د.حماد عبدالله يكتب: هنـا القـاهـرة !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله
د.حماد عبدالله



هذه الجملة ، الجميلة ، هنا القاهرة ، سمعناها ، منذ بث الإرسال من " الراديو " 

الأذاعة المصرية فى أوائل الثلاثينات من القرن الماضى !

وكانت جملة هنا القاهرة تنطق بفخر وعزه !! 

ويتبع نطق هذه الجملة من مذيعين ومذيعات نشرة أخبار أو برنامج أو حتى إذاعة بعض الأغانى أو تلاوة لأيات قرأنية ! وكان الفاصل دائماَ هى جملة " هنا القاهرة " وإشتهرت أصوات المذيعين بنطق هذه الجملة ! مثل " المرحومين " جلال معوض وأحمد فراج" . وربنا يديهم طول العمر أمال فهمى ، حمدى قنديل وغيرهم ! 

وكانت الأذاعة المصرية هى منارة للعالم العربى حتى جائت محطة " صوت العرب " ! 

وأيضاَ كان ينطق " صوت العرب من القاهرة " !

ونقلت عن إذاعة المحروسة طريقة النطق وطريقة التقديم كل الإذاعات الناطقة باللغة العربية مثل الإذاعة البريطانية والإذاعة الأمريكية !!

وتميزت تلك المحطات الموجهة باللغة العربية فى أن تسحب فى بعض الأزمنة من نجوم الإذاعة المصرية من المذيعين وخاصة القارئين لنشرات الأخبار وللتحليلات السياسية والإقتصادية !

كما لا يفوتنى أن أشير أيضاً إلى إذاعة "مونت كارلو" والتى إعتمدت على نجوم المذيعين والمذيعات المصريين وأشهرهم السيدة "سلمى الشماع" ! إحدى أهم مذيعى الإذاعة والتليفزيون المصرى (زمان) !!

راعنى كل هذا التاريخ الجميل للإذاعة المصرية وأنا أستمع إلى الإذاعة هذه الأيام من خلال محطات كثيرة تبث من المحروسة وكان أشهر تلك المحطات (محطة الشرق الأوسط) التى حين بدء البث منها ، مع (أمال فهمى ) فى أوائل الستينيات كانت شيىء مختلف وجميل وقريب من كل المستمعون وكان الإحترام وصحة النطق للغة العربية هى الشيىء الغالب !!

أما اليوم شي يدعو للأسف وللأسى وللتباكى على الماضي !

ماذا حدث أيضا لهذا القطاع من الشهرة المصرية المتسيدة للعالم العربى ! 

ماذا حدث فى هذا الجهاز العملاق الضخم الذي كان يمتلئ " فخر " وثقافة ،ومعبر عن حضارة وشموخ وطن !!

هل العيب فى الإدارة ؟ هل العيب فى الخريجين الذين يعملون بهذا الجهاز ؟ 

ربما سيرد خاطر بأن جهاز التلفزيون قد غطى على قوة الإذاعة ودورها فى الماضي والحاضر !!

وهذه وجهة نظر تستحق الموافقة عليها ! 

ولكن أيضا التليفزيون بكل ما إتيح له من ( تكنولوجيا ) وتفوق وتقدم ووزير جديد من أهل الصحافة والإعلام! إلا أنه اقل مستوى من  تليفزيون الأبيض والأسود ! فى المحروسة زمان !! 

برامج سخيفة وغير جاذبة للمشاهد وربما تكون طاردة له !

ماذا حدث ؟ هل نحن فى سبيلنا لإفتقاد دور مصر حتى فى البرامج الثقافية والطرب وحتى فى الأدب الشعبى المصرى الذى نمتلك كل أدواته ؟

خلينى أريح نفسى وأريحكم !!

السبب هو نحن !! الشعب !!

فنحن لم نعد نتذوق ولم نعد نفرق بين "الغث والثمين" وإعتمدنا على الأطباق الفضائية والله يرحم ..جملة "هنا القاهرة" !!