ليس الأكراد وحدهم.. سجل جرائم "أردوغان" ضد شعوب شمال سوريا

عربي ودولي

أردوغان
أردوغان



لم يكن الأكراد هم الضحية الوحيدة للغزو التركي على شمال سوريا، ولكن الكثير من مكونات الشمال أصبحوا رهائن لتفلتات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وعبثه بالشأن السوري، خاصة مع الفصائل المنضوية تحت لواءه، والتي ينسب لها العديد من الجرائم، التي مورست بحق شعوب المنطقة.

قتل الأزيديين
قال علي عيسو، رئيس مؤسسة أزيدينيا، وهي مؤسسة تعني بشؤون الإيزيديين في سوريا، إن "ضحايا العملية العسكرية على عفرين من الأيزيديين بين الفترة الواقعة 20 يناير وحتى 20 مارس عام 2018، كانت وقوع ثلاثة قتلى من الأطفال الأيزيديين في قرية ترندة جراء القصف التركي على منزلهم بتاريخ 3 مارس 2018؛ حيث نجى من القصف والدة الأطفال الثلاثة بالإضافة إلى ابنها الرابع، بالإضافة إلى وقوع عشرات الجرحى في تلك الفترة". 

وأكد عيسو لـ"الفجر"، على أن الضحايا الذين وقعوا بعد احتلال تركيا لعفرين، بلغت وفقاً لرصد مؤسسة أيزدينا ثلاثة مدنيين بينهم اثنان تم قتلهم بشكل مباشر، بالإضافة إلى مئات الأيزيديين، الذين تم اختطافهم وتعذيبهم فضلًا عن تهجير مئات العائلات.

وأضاف رئيس مؤسسة أزيدينيا، إنه في اليوم الأول لسيطرة الجيش التركي والفصائل المتطرفة على المدينة، وقعت العديد من التفجيرات بالمدينة جراء عبوات ناسفة زرعها هؤلاء المسلحون، وفقًا لعدة شهادات لم نستطع التأكد منها؛ حيث رصدنا في مؤسسة أيزدينا مقتل شابين أيزيديين برفقة امرأة في تفجير أحد المباني الواقعة وسط مدينة عفرين.

وأوضح عيسو، أنه في أبريل 2018 أرادت عدة عوائل ايزيدية المخاطرة بحياتها؛ لأجل الخروج من عفرين نظرًا لتفاقم حدة الانتهاكات بحقهم من قبل المتطرفين؛ حيث توفي سبعة ايزيديين من بينهم أم مع طفلتها الصغيرة، وذلك أثناء انفجار لغم بالسيارة، التي كانت تقوم بتهريبهم من عفرين باتجاه مدينة حلب.

التغيير الديمغرافي وطرد الايزيديين
وكشف رئيس مؤسسة أزيدينيا، عدد من حوادث التغيير الديموغرافي بالمدينة، ففي حادثة أليمة شهدتها المناطق الأيزيدية في عفرين، اقتحام مجموعة من مسلحي الجيش الحر لمنزل "نازليه عمر شرف" في قرية باصوفان، وهي امرأة مسنة كانت تعيش لوحدها، وطلبوا منها الخروج من منزلها ليسكن فيها عائلات المسلحين؛ حيث امتنعت عن الخروج، فأمهلوها المسلحون مدة 24 ساعة لإفراغ المنزل، ولم تقضي المدة حتى ماتت المرأة بجلطة أصابت قلبها وذلك نتيجة الحزن الذي أصابها.

كما تم إفراغ العديد من منازل الأيزيديين واسكان عوائل المسلحين فيها؛ حيث تعرضت عائلة أيزيدية تقيم وسط مدينة عفرين للطرد من منزلها رغم امتلاكها للوثائق، التي تؤكد ملكيتها.

المرأة الأزيدية
"يكفي سماع تحليقها لعدم النوم طوال الليل" بتلك الكلمات وصفت عضوة منسقية اتحاد المرأة الإيزيدية بحلب رانيا جعفر، كيف مرت حرب عفرين على الأزيديات، مبينة أنه في وقت القصف ينزلن إلى القبو وتسمع صراخ الأطفال وأصبح عند كثير منهن فوبيا من صوت الطائرة.

وأكدت جعفر لـ"الفجر"، على أنه تكررت حوادث خطف الأيزيديات، فمن فترة قصيرة اختطفت أمراة وزوجها؛ لدفع الفدية وحتى الأن مصيرهم مجهول، وعائلة أيزيدية أخرى بها اختين أخطتفوا، واخذو من العائلة كل شي حتى جوالاتهم، وبعد يومين أطلق سراحهن شبه مجانين، وغيرها من حوادث الإختطاف.

وأردفت عضوة منسقية اتحاد المرأة الإيزيدية بحلب، أن حوادث السرقة أصبحت تحدث جهارًا نهارًا؛ حيث تأتي نساء منتسبات للجيش الحر ويفتشون النساء فإذا وجدوا معهن جوالات أو أموال أو ذهب يأخذوه، كما تمت مراقبة الجوالات، خاصة وأن عفرين أصبحت مربوطة بخطوط الانترنت التركية؛ حيث وجدت على هاتفها هي وأكثر من أزيدية عملت في الإدارة الذاتية رسائل تهديد من أشخاص في الجيش الحر.

وأوضحت جعفر، أنه بسبب المراقبة باتت الأزيديات يخشين من إجراء مكالمات أو حتى إرسال رسائل صوتية، ولكن في الكتابة أصبحت يشرحن مأساتهن من نهب وسرقة وهتك للأعراض.

السلب والنهب
"يتعرض كل من بقي في الداخل لشتى أنواع الإنتهاكات" بتلك الكلمات وصف رئيس اتحاد الأيزيدين بالشهباء مصطفى شان، ما يحدث لأزيدي عفرين، موضحاً بعض تلك الحالات، ومنها رفض العم "شمو ممو" وهو في العقد السادس من العمر بنطق الشهادتين فقاموا وبكل دم بارد بقتله برصاصة في الرأس من قبل عنصر من أحرار الشرقية، والمواطنة فاطمة حمكو من قرية قطمة رفضت الخروج من منزلها؛ لإسكان المستوطنيين الجدد بدلها فقام عنصر من فصيل الحمزات برمي قنبلة على داخل منزلها ففقدت حياتها على الفور. 

وتطرق شان في تصريحاته لـ"الفجر" إلى عمليات الخطف؛ حيث تقوم الفصائل من الحمزات وأحرار الشرقية والسلطان مراد بإختطاف الرجال والنساء وطلب فدية مالية تتراوح من 1000 دولار وحتى 50000 دولار،  والضغط بكل الوسائل؛ لتهجير من تبقى في الداخل للإستمرار بالتغيير الديموغرافي والتطهير العرقي. 

وأردف رئيس اتحاد الأيزيدين بالشهباء، أن فصائل الجيش الحر قامت بوضع يدها على كل أملاكهم في الداخل من بيوت ومعامل وكروم زيتون ومحلات، بحجة أنهم إرهابيين وكفرة  ويقومون بشكل يومي بقطع أشجار الزيتون، التي أعمارها يصل لمئة سنة.

بينما نقلت "جعفر"، معاناتها الشخصية وعائلتها من عمليات السلب والنهب؛ حيث تركت في عفرين قطعة أرض زراعية وبيت كبير، واستولى على أرضها أحد قائدة الفصائل المسلحة، والذي خشي الأهالي من الجيران حتى من التحدث معه بشأنها، بينما المنزل نهبت كل محتوياته من أثاث وأدوات كهربائية، ولم يبقى فيه سوى الحوائط والجدران. 

تهجير السريان
كشف مركز الدراسات الإستراتيجية السريانية، أنه شهد المكون السرياني العديد من الكوارث نتيجة الهجوم التركي على شمال سوريا في العملية المسماة "نبع السلام"؛ حيث نزح 146 عائلة سريانية من قراها على أثر القصف، مدينة القامشلي والتي حصل فيها اشتباكات في الأيام الأربعة الأولى من الحرب وسقوط قذائف فيها من الجانب التركي ) في حي البشيرية وحي الغربية ( ادى الى افراغ الاحياء الحدودية بالكامل من المسيحيين، مدينة رأس العين، والتي كان يقطنها مالا يقل عن 71 عائلة قبل الهجمات التركية الأخيرة، وما يزال متواجد هناك ما يقارب من 7-8 أفراد.

كما أكد المركز في تقريره، الذي تسلمت "الفجر" نسخة منه، على أنه بعد استهداف مدينة الدرباسية الحدودية في اليوم الثاني، نزح أبنائها للقرى القريبة في بداية الأمر؛ حيث كان يقطن ما يقارب 94 عائلة ونتيجة قرب هذه القرى من الحدود نزحوا إلى مدينة الحسكة، وما يقرب من 500 شخص ممن كانوا يقطنون في تل تمر وقرى الخابور ونتيجة وصول الاشتباكات لمناطقهم نزحوا إلى الحسكة.

ولم ينجوا السريان السوريين من تبعات عملية "نبع السلام"؛ حيث جرح 4 سريان بينهم سيدة أثناء الإشتباكات، وهم مدنيين، ومنهم من كان بعيد عن الإشتباكات يرعى الغنم في قريته؛ ليفاجئ بالقذائف تنهال عليه حتى وقع جريحًا، بجسب تقرير المركز.

دماء على الكنيسة
كما ولم تسلم الكنائس من قصف الاحتلال التركي؛ حيث استهدف كنيسة السيدة مريم العذراء للسريان الارثوذوكس في قرية تل جهان شمال غرب ناحية تربة سبية، ما أدى إلى إلحاق أضرار كبيرة فيها؛ وتعرضت للخراب والتدمير في بعض أجزائها نتيجة استهدافها بشكل مباشر من قبل الاحتلال التركي.