طارق الشناوي يكتب: نادية ونبيلة والطرف الثالث!

الفجر الفني

نبيلة عبيد
نبيلة عبيد


ونحن نرصد تاريخ السينما المصرية، يجب أن نتوقف، منذ منتصف السبعينيات وحتى مطلع الألفية، عند محطة نادية الجندى ونبيلة عبيد، اللتين حققتا أرقامًا قياسية فى شباك التذاكر. ربع قرن على القمة الرقمية، الآن لا توجد لدينا نجمة شباك بالمعنى الحقيقى للكلمة، شهدت الساحة السينمائية معارك طاحنة بين (نجمة الجماهير) و(نجمة مصر الأولى) واللقب الثانى أطلقته نبيلة على نفسها للرد على نادية.

سعيد قطعًا بالصلح، ولكن فقط لا تصدقوا ما يقال دائما إن الصحافة هى السبب فى خلق العداء، سبق أن فعلها فريد الأطرش وعبدالحليم فى لقاء الصلح الذى تم فى التليفزيون اللبنانى، وأدانا صاحبة الجلالة، رغم أن كلاً منهما كانت لديه ماكينة إعلامية تعمل لحسابه، لا تكتفى فقط بتلميعه، ولكنها تضع أيضا على قائمة الأهداف فتح النيران على المنافس الأول.

نادية ونبيلة نشبت بينهما معارك ضارية بلغت ذروتها مع فيلم (خمسة باب) الذى جمع فى مطلع الثمانينيات نادية لأول مرة بعادل إمام، مؤسسة صحفية كبرى شنت هجومًا على الرقابة لما اعتبرته تسيبًا وإسفافًا، وأصدر وزير الثقافة الأسبق عبدالحميد رضوان قرارًا بسحب (خمسة باب) وأيضًا (درب الهوى) حتى لا يبدو الأمر موجهًا فقط ضد نادية الجندى، وبالصدفة نجا من المذبحة (شوارع من نار) الأفلام الثلاثة كانت تتناول مصر فى الأربعينيات، فى زمن انتشار شوارع البغاء، التى كانت تتمتع بحماية القانون.

القضاء بعد بضع سنوات أعاد الفيلمين، كانت الخسارة فادحة، اعتبرت نادية أن غريمتها نبيلة لعبت دور البطولة فى حبك تلك المكيدة. مع تضاؤل إيرادات شباك التذاكر وتواجد جيل آخر وتغير مذاق الجمهور، خفتت نيران الغضب، بينما كل منهما تمسكت فقط باللقب، باستثناءات قليلة، يوسف شاهين حذفه من نبيلة فى فيلم (الآخر)، وهو ما فعله تلميذه على بدرخان مع نادية فى آخر إطلالة سينمائية لها قبل نحو 17 عاما فى (الرغبة).

طالبت النجمتان بحق اللجوء للشاشة الصغيرة، مع احتفاظهما باللقب، الأمر لم يسفر عن نجاح يعتد به، كاتب السيناريو الكبير مصطفى محرم حاول قبل نحو 15 عاما الجمع بينهما فى (ريا وسكينة) إخراج جمال عبدالحميد، كل منهما توجست من الأخرى، فكان المسلسل الذى حقق رواجًا جماهيريًا ضخمًا من نصيب عبلة كامل وسمية الخشاب.

الأمر بات الآن أسهل، كل من النجمتين ليست لديها خيارات أخرى، فلن تضع أى منهما عراقيل مادية أو أدبية، يبقى السؤال: إلى أى مدى ينتظرهما الجمهور؟ سألوا مؤخرا محمود حميدة عن ندرة تواجده سينمائيا؟ أجاب بدون أن يضع مكياجا على حروف الكلمات (أنا راجل عجوز ح يجيبونى ليه، أكيد ح يفضلوا أحمد عز).

لا أوافق على رأى حميدة، الزمن من الممكن أن يتحول إلى قوة دفع، لو أحاله الفنان لصالحه، لديكم مثلا فيلم (الأيرلندى) أبطاله الثلاثة «روبرتو دى نيرو وآل باتشينو وجو بيتشى» فوق السبعين وحقق فى دور العرض فى فترة وجيزة أعلى الإيرادات، وعند انتقاله إلى منصة (نتفلكس) حقق أيضا أعلى كثافة مشاهدة، السؤال الأهم: إلى أى مدى تمتلك النجمتان مرونة فى قراءة تغير شفرة فن الأداء وتغير شفرة الجمهور، المعادلة ليست فقط الجمع بين النجمتين الكبيرتين، الطرف الثالث صاحب العصمة (الجمهور) هو البطل، هل لا يزال على الخط؟.