د. بهاء حلمي يكتب: الأمن الجنائي وانضباط الشارع المصري

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


إن متابعة الجهود المبذولة فى مكافحة الإرهاب وتوفير الأمان والاستقرار المجتمعى والتنمية المستدامة والوعى القومى تأتى على رأس اهتمامات القيادة السياسية باعتبارها عناصر أساسية لاستراتيجية أمن مصر القومى بجانب مهام حماية وتأمين حدود وحقوق الدولة ضد المخاطر التى تهددها على كافة الأصعدة، كما أن هذه العناصر ذاتها تشكل تحديات أيضا.

لذلك فإن مداومة متابعة وتقييم الأداء والسياسات وما تحقق من إنجازات والتعرف على المشكلات التى قد تؤثر على إنجاز الأهداف والمهام والعمليات المخطط لها، ووضع الحلول المناسبة ضرورة حتمية فى سبيل توفير المناخ الملائم للسلام والتنمية والتقدم والرفاهية.

ونشير هنا إلى المستجدات على صعيد الأوضاع الأمنية بالشارع المصرى، والذى لا يمكن النظر إليه بمعزل عن الوضع الأمنى الداخلى والاقليمى والعالمى أيضا.

إلا أن الاستقرار وترسيخ سيادة القانون بالمجتمع المصرى هى دعائم أساسية للأمن والأمان كما أن مواجهة السلوكيات الشاذة على العادات والتقاليد بالمجتمع فرض عين.

إن أبناء الشعب المصرى بالقوات المسلحة والشرطة المصرية بذلوا جهودا ضخمة وقدموا تضحيات عظيمة، حيث قادت الأم والأسرة المصرية مسيرة التحدى لاستعادة الأمان والاستقرار للوطن بروح ومشاعر وطنية ملهمة للحماس والفداء فى سبيل تلك الرسالة النبيلة.

ومازالت تواجه المؤسسات الأمنية الإرهاب باعتباره أحد صور التطرف العنيف الذى لا يمكن القضاء عليه إلا بقدرات وجهود متوازية من المؤسسات الأخرى والمجتمع المدنى لتغيير الإيديولوجية واستبدال ثقافة العنف والتطرف لدى البعض بثقافة جديدة ترتكز على القيم الإنسانية والتسامح وقبول الآخر.

وتعمل القوات المسلحة والشرطة جنبا إلى جنب فى مكافحة الإرهاب ولحماية المواطنين والمنشآت مما له الأثر الإيجابى لحالة الأمان والطمأنينة التى نعيشها كمواطنين وأجانب وسائحين.

إلا أنه فى الغالب ما يظهر سلوكا غير حضارى من جانب بعض المواطنين والسائقين فى الحالات التى تعقب اختلالات أمنية كالتى حدثت بعد يناير 2011 وقبل 2014م مما يؤثر سلبا على الأمن العام ويعطى صورة غير جيدة عن الأمان وسيادة القانون بالمجتمع أمام العالم.

لقد حان استعادة الانضباط بالشارع المصرى، وألا يقتصر على الالتزام بقوانين وآداب المرور فحسب بل يقتضى بذل المزيد من الجهود فى مجال الأمن الجنائى مدعوما بجهود مضاعفة من الأجهزة الأمنية المختصة كشرطة المرافق ومباحث النشل والنقل والمواصلات وشرطة التموين والبحث الجنائى ومباحث الآداب والخدمات النظامية المختلفة وغيرها.

على أن يتم ذلك وفق استراتيجية ورؤية احترافية لتحقيق الانضباط المنشود بشكل مهنى مرحلى يستهدف ترسيخ الشعور لدى المواطنين والسائقين بالتواجد الأمنى الفعال وعدم التمييز والمساواة أمام القانون.

ويكون ذلك مدعوما باستراتيجية إعلامية وثقافية توعوية لتنمية الوعى القومى لدى المواطنين والارتقاء بالسوك العام فى الشارع، والمساهمة فى إعادة هيبة القانون من خلال مواجهة الظواهر السلبية والإجرامية التى بدأ أن يأخذ بعضها شكل الاعتياد مثل مخالفات المرور، الباعة الجائلون وافتراش الطرق، السايس، التوك توك، التحرش، تنمر الأطفال والمراهقين، سلوك البلطجة وغيرها من الجرائم والمخالفات.

من واجبنا إلقاء الضوء على مشكلات المجتمع الذى نعيش وسطه وننتمى إليه بغرض الإصلاح والصلاح، وطرح الأفكار التى يمكن أن تساهم فى القضاء على السلبيات واستعادة القيم والأخلاق النبيلة فى مواجهة بعض الثقافات الشاذة من مخلفات مواقع التواصل الإلكترونى التى تستهدف قيم الأسرة والعائلة والمجتمع لصالح مجتمعات افتراضية بديلة.

لذلك تكررت مطالبات القيادة السياسية بمواصلة الأجهزة المعنية بذل أقصى الجهد للحفاظ على الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والأمن الجنائى، والانضباط والالتزام بالقيم المجتمعية والسلوك الحضارى وفقا لسيادة القانون. إن الأعباء الأمنية الملقاة على عاتق وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية متعاظمة بقدر الإنجازات المحققة بفضل السياسات الأمنية الهادئة والهادفة التى يتبناها السيد وزير الداخلية، ومن هنا تظهر مدى الحاجة للدعمين المادى والمعنوى من المجتمع للأجهزة الأمنية بالدولة للحفاظ على مؤسسات قوية تلتزم بالدستور والقانون وحقوق الإنسان.

إن أداء أعضاء هيئة الشرطة لرسالتهم من منطلق الإيمان بالوفاء للرسالة والعهد حتى التضحية، وليس من منطلق أنها وظيفة، ولكنه واجب والتزام قانونى أخلاقى مهنى سواء فى التعامل مع المواطنين أو فى مواجهة الجريمة.

وفى الوقت ذاته فهناك مسئولية كبيرة على الفرد والمجتمع لدعم رجال الأمن والتعامل معهم كونهم يؤدون رسالتهم لحمايته وأمنه والدفاع عنه وماله وعرضه، من خلال التزام أفراد المجتمع بالسلوك الأخلاقى القانونى، والبُعد عن فكرة التربص والعداء وفقا لعقلية الألتراس المنقولة من الخارج. فتحية خاصة لأبناء الشعب المصرى بقواته المسلحة وشرطته الوطنية ومواطنيه الشرفاء.

www.bahaahelmy.com