طارق الشناوي يكتب: نجلاء فتحي هي نجلاء فتحي!

الفجر الفني

بوابة الفجر


الصحافة بلا قلب هكذا يعتقد الكثيرون وهم يلتقطون الأخبار ويذيعونها بغض النظر عن التدقيق والأبعاد والظلال التى تثيرها، الصحافة كانت وستظل التزامًا بين الصحفى والقارئ، لأنها تراهن على الحقيقة ولا شىء غير الحقيقة، يبدو أن مثل هذه الكلمات صارت عند عدد من الزملاء تُثير الضحك، وربما فى عصر (الرقمنة) تعنى التخلف المهنى وتصبح فى نظرهم (دقة قديمة)، يبحثون عن الإثارة ولا شىء غير الإثارة.

اعتقدوا أن الحديث عن صورة حديثة لنجلاء فتحى سوف تثير الحسرة فى نفوس الناس وهم يتابعون ما الذى فعلته الأيام بملامح نجلاء، رغم أن نجلاء هى التى نشرت الصورة، وكأنهم يريدونها مثل بعض النجمات اللاتى يكبرن نجلاء في العمر فأصبحت وجوههن بلا حياة (بلاستيكية) الإحساس. الوجه المشدود (على سنجة عشرة) يذكرنى بإطار السيارة، حتى تتأكد من قوته تجعله يرتطم بالأرض عشرات المرات، بينما السيارة تتأملها بعينك، وربما تحنو عليها بيدك.

نجلاء لم تعلن مباشرة الاعتزال، ولكنها فقط ابتعدت فى هدوء، يعبر عن شخصيتها، التى تتجنب الصخب، وبرغم ذلك تعرضت للكثير من الضربات العشوائية، ربما بعضها بحسن نية، إلا أنه يخاصم الإحساس البشرى، قبل نحو 5 أعوام تعرضت لمهاجمة نوع شرس من مرض الصدفية فى العظام، تصدت له بشجاعة نادرة، بل جعلت من نفسها حقل تجارب، وتعاطت حقنة تحت الاختبار البشرى، ولم تعبأ بالنتائج وخاضت التجربة، كان السؤال الذى قرر بعض الزملاء ضرورة البحث عن إجابته وتقديمه «دليفرى» للقارئ، هو سعر الحقنة التى تتعاطاها فى زيورخ أربع مرات. هل فكروا من سارعوا بنشر الأخبار عن سعر الحقنة أن يرسلوا لها كلمة مكونة من خمسة حروف «سلامتك»؟، فقط قالوا إن نجلاء تدفع 70 ألف دولار للحقنة الواحدة، واضطر زوجها الإعلامى الكبير الراحل حمدى قنديل إلى نشر تصحيح على صفحته، يؤكد أن الحقنة بتكلفة 7 آلاف دولار، والمطلوب أربع حقن، وأنه سوف يتحمل من مدخراته الثمن. نجلاء أعلنت أنها تُنفق على نفسها، حتى لا يسأل أحد لماذا يرصدون كل هذه الأموال لفنانة؟ وأين باقى الشعب؟ نجلاء لم تسمح لأحد بالتحدث باسمها للحصول على علاج على نفقة الدولة، برغم أنه حق أصيل لمن أعطى للوطن، ضربت المثل للجميع، عندما قالت إنها تستطيع هى وزوجها تحمل أتعاب العلاج، ويكفيها فقط سؤال ودعاء الناس والمسؤولين.

كثيرا ما التقينا، وشاركنا معا فى بعض لجان التحكيم، ورأيت كيف أنها تملك قدرة على التحليل الفنى لكل عناصر الفيلم، وعديد من الجلسات اليومية جمعتنا مع الأستاذ حمدى قنديل أثناء مهرجان دبى السينمائى، عندما كان يقدم برنامجه على شاشة دبى، قبل خمسة عشر عاما، كان هناك اتفاق بيننا أن أسجل قصة حياتها فى برنامج تليفزيونى يخرجه على بدرخان، المشروع بعد العديد من اللقاءات لم يكتمل. نجلاء حالة إنسانية لم تتغير، خفة ظل وسرعة بديهة، ابتسامة لا تفارقها تصالحنا على الحياة، وتفتح نفسنا على الدنيا، احتفلت قبل أيام بعيد ميلادها، ولا أملك سوى أن أقول لها (لك مساحة فى قلوب الناس لا تزال شاغرة ولن تشغلها سوى نجلاء)، أما الصحافة التى يحلو لها أن تلعب على الصورة، فهى قطعا ليست صحافة، ولكنها سخافة!!