تركيا وفزّاعة اللاجئين.. الجرح النّازف لأوروبا

عربي ودولي

علم تركيا
علم تركيا



دخلت مؤخراً العلاقات التركيّة الأوروبية منعرجاً خطيراً بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة، إذ توعّد فيها أوروبا بفتح الحدود المشتركة بينهما سامحاً للاجئين بالعبور إلى أوروبا، وهذه المعطيات السياسيّة الأخيرة تُنبّأ بمرحلة جديدة للعلاقات المشتركة بين الطّرفين، فما هو سبب الخلاف تحديدًا؟ ومالذي دفع أردوغان الذي كان يخطب ودّ الاتحاد الأوروبي لانتهاج هذا المسار؟.
بادئ كلّ ذي بدء، ليس في السياسة عدوّ دائم أو صديق دائم، هناك مصالح تتلاقى أو تتعارض، وأوراق ضغط ومفاوضات، تركيا التي كانت تسعى جاهدًا لتحسين علاقتها مع الاتحاد الأوروبي وتُفاوض على إنضمامها إليه تُكشّر اليوم عن أنيابها لأوروبا وتضعها أمام خيارين أحلاهما مرّ: إمّا الرضوخ لتدخّل أردوغان بسوريا بُغية تأمين حدوده معها وترحيل اللاجئين من بلده أو الاستعداد لموجة جديدة من اللاجئين قد تعصف بالحياة السياسية في أوروبا. 

لا يقف الرئيس التركي أردوغان عند هذا فحسب، بل يذهب إلى تهديد أوروبا بترحيل عناصر إرهابية قابعة في السجون التركيّة، الأمر الذي أثار جدلا واسعًا في الدول الأوروبية المعنيّة بالأمر خاصّة ألمانيا وبريطانيا، وبالفعل، قد شرعت تركيا في ترحيل بعض المجرمين المنتمين لتنظيم الدولة بشكل غير مكثّف، ولعلّها تكون حركة جسّ نبض، ففي النهاية تسعى تركيا للعب أوراقها حين تكون على وشك الدخول في معركة سياسيّة كمعركة "نبع السلام" بسوريا. 

وترى تركيا في معركة "نبع السلام" الحلّ الأمثل لخلافاتها الداخلية مع الاكراد وايضاً مشكلة اللاجئين، إذ تسعى من خلالها لإقامة منطقة آمنة وترحيل اللاجئين إليها، وبذلك تتخفّف تركيا من ضغط السوريّين داخل أراضيها وتضمن مصالح أوروبا بعدم فتح حدودها ممّا يعني تدفّق مزيد اللاجئين إلى أوروبا.

ومن الواضح أنّ تركيا تلعب أوراقها الأهمّ "اللاجئون والحدود"، في المقابل يحاول الاتحاد الأوروبي تسليط عقوبات قاسية نسبيّا على اقتصاد تركيا الذي لا يمرّ بأفضل مراحله، فهل تنجح محاولات أحد الطرفين في فرض سياساته على الآخر، أم يجلس المتنازعون إلى طاولة الحوار في النهاية من أجل تسوية الملفات العالقة بما يخدم مصالح الجميع؟.