المركب العشاري.. قصة عنصر زخرفي خُصص للصدقة على الطيور

أخبار مصر

المركب العشاري
المركب العشاري


تعد الرمزية في العمارة من أهم السمات المميزة لكل عصر من العصر أو كل مبنى من المباني الأثرية المتعددة التي تزخر بها مصر المحروسة عبر العصور، والعمارة الإسلامية كان لها نصيب من تلك الرمزيات التي تشير إما إلى شخصيات أو اعتقادات أو عادات كانت منتشرة في فترة من الفترات، ومن تلك الرمزيات المركب العشاري الذي كان يوضع فوق أهلة المساجد في أزمنة وعصور مختلفة.

والذي أثار التعليق هنا كان صورة نجحت في التقطتها إحدى المشاركات بمعرض "جماليات الصورة الفوتوغرافية والآثار زووم 1" والذي افتتح بالمتحف القبطي، والذي شاركت فيه عدد من طالبات فنون جميلة بصورة تُظهر إبداعات العمارة الإسلامية وكان أحد أبرز تلك الصور، لقطة للمركب العشاري الموجود فوق القبة الجنوبية لخانقاة السلطان فرج والوجودة في منطقة صحراء المماليك، والتي يرجع تاريخ بناؤها للفترة ما بين 802هـ - 1400م و814هـ - 1411م.

وذلك العنصر الزخرفي عبارة عن مركب صغير من النحاس فما قصته وإلى ما يشير؟
تاريخيًا المركب العشاري لم يظهر للمرة الأولى على قبة خانقاة فرج بن برقوق، بل سبقه المركب العشاري الموجود فوق قبة الإمام الشافعي رضى الله عنه، والتي يرجع تاريخ بناؤها إلى 608 هـ - 1211 م، وهو أيضًا لا يزال موجودًا، أي أقدم من مركب فرج بن برقوق بحوالي 200 عام.

أما الجامع الطولوني (265 هـ - 879 م) فقد سبق قبتي الشافعي وابن برقوق حيث كان موجود فوق مأذنته الملوية مركبًا عشاريًا أيضًا والذي ظل بمكانه حتى بعد أعمال ترميمات السلطان لاجين في المسجد، حيث تم إعادته إلى المأذنة مرة أخرى بعد انتهاء الترميمات، وينقل لنا الجبرتي أن المركب العشاري الخاص بجامع أحمد بن صولون سقط بسبب ريح عاتية عام (1105 هـ - 1296 م)، إلا أن المركب العشاري لجامع أحمد بن طولون يظهر في رسومات الرحالة بالقرن التاسع عشر وأغلب الظن أنه أعيد تركيبه حتى سقط مرة أخرى.

قصة عنصر زخرفي خصص للصدقة على الطيور
هذا العنصر الجميل الشكل روى المؤرخين أنه كان دائمًا ما يُصنع من النحاس أو البرونز، ويوضع فق أهلة المآذن أو القباب، ويُملأ بالحبوب لإطعام الطيور، وكان يدور مع الرياح كما يروي البعض إلا أنها روايات ليست مؤكدة. 

وسبب تسميته بـ عشاري، فيعتقد بعضُ مؤرخي الفنون أن التسمية مأخوذٌة من العمارة المصرية القديمة، حيث الاسم يتناسب مع شكله الذي هو على هيئة زورق العشاري الصغير الحجم، في حين رأى آخرين أن المسمى "العشاري" قد جاء من كونه كان يُملأ بعشور الحبوب لإطعام الطيور على وجه الصدقة.

في حين يُرجع البعض وجود المركب العشاري فوق قبة الإمام الشافعي رضى الله عنه رمزًا له هو شخصيًا حيث لُقب ببحر العلوم، فقد كان رضي الله عنه بحرًا أو متبحرًا في المعرفة والعلوم، واستطاعت عدسة الكاميرا أن تلتقط صورة لأحد المراكب العشارية الباقية فوق العمارة الإسلامية في القاهرة ببراعة لتقربنا من هذا العنصر وتعيد للأذهان كل ما قيل فيه وعنه.