"احتفل بيومها العالمي في سور الأزبكية".. حكاية طالب فرنسي حقق حلمه بتعلم اللغة العربية بمصر

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عَزمَ "فنسنت"، على السفر إلى القاهرة مع انتهاء اختبار نصف العام الدراسي الأول من الفرقة الثالثة؛ لتعلم اللغة العربية من البلد الذي أولع بتاريخها وثقافتها منذ صباه، فتلقفَه للكلمات من المسلسلات التاريخية جعلته يتحرى طيلة الوقت في علم اللغة، حتى تأثر بأسلوب بعض الأدباء العرب، الذين مزجوا العلم بالأدب، لاسيما المصريين منهم، مُصِرًا على الإلمام بقواعد العربية من جهابذةُ الفكر بمصر كما أطلق عليهم "عامًا مر وأنا أتعلم النطق والكتابة بالفصحى والعامية واللهجة الصعيدية.. فكل مكان في هذه البلد أضاف لي كثير من العلم" طالما حلمت به وأكثر.






تزامنت زيارة الشاب الفرنسي، الأولى إلى مصر مع بدء تنظيم تجار سور الأزبكية معرض مواز لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي اكتشفه بالصدفة عند خروجه من محطة مترو العتبة، عقب التسجيل في المركز الثقافي الفرنسي بالسيدة زينب، وهو ما أدهشه؛ لعشقه الكتب العتيقة التي أصفرت أوراقها، اتجه صوب المكان المُكتاظ بالكتب الخاصة بالتاريخ والديانات المختلفة، أربت على بعضها بعطف وظل يتصفحها، متأثرًا بما يراه من تراث نادر وجوده "لهذه الكتب قيمة حقيقية ليست فقط لأن سعرها بسيط.. بل لأنها تمثل أصحابها الأصليين"، يقولها صاحب الوجه الضحوك، وهو محدقًا في أرفف الكتب مقارنًا معارض الكتب في أوروبا التي تختلف عن مصر فهي أشبة بحوانيت الأنتيكات، بينما بقاهرة المعز يشعر بأنه يرى التاريخ أمامه "المجلدات المتراصة بتمعن تحكي الزمن فصل فصل".






ساعدته الكتب التي حرص على شرائها، منذ الوهلة الأولى في الإطلاع على العديد من الحضارات، حتى ظل يتناقش مع مُعلمينه في المركز السالف ذكره والمعهد الفرنسي بمنطقة المنيرة ،عن بعض المفردات واستخدامتها، خاصة أن حصيلة الكلمات العربية التي يُعرفها ليست بالشكل الذي يأمله "قصتي مع اللغة العربية طويلة.. فقرأت القصص والروايات المترجمة"، ليس هذا فقط بل اتسعت دائرة معرفته بالكتاب العرب بفرنسا المختصين بالعديد من الفنون الكتابية "ساعدوني كثيرًا في الإملاء والخط، وقواعـد اللغة".






دراسة منصور-معنى اسمه باللغة العربية-، وتخصصه في العلوم السياسية ساعده أيضًا في التطلع على الأحوال السياسية في البلدان العربية، لذا كانت مصر الاختيار الأول أمامه؛ لما تتمتع به من استقرار آمني "كمان تعتبر أم الحضارات.. فهي أم العرب"، مُتفاخرًا باختياره وتحدثه العربية وتخاطب المواطنين بالقاهرة بها رغم نطقه لبعض الكلمات بشكل "مكسر"، إلا أنه لا يربأ لذلك "تزاوجت لغتي بالعامية والفصحى.. وهذا كان صعب إدراكه بالشكل الجيد إلا بين الشعب المصري"، ما جعله يفكر أن يظل ما بين القاهرة وفرنسا، وعاد مجددًا بعد سفره في مارس المنصرم، ليتزامن وجوده مع اليوم العالمي للغة العربية-الذي يحتفل بها العالم سنويًا في الثامن عشر من ديسمبر؛ لأنه اليوم الذي اتخذت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1973 قرارها التاريخي بأن تكون اللغة العربية لغة رسمية سادسة في المنظمة-، محتفلاً بهذا اليوم بين أساتذته وبائعي الكتب بسور الأزبكية.






الأديب والصحفي اللبناني أمين معلوف- الذي انتقل إلى فرنسا للعمل في مجلة إيكونوميا عام 1976-، يعتبر مدرسة لصاحب الـ(22ربيعًا)، خاصة أنه كان يترجم كتابته باللغة الفرنسية، فهو كان المحطة الأولى لمعرفته بتاريخ الأندلس، ما ساعده على القراء والتوسع في الأديان على رأسهم الدين الإسلامي، كما لاحظ التسامح في طريقة تناوله لبعض القضايا والأحداث التي تحولت إلى سمة أدبية كـ "الحروب الصليبية"، مناقشًا مفاهيم الحضارة ذاتها في العقلية الأوروبية والعربية، لاسيما وأن منطقته التي ولد فيها "الألزاس" الواقعة في شرقي فرنسا وعاصمتها هي ستراسبورج، كانت تاريخيا محل نزاع مع ألمانيا، ولازال سكانها- البالغ عددهم حوالي 219.4 نسمة- يتحدثون اللغة "الألمانية-الفرنسية".