على الأرواح والغريب أننا لا نتعلم أبدا من الدرس فمنذ سنوات انساق بعض الإعلاميين لهوس بعض من الجماهير المتعصبة وكلهم كانوا تقريبا من الأطفال وقامت حرب إعلامية مصرية جزائرية جاءت بعواقب وخيمة للغاية وظللنا لسنوات عديدة نحاول أن نداوى الجراح حتى التئمت بفضل الله والآن يحاول بعض الصبية والأطفال إشعال الحرائق من جديد بين جماهير الأهلى والهلال السودانى بسبب مباراة كرة قدم ستجمع بين الفريقين خلال ساعات والغريب أن البعض كاد أن يقع فى نفس الخطأ لولا أن هناك بعض العقلاء تدخلوا لإفساد هذا المخطط القذر الذى لو حدث لوقعت مأساة كبرى لن يستطيع أحد إيقافها خصوصا وأننا وبكل أسف دائما وأبدا لا نعرف الفصل بين الرياضة والسياسة عكس كل الشعوب المتحضرة فى العالم.. الفتنة الكروية فى أوجها الآن ولابد من الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه محاولة عودتها من جديد للملاعب الرياضية وفى أى مكان لأننا لو سمحنا بعودتها سندفع الثمن هذه المرة غاليا جدا بكل أسف.