الباحث القبطي سليمان شفيق: الرهبنة تغيرت عن زمان.. ولهذا السبب تعطل قانون الأحوال الشخصية (حوار)

أقباط وكنائس

بوابة الفجر


• تقنين الكنائس فكرة جيدة قامت على أساس سلبي
• قرارات البابا حكيمة وتحتاج لصبر ووقت في تنفيذها
• الرئيس يحاول جاهدًا تطبيق قواعد المواطنة
• المشاكل الزوجية أكبر من كل التعهدات


مُفكرو الكنيسة وعلمانيوها، قطب لايمكن الاستغناء عنه بالنظر إلى أوضاع الكنيسة الحالية، والتطورات التي تمر بها منذ تولي البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، السدة البطريركية.
الباحث القبطي "سليمان شفيق"، كانت له نظرة خاصة في أوضاع الكنيسة الراهنة، والذي حاورناه لمعرفة تفاصيلها، وجاء الحوار كالآتي:

نود أن نعرف رؤيتكم لخط سير الدير نحو "تقنين أوضاع الكنائس"؟
فكرة تقنين الكنائس فكرة إيجابية ولكنها بُنيت على أساس سلبي، حيث أن قانون بُناء الكنائس، لم يُراعي مثلًا معظم مشاكل الكنائس في الريف، والتي تُعاني من عدم وجود خط للتنظيم في أغلب الأماكن، كما أن أغلب الأراضي "وضع يد"، ومن الصعب اكتمال الأوراق الرسمية؛ لبناء كنيسة.
كما أن مُعظم الأماكن التي كان يتم فيها الصلاة أماكن غير مُرخصة وتمت الصلاة فيها عرفيًا، ناهيك عن أن بعض القرى أو الأماكن بها تيارات متعصبة تقوم بمقاومة ذلك، ومن ثم يقوم القائمين بشكل وظيفي بمحاولة توفيق الأوضاع ولكن الظروف القائمة الإدارية والثقافية حالت دون تنفيذ التوفيق بنسبة كبيرة.
إلا أن كل ذلك لاينفي أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يُحاول بكل ما يملك، تطبيق المواطنة وبشكل غير مسبوق من حاكم مصري من قبل، إلا أن التراث المتخلف السابق لحكمه، تعد أكبر التحديات لرؤيته ومشروعه، ولذلك نحتاج إلى مشروع قومي ثقافي وسياسي؛ لدفع وتمكين مشروع الرئيس للمواطنة.

كيف ترى قرار المجمع المقدس الأخير في موضوع استبيان اختيار الكهنة؟
أعتقد أن القرار إيجابي، لكنه يحتاج وقت وحوار من أجل تحويله إلى التحقيق والتنفيذ على أرض الواقع.

هل ترى أن حادث مقتل الأنبا ابيفانيوس آثر بالسلب على مسار الرهبنة؟
حادث مقتل الأنبا أبيفانيوس (كاشف وليس منشأ)، بمعنى أن رؤية الرهبنة القديمة، التي أسسها القديس أنطونيوس، قد انتهى عمرها الافتراضي، وكانت ترتكز على العزلة والفقر الاختياري، حيث يكتسب الراهب قوته من العمل اليدوي والطاعة والعفة.
الآن لم تعد هناك برية او صحراء بالمعني التقليدي بل تكاد تكون المدينة اندمجت في الصحراء، إضافة إلى ظهور التكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات وامتلاك الراهب لتلك الوسائل من موبايل ولاب توب الخ، الأمر الذي يجعل العالم بكل صنوفه في يد الراهب، وبالطبع لم يعد العمل اليدوي سلال يصنعها الراهب ويذهب إلى السوق؛ لبيعها ويعيش على ثمنها من عرق يديه بل صارت الأديرة تمتلك مزارع كبيرة ومصانع الخ.
الأمر الذي جعل للدير بيزنس وحسابات في البنوك، أي أن العمل اليدوي تحول إلى بيزنس في قلب العالم، ومن تلك التحولات الكبرى أصبحت الطاعة مجرد رؤية غير منطقية في ظل المتغيرات المشار إليها، ولهذا كله يُحاول قداسة البابا تواضروس الثاني، عمل رؤية جديدة تتناسب مع تلك المتغيرات وتجمع بين الأصالة والمعاصرة.

هل تعتبر توقيع الرهبان الجدد على إقرار تعهد بعدم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، تقييدًا لحرية الرهب الشخصية؟
الإجابة على ذلك السؤال ترتبط بالاجابة على السؤال السابق، علمًا بأن الراهب وفق قواعد الرهبنة يعد "ميت" عن العالم، وليس له ما يسمي في العالم بالحرية الشخصية.

كيف ترى الأسر المسيحية الآن بعد تعهد الزوجية الذي أقره المجمع المقدس في جلسته الأحدث؟ وهل ينجح التعهد في التقليل من المشاكل الزوجية؟
بالطبع المشاكل الزوجية أكبر من أي تعهدات مهما إن كانت إيجابيتها؛ لأنها عملية اجتماعية وجسدانية، وتقوم على محاور يحتاج الشباب في مصر عامة لدراستها واستيعابها وليس بالتعهدات فقط.

ما رأيكم في قرار تطبيق الغرامة على من يستخدم الوسائل الصوتية والخمور والمواد المخدرة في الأفراح؟
أعتقد أن القرار أخلاقي ولا يتعارض مع القانون العام في مصر، ولكن تطبيقه بالطبع يقوم على التربية الكنسية والأسرية؛ لأن الأخلاق وإن كان القانون يحميها، إلا أن القانون لا يضمن تطبيقها.

إيقاف برنامج الأنبا زوسيما.. هل تعتبره تقييدًا لحرية الرأي داخل الكنيسة؟
ليس لدي معلومات كافية حول الموضوع تؤهلني للإجابة على ذلك السؤال.

قرار مطران لوس أنجلوس بإقامة قداسين في عيد الميلاد.. هل يُعتبر بداية للطريق في توحيد الأعياد؟
توسعت الكنيسة القبطية الأرثوزكسية في كل قارات العالم، وولدت أجيال جديدة ومنها الجيل الثالث غير مرتبط بالمناخ القبطي المصري، بل يرتبط بمناخ وظروف أخرى، ومن ثم يعد التعدد في الاحتفالات أمر يفرضه الواقع وليس التاريخ والطقس، ومن ثم أعتقد أنه سوف تتعدد الأعياد وليس تتوحد، ومثلًا في صعيد مصر تحتفل كل الطوائف المسيحية، بالاعياد في مواعيد واحدة في حين يحتفل الكاثوليك اللاتين في القاهرة والوجة البحري في أوقات أخرى منذ زمن، وهكذا سوف يتم ذلك في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية.

حدثنا عن اتجاه البابا تواضروس في الوحدة بين الكنائس الأخرى من توحيد الأعياد والمعمودية؟
رؤية قداسة البابا تحتاج إلى وقت واصلاحات ولا تطبق بقانون أو وثيقة.

ما رأيك في أداء الكنيسة في عهد البابا تواضروس الثاني؟
تم جلوس قداسة البابا على كرسي مار مرقص في ظروف صعبة ومعقدة: فقد عاش ثورتين، وإرهاب قاسي، وتحول من الثورة الصناعية إلى ثورة الاتصالات، ومتغيرات كبيرة في الوعي للأقباط الأمر الذي يجعل رؤية قداسة البابا صحيحة ولكن ليس هناك مقومات كافية لتطبيقها الأمر الذي يحتاج من قداسته وقت وصبر واستيعاب لتيار من الشباب نشأ وتربي في ظل ثورات وحرية راي تختلف عن الاجيال الماضية، وربنا يوفقه.

قانون الأحوال الشخصية.. لماذا لم يخرج للنور حتى الآن؟
هو أصعب القوانين، وأعتقد أن السبب وراء عدم خروجه للنور خلافات مسيحية مسيحية، وخلافات مع ثقافة تيار بعينه داخل المجتمع.