طارق الشناوي يكتب: رجلين الكذب!

الفجر الفني

بوابة الفجر


الكذب فى بلادنا دون بلاد الدُنيا كلها ليس فقط له رجلان ويدان ولسان وأنف وأذن وحنجرة، ولكنه يمتلك قبيلة من المروجين، هكذا خرج علينا تامر حسنى بعد فترة صمت لم تستمر سوى أيام، بدلا من أن يقدم اعتذاره للناس، الذين خدعهم وضللهم، بتلك كذبة عندما أعلن أنه الأكثر إلهاما وتأثيرا فى العالم، ليقول إننا فهمنا خطأ، وإنه الأكثر تأثيرا فقط على جمهوره، متعمدا تجاهل أنه هو الذى روج للكذبة بالصوت والصورة، مما أزعج القائمين على موسوعة (جينيس) التى تحرص على نقاء سمعتها، فتم التكذيب على صفحتها، فاضطر للتراجع، دون أن يعترف بالترويج للكذب، ولم ينس أن يهدى جائزته لمصر.

تامر أفصح مجبرا عن حقيقة الجائزة الرقمية، والتى تعنى أن الإعلان الذى وضعه فى أحد (المولات) الشهيرة بـ(أبوظبى)، متصدرا اسمه، حقق أرقاما دخلت الموسوعة، جميل قطعا، ولكن الكل يعلم أنه من الممكن بقدر من الجهد حشد الملايين من كتائب (السوشيال ميديا) المنتشرين حول العالم وكله بثمنه، دعونا نفترض أن تامر لم يخطط لشىء، وأن جمهوره العريض صوت له، فما هو الغريب إذن؟، أليسوا هم جمهوره ومن البديهى أن يتحمسوا لنجمهم المفضل؟.

على ناصية شارعنا يقف عم (مليم) بائع الفول والطعمية والبتنجان، كل زبائنه- وأنا منهم- نعتبره الأكثر تأثيرا على معدتنا، ولم يسأل أحد منا كم مرة مثلا يغلى الزيت قبل أن يضع فيه أقراص الطعمية، وهل تجاوز عدد المرات المسموح بها علميا، عندما تتسلل إلى أنوفنا رائحة الطعمية المقلية؟، لا تسألنى عن مشروعية الزيت!!.

الحب الجارف بطبعه يمنح العقل إجازة، وهؤلاء من جمهور تامر سيواصلون قطعا حبه، والكذبة التى روج لها ستموت مع الزمن، ولن يعاتبه أحد، كما قال أديبنا نجيب محفوظ (آفة حارتنا النسيان).

هل سيستفيد تامر من الدرس؟ أشك لأنه كثيرا ما يردد أكاذيب من نفس تلك العينة وأحيانا أكثر ولا يعنيه التكذيب، تامر لم يعرف كيف يتعامل مع أشواك النجاح، فهو يحصل على الأجر الأعلى بين نجوم السينما، لأن إيرادات أفلامه حتى لو تم تجاوزها من نجوم آخرين فى التوزيع الداخلى، مثل أحمد حلمى وكريم عبد العزيز وأحمد عز وأمير كرارة، فإن الرقم الذى تحققه أفلامه فى دول الخليج يمنحه فارقا كبيرا عنهم، ولهذا فهو الأغلى.

ملامح إيجابية تدعمها الأرقام، ولا يمكن التشكيك فيها، ولكن ينبغى تحليل الرقم وظلاله، هل الوجدان بالضرورة يتحرك وفقا لمؤشر الأرقام؟، المشاعر تعنى بقاء التأثير بعد زوال العامل المؤثر، ترحل أم كلثوم فتظل حية ترزق فى قلوب العشاق، منذ 30 عاما مثلا لم تغن فيروز فى مصر، ولا تزال لها مساحة كبيرة من الحب فى مشاعر المصريين، الزمن هو المقياس الحقيقى للنجاح، لأنه يعنى الاستمرار، ورغم ذلك فأنا لا أتجاهل الرقم وحق من يسجله فى الاحتفاء به، بدون أن يضيف له أشياء أخرى، لا تخضع بطبعها للمقياس الرقمى.

هذه المرة أضاف تامر اسم مصر، فأهدى لها الجائزة، حتى لا يجرؤ أحد على انتقادها، وإلا أصبح متهما فى حبه لمصر (دوخينى يا لمونة)!.