"الفجر" في منزل الشهيد محمود أبو اليزيد.. ووالدته: احتضن الإرهابي وتحول لـ"إشلاء" (حوار)

حوادث

محررة الفجر مع والدة
محررة الفجر مع والدة الشهيد


في صباح يوم الاثنين 18 فبراير 2019، خرج أمين الشرطة محمود أبو اليزيد من بيته بشارع المطار في إمبابة متوجها إلى عمله كالمعتاد في قسم شرطة الدرب الأحمر، ومن المؤكد لم يكن يدرك أنه يومه الأخير في الحياة، وأنه سينال الشهادة على أيدي إرهابي غادر.

انتقلت "الفجر"، إلى أسرته في ذكرى عيد الشرطة، تخليدا لذكراه العطرة، لتكشف والدته العديد من التفاصيل عن الشهيد، منها كلماته وأفعاله الغامضة قبل الحادث، والتي اتضحت تماما بعد استشهاده، وإلى نص الحوار:

في البداية حديثنا عن الحادث؟
تم استدعاء محمود ليكون ضمن قوة من ضباط وآمناء القسم، كانت مكلفة بمداهمة إرهابي قبل ارتكاب عملية جديدة، وأثناء المداهمة حاول الإرهابي الفرار، ولكن محمود أمسك به، فما كان من الإرهابي إلا أن فجر نفسه، واختطف الحادث منا الشهيد الذي افتدى كل زملائه من أفراد القوة باحتضانه بالإرهابي وامتصاص قوة التفجير في جسده الذي تحول إلى أشلاء.

ورغم مرور عام كامل على استشهاده ، فما زالت أسرة محمود تعيش الحدث كما لو أنه وقع بالأمس، حيث تخيم على البيت حتى الآن مشاعر تختلط فيها فجيعة الفراق مع الإحساس بشرف الشهادة.

وماذا تقولي عن حياة محمود؟
حياة محمود كانت جميلة جدًا كلها حنية وعطاء وحب لأهله ولأسرته، محمود كان بيحتوي الكبير والصغير، كانت عائلته دائمًا محور اهتمامه، وهو الثاني بين أربع أبناء، ثلاثة أولاد وبنت ، مصطفى حاصل على ليسانس آداب إنجليزي، ومحمود حاصل ليسانس حقوق، وهند بكالوريوس تجارة، أما محمد فحصل على آداب قسم حضارة أوربية.


كيف استقبل أطفاله خبر استشهاده؟
محمود عنده 3 أبناء، ولدين وبنت، هاجر 10 سنوات، ومحمد 8 سنوات، أحمد 7 سنوات، ووقت معرفتهم بوفاة والدهم كانوا في حالة صدمة، وحالهم الآن تغيرت كثيرًا لفقدانهم لحبه وحنيته ولعبه معهم، وابنه دائمًا يقول: "نفسي ابقى  ظابط واستشهد زي بابا وأروح عنده في الجنة".

كيف كانت معاملته مع أهالي منطقته؟ 
محمود كان محبوبًا بين الجميع سواء في منطقة عمله في الدرب الأحمر، أو منطقته التي تربي فيها بإمبابة، وكان دائم التواجد لحل مشكلاتهم، وعند ذهابه للمسجد كان يأخد أطفال شارعه يصلون معه بدلا من لعبهم في الشارع، وعند ذهابنا لزيارة قبره شاهدنا سيدة كبيرة توزع "رحمة" على روح محمود، وعرفنا منها إنها من الباعة قدام قسم الدرب الأحمر، وكان محمد ابني دائمًا يسندها في حل مشاكلها.

ماذا عن آخر حديث له معكم ؟
ردت بصوت حزين: "حصلت حاجه غريبه جدًا، محمود قبل استشهاده بفترة طلب مني الباسبور لكي يقدم على عمرة لي معه، وبعد كام يوم عرف محمود إن والده زعلان لأنه مش هيطلع عمره معانا ، والغريبة إن محمود وعد أبوه إنه هيطلعه عمرة إزاي ما عرفش؟".

الكلام ده كان يوم سبت، ويوم الاثنين محمود استشهد، فقررت وزارة الداخلية تكريمنا أنا ووالده بزيارة بيت الله الحرام.


هل كنت تتوقعين استشهاده؟ 
عمري ما نمت إلا بعد الاطمئنان عليه، كنت دائمة القلق، وبعد علمي باستشهاده كنت منهارة، ومع ذلك لقتني بازغرط في جنازته لأنه شهيد، ولأن مكانه هيكون في أعلى مقام بالجنة.

ومن الحاجات اللي خلتني فخورة بمحمود، مجيء شخص وقال لابني: "أنا كنت تاجر مخدرات والحمد لله ربنا كتب لي التوبة علي إيد أخوك محمود الله يرحمه".

وأخيرا.. ماذا تريدي أن تقولي؟
أتمنى إن وزراة الداخلية ترقي محمود لرتبة ضابط، إن لم يكن بسبب شهادة ليسانس الحقوق، فعل الأقل من أجل أبنائه اللي بيحلموا يكونوا زي أبوهم في حب الناس والوطن.

وفي نهاية اللقاء، حرصت شقيقته "هند" على التأكيد أن شقيقها الشهيد كان قدوتها في كل شئ، وأنها من شدة أعتزازها به أطلقت اسمه على أحد أبنائها، وأن شقيقها الشهيد مازال يعيش معهم كل تفاصيل الحياة، وأنهم فخورون بشهامته التي دفعته لأن يحتضن الإرهابي ويمتص صدمة الانفجار كله في جسمه، ليحمي أفراد القوة، وليحمي المواطنين الذين كانوا متواجدين في مكان الحادث آنذاك.