رد ناري من الأزهر والإفتاء على فتوى تحريم تهنئة الأقباط

أخبار مصر

أرشيفية
أرشيفية


تزامنا مع بداية العام الجديد مطلع كل عام يخرج علينا بعض أصحاب الفكر السلفي يثير قضية تحريم الإخوة المسيحيين بأعياد الميلاد، فيما أكدت المؤسسات الدينية الرسمية أن تهنئة الإخوة المسيحيين أمر لا شيء فيه وجائز شرعا.

لم يقتصر الأمر على بيانات من المؤسسات والعلماء لكن على أرض الواقع يحرص فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وفضيلة مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، على زيارة الكاتدرائية لتهنئة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، بعيد الميلاد المجيد.

فتوى برهامي
وجاءت فتوى ياسر برهامى المنشورة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك ردا على سؤال عنوانه هل يجوز تهنئة غير المسلمين في أعيادهم، فأجاب أن أعياد المشركين تتضمن تعظيمًا لعقائدهم الكفرية: كميلاد الرب وموته وصلبه -والعياذ بالله-، فتهنئتهم بها شر مِن التهنئة على الزنا وشرب الخمر، وأقل أحوالها التشبه بهم، وقد قال الشنبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني) أما البر فهو: كإطعام الجائع، وكسوة العارى، وإعطائه هدية يتألف بها، وليس مِن ذلك إقرارهم على باطلهم، والعيد شريعة يشرعها الله، فمشاركتهم وتهنئتهم إقرارٌ بباطلهِم وتشريعهِم، وهذا مما لم يأذن به الله عز وجل".

الإفتاء ترد
رسميا أكدت دار الإفتاء في ردها على من يحرمون ذلك، أنه لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدَّعي بعض المتشددين غير العارفين بتكامل النصوص الشرعية ومراعاة سياقاتها وأنها كالجملة الواحدة، وقد قَبِلَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم الهدية من غير المسلمين، وزار مرضاهم، وعاملهم، واستعان بهم في سلمه وحربه حيث لم يرَ منهم كيدًا، كل ذلك في ضوء تسامح المسلمين مع مخالفيهم في الاعتقاد، ولم يفرق المولى عز وجل بين من المسلم وغير المسلم في المجاملة وإلقاء التحية وردها؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]، والتهنئة في الأعياد والمناسبات ما هي إلا نوع من التحية.

وأضافت: أما ما استشهد به هؤلاء من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾ [الفرقان: 72] على عدم تهنئة غير المسلمين بأعيادهم من نصارى ويهود: فإنما هي نظرة قاصرة للنص القرآني؛ حيث لم يرد ذلك صريحًا في الآية، بل هو اجتهاد في تفسيرها، وقد نقل فيه عدة آراء، فما بالهم يأخذون منها ما يوافق أهواءهم ويكفرون بغيرها.

وأما دعوى التشبه والموافقة على شعائر غير المسلمين: فالمنهي عنه شرعًا التشبه والموافقة في الأفعال والاعتقادات التي نهى الإسلام عنها أو خالفت شيئًا من ثوابته.

وأكد مركز الإفتاء للأزهر أن "تهنئة المسيحيين بأعيادهم أمر مرحب به شرعا إذ يصنف مثل التعبير عن الإحسان إليهم والبر بهم ويدخل في باب لين الكلام وحسن الخطاب، وهذا ما أمر به الله".

الأزهر: تندرج تحت باب الإحسان
وقال الأزهر، في بيان: "دعا الإسلام إلى قيم التعايش والتسامح والاحترام، وربى أتباعه على ذلك، وهي قِيم لا تتنافى مطلقا مع اعتزاز كل صاحب دين بدينه، وتمسكه به، فكلما ازداد المسلم فهما للإسلام كلما ازداد احتراما لغيره".

وأضاف البيان: "تهنئة المسيحيين بأعيادهم تندرج تحت باب الإحسان إليهم والبر بهم، كما أنها تدخل في باب لين الكلام وحسن الخطاب، وجميع هذه الأمور أمرنا الله عز وجل بها مع الناس جميعا دون تفرقة، خاصة مع أهل الكتاب الذين قال الله تعالى في حقهم في سورة الممتحنة: "لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ»، وقال أيضا في سورة البقرة: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".

أمين الفتوى: كلنا أبناء آدم
وأوضح الدكتور خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن القيم والأخلاق وطبيعة الإنسان تقتضي تهنئة المسيحيين بأعيادهم من منطلق أننا جميعًا من بني آدم، وجزء من قيمنا أن نسعد ونُسعد، وندخل البهجة والسرور على أنفسنا وخلق الله عز وجل.

وأضاف أن من يُحرم تهنئة الأقباط يتوهم بأنه يدافع عن الدين، لافتَا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان عبارة عن قرآنًا يسير على الأرض كان يحث على زيارة أهل الكتاب.

وأشار إلى أن الأخوة الإنسانية تعني وجود رحم وتواصل بين جميع البشر، ولكن بعض الناس لا تهتم بهذا الأمر.