عادل حمودة يكتب: تشابه الأسماء فى ملفات تنفيذ الأحكام تحولنى من كاتب صحفى إلى محكوم عليه بالتبديد وخيانة الأمانة!

مقالات الرأي



كيف نعالج تلك اللعنة التى تكلف الداخلية والنيابة الجهد والوقت والمال بلا مبرر؟

فى لبنان يضيفون اسم الأم وفى الأردن يسألون عن المؤهل الدراسى وفى أمريكا يضعون صور المحكوم عليهم!

المشكلة أكبر مما نتصور.. يعانى منها وزراء وقضاة وسفراء وأساتذة جامعات ورجال أعمال وشخصيات عامة

هناك ملايين من حالات تشابه الأسماء تتسبب فى إهدار الوقت والمال والجهد لتكتشف الجهات المختصة براءتها


ما أن أهبط مطار القاهرة حتى يستقبلنى ضباط الجوازات بابتسامة مريحة تحمل كثيراً من الود والتقدير.

لكن ما أن يضع أحدهم جواز سفرى فى الأجهزة التى أمامه حتى تتحول الابتسامة المريحة إلى ابتسامة مريبة.

على الشاشات الإلكترونية يظهر لون أحمر يعنى أننى مدرج على قوائم ترقب الوصول مطلوبا فى قضايا إرهابية.

ما يثير الدهشة أن شخصا مثلى يحارب الإرهاب بلا توقف ووضع على قوائم اغتيالات تنظيماته المسلحة يجد نفسه فى ملفات الجانب الآخر (وزارة الداخلية) إرهابيا.

لكنها.. لعنة تشابه الأسماء التى تنتظرنى عند عودتى إلى مصر وفشلت فى التخلص منها تماما.

أكثر من وزير داخلية تدخل ولكن لا شىء تغير.

وذهبت بنفسى إلى مكتب مدير الجوازات والهجرة فأضافوا إلى بيانات التشابه بيانات أخرى تحل المشكلة وسجلت على جواز سفرى كود البراءة (118 وصول فى 11/4/2013) ولكن ذلك لم يشفع لى فى المطارات وبقيت اللعنة مستمرة.

فى لبنان تكررت الحالة نفسها ولكن ضابط الجوازات اكتفى بسؤالى عن اسم الأم وأزال التشابه دون حاجة للرجوع إلى قيادته الأعلى.

وفى الأردن سألونى عن مؤهلى الدراسى فمحو التشابه.

وفى أمريكا من المعروف أنهم يضعون صورًا للمحكوم عليهم.

ولكن فى مصر حيث يسهل نقض التشابه بالرقم القومى أو المهنة أو العنوان أو اسم الأم أو المؤهل الدراسى من يوضع على القوائم لا يخرج منها ولو خرج من الدنيا.

والحقيقة أن المشكلة أكبر مما نتصور.. يعانى منها وزراء وقضاة وسفراء وأساتذة جامعات ورجال أعمال وشخصيات عامة.. أحك مأساتك لأحد ستسمع منه العجب.. وستضحك فى النهاية.. فشر البلية ما يضحك.

مأساة التشابه أخف عند الوصول منها عند السفر.

عند الوصول هناك وقت كاف للفحص والتأكد بخلاف السفر حيث موعد الطائرة سيف على الرقاب.

محاسب شاب ــ أعرف أباه ــ منع من السفر لأنه بدد أثاث الزوجية رغم أنه لم يكن متزوجا وضاعت عليه فرصة عمل فى الخارج.

ويمكن أن يمتد التشابه إلى السجن أو الهروب من العدالة والقبض عليك لتنفيذ أحكام قضائية صدرت ضدك.

طلبت تجديد ترخيص ما من وزارة الداخلية وملأت استمارة من وجهين فيها أسماء الأب والأم والزوجة والأبناء والعمات والخالات بجانب كل ما أعرف عن نفسى من معلومات شخصية ومهنية وعائلية.

بعد عدة أسابيع اتصل بى المسئول عن الترخيص فى قسم شرطة مصر الجديدة ليخبرنى بأن الفحص أظهر وجود حكم جنائى باسمى الرباعى فى القضية رقم 22997 لسنة 2018 جنح قسم ثان الرمل (الإسكندرية).

الحكم صدر غيابيا بجلسة 29 يناير 2019 لمدة سنتين وبكفالة 500 جنيه لإيقاف التنفيذ.

سألت ضابطا كبيرا كيف أتصرف؟.

أجاب: عارض فى الحكم حتى تتجنب القبض عليك.

لم أقبل بأن أعترف بجريمة لم ارتكبها وطلبت من محامى «الفجر» محمد البرماوى أن يسافر إلى النيابة المختصة فى الإسكندرية ومعه الرقم القومى وقسيمة الزواج لإثبات اسم الأم ويطلب شهادة بأنى لست الشخص المطلوب للعدالة حتى ولو تشابهت أسماؤنا حتى رابع اسم.

حسب الأوراق التى حصلت على نسخة منها فإنه فى الساعة الواحدة والنصف من مساء يوم 15 أكتوبر 2018 حضرت إلى قسم ثان الرمل المحامية باتعة حسين عباس خفاجة بصفتها وكيلا عن محمد عبدالوهاب رمضان حسن (التوكيل رقم 2333 لسنة 2014) وأبلغت عن قيام المدعو عادل محمد إبراهيم حمودة منذ شهر تقريبا بتبديد مبلغ (أربعين ألفًا) كان عليه توصيلها من موكلها إلى جابر عطية حسين ووقع إيصالا باستلام المبلغ ولكن لم يوصله.

وفى محضر الشرطة ذكر عنوان المتهم (شارع عثمان محرم أرض الفولى أمام صيدلية الحمامى ملك إبراهيم متولى) ورقمه القومى 208271800133 وهو بالقطع مختلف عن رقمى القومى.

نسخة من هذه الأوراق فى أرشيف قسم الشرطة ونسخة أخرى فى المحكمة الابتدائية التى أصدرت الحكم برئاسة محمد بدر وبحضور وكيل النيابة ما يعنى أن مشكلة التشابه كان يمكن أن تحل فى القاهرة ولكن ذلك لم يحدث.

فى الإسكندرية قدم المحامى طلبا لرئيس النيابة المختص فلم يطلب من أحد مساعديه فتح ملف القضية والتأكد من اختلاف الرقم القومى بينى وبين المحكوم عليه وتقديم شهادة بذلك تعيد الحقيقة إلى كمبيوتر إدارة تنفيذ الأحكام ولكنه أشر على الطلب إلى مباحث قسم الشرطة بالتحرى.

فى قسم الشرطة أكدت المباحث أن الأمر لا يحتاج منها إلى تحريات فكل المعلومات متوفرة فى الملفات وطلبت من النيابة إرسال ما لديها من بيانات وهو ما حدث.

صدرت شهادة من وحدة تنفيذ الأحكام فى قسم شرطة ثان الرمل ــ الإسكندرية إلى السيد الأستاذ / رئيس نيابة الرمل ثان يصعب قراءة الخط الذى كتبت به ويمكن أن يكون نصها كالتالى:

مرسل لسيادتكم المحكوم عليه تنفيذ الأحكام الصادرة ضده وبياناتها كالتالى:

«ردا على كتاب سيادتكم بشأن عمل التحريات فى القضية رقم 22997 لسنة 2018 خاصة بالمحكوم عليه/عادل محمد إبراهيم حمودة والمقيم شارع عثمان محرم أرض الفولى ويحمل رقم قومى 1800133 وسكنه غير سكن مقدم الطلب المدعو عادل محمد إبراهيم حمودة والمقيم فى مصر الجديدة ويحمل رقماً قومياً مختلفاً وليس هو المطلوب لتنفيذ الحكم وهذا ما توصلت إليه التحريات».

التوقيع بلوكمين أمين شرطة ورئيس وحدة تنفيذ الأحكام مقدم/أحمد زمزم ومأمور القسم عميد/محمد غازى وخاتم شعار الجمهورية.

وحمل المحامى الشهادة إلى النيابة فأخذ أصلها مسئول القسم الجنائى ليحتفظ بها وأعطاه صورة طبق الأصل منها موقعة منه وعليها خاتم شعار الجمهورية.

هنا.. هنا فقط.. أضيف الرقم القومى إلى بيانات المحكوم عليه فى كمبيوتر تنفيذ الأحكام.. فإذا ما تشابه اسمى معه أنقذنى رقمى القومى المختلف.

ولكن.. لم يكن من السهل إضافة الرقم القومى إلى البيانات دون الحاجة للمجهود الذى بذل والاتصالات التى جرت والتكاليف التى أنفقت؟.

والأهم ألا يوفر إضافة ذلك الرقم وقت وجهد هيئات الشرطة والنيابة العامة ؟.. ألا يكفى ما فى تلك الهيئات من قضايا حقيقية تحتاج تركيزها؟.

تخيل بريئا محكوم عليه فى جريمة قتل وعليه تنفيذ الحكم فى قنا: كم تتكلف وزارة الداخلية لنقله إلى هناك ؟ وكم من الوقت يضيع على النيابة العامة هناك لإثبات أنه ليس المطلوب لتنفيذ الحكم؟.

ولا أبالغ لو قلت إن هناك ملايين من حالات تشابه الأسماء تتسبب فى إهدار الوقت والمال والجهد لتكتشف الجهات المختصة براءتها.

هناك بالقطع حل سهل يوفر علينا ذلك كله: إضافة كل ما يتوافر من معلومات وأولها الرقم القومى وثانيها اسم الأم وثالثها المؤهل الدراسى ويستحسن وضع صورة للمطلوب فى تنفيذ الأحكام لو أمكن ذلك.

إنها مأساة أن أجد نفسى بعد كل ما قدمت إلى مهنتى وبلدى متهما بالتبديد وخيانة الأمانة ومثلى مئات المئات من الشخصيات المحترمة التى تجد نفسها فى مواقف جنائية ملتبسة وربما ينظر إليها نظرة ما مريبة أو على الأقل غير مريحة.