"جولة في 3 مستشفيات".. هل استعدت وزارة الصحة لمواجهة أمراض الشتاء؟

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


يأتي مرض "الالتهاب السحائي" على قائمة أخطر الأمراض التي تنشط في فصل الشتاء، ولهذا أعلنت وزارة الصحة حالة الطوارئ بكافة مستشفيات الجمهورية، من أجل الاستعداد لاستقبال الحالات المصابة بهذا المرض الخطير، كما وجهت بتوفير الأدوية، والتطعيمات الخاصة منع تفشي أية أمراض وبائية.

والالتهاب السحائي هو ذلك الالتهاب الذي يصيب الغشاء المحيط بالدماغ والحبل الشوكي ومن الممكن أن تحدث العدوى نتيجة وجود مشكلة في العين أو الجيوب الأنفية والمناطق القريبة من الدماغ، وتؤدى أضراره التي لحقت هذه الخلايا إلى تلف الشعيرات الدموية وتسرب الدم، فشل الكلى والكبد وعدد من أجهزة الجسم.

ويتطلب علاج المرض  دخول المستشفى على الفور، حيث أن التشخيص المبكر والعلاج سيمنع تلف الدماغ والموت، ويتم العلاج بالمضادات الحيوية عن طريق الوريد، ولا يوجد مضاد حيوي محدد لالتهاب السحايا.

خلال الأيام الماضية لاحظنا شكوى بعض المواطنين من رفض بعض المستشفيات الحكومية لحالات مرضى الالتهاب السحائي، وهو أحد الأمراض الوبائية التي تنشط في الشتاء على الأخص، ومع شكاوى المواطنين المتكررة، خاضت "الفجر" تجربة في 3 مستشفيات حكومية للتأكد من كيفية تعامل المستشفيات مع حالات الالتهاب السحائي.

36 يوم  من التنقل لإدخال الطفل مصاب للمستشفى
9 أشهر انتظر فيها"محمود السعيدي" مولده الأول بعد زواجه بعام، فرح الأم ودمعت عيناه عندما اقتربت ساعة ميلاد طفله، وظل يوماً تلو الأخر ينتظر الليلة الموعودة حتى حانت الساعة "أنا ابني اتولد يوم 14/10 في عياده دكتور، قالي روح المستشفي أوسيم الدكتور هيطمنك على ابنك، روحت المستشفي ابني قعد علي الدفايه 5 ساعات في المستشفي وبعد كده الدكتور قالي ابنك محتاج حضانه قولتله طيب دخله الحضانه قالي مفيش مكان ولازم تشوف مكان بسرعة".





هرع محمود مسرعاً يتفحص كل المستشفيات والمراكز الطبية من حوله حتى اهتدى إلى واحدة من الحضانات الخاصة التي يمكن "بعد لفة طويلة لقيت حضانة مجاناً والعلاج عليا، و في أول يوم لابنى اتعمله تحليل طلع عنده نسبة ميكروب في الدم ١٢℅، قعد 12 يوم علي جهاز اسمه "سباب" علشان يتعالح من الميكروب، المهم خرج قعد معايا 4 أيام وجاله تشنج روحت لدكتور مخ وأعصاب وبعد تحاليل وكشف لقينا عنده التهاب سحائي".

تحول عالم "محمود" للسواد، أفكار كثيرة تجول بخاطره، خاصة ماذا في يده أن يفعل لإنقاذ وليده"جريت على مستشفى أبو  الريش القديم وقالولي ابنك عنده التهابات وعاوز يدخل حضانة بسرعه طيب احجزوه عندكوا قالوا مفيش مكان، كلم وزاره الصحة، كلمت وزاره الصحة من حوالي 15 يوم، وكل يوم بكلمهم المهم ابني كان وصل أنه بيموت على ايدي وأنا عمال ألف بيه، لحد ما اضطريت اني أدخله مستشفي خاص قبلوا الصراحه وعملو البزل اللي من ضهره، وكتبوا ليه دواء".

ثلاثة آلاف جنيه دفعها الأب خلال يومين لابنه في المستشفى الخاص، مقابل الحصول على دواء لشفاء ابنه الصغير" اليوم هناك كان بألف ونص، والمبلغ كان فظيع عليا، وانا مسكتش حاولت يخفضوه شويه، فالدكتور كتبلي التقرير وقالي لف علي مستشفيات حكومة".

أكثر من 37 يوماً تنقلها "محمود السعيدي" بين المستشفيات من أجل حجز طفله في مستشفى للأطفال كي يتلقى العلاج "روحت أبوالريش تاني والحميات إمبابة والعباسية والدمرداش والجلاء و أطفال مصر، وإمبابه العام و مستشفي الوراق و مستشفي الساحل و مستشفي البحوثن ولا حياة لمن تنادي محدش راضي يحجز ابني وهو بيضيع من بين إيديا".

وبرغم أن وزارة الصحة أعلنت منذ عدة أسابيع عن استعدادها لاستقبال حالات مرضى الالتهاب السحائي، الإ أن حالة الطفل الصغير لم يُطبق فيها ما تم الإعلان عنه، لهذا تنقلنا 3 مستشفيات كبرى معنية بالأطفال والأمراض الخطيرة، وأخبرناهم أن لدينا طفل مصاب بالالتهاب ونرغب في حجزه لخضوعه للعلاج، كي نتعرف على كيفية تعاملهم مع الحالات وفقاً لما أقرته وزارة الصحة.




"أبو الريش": مفيش مكان.. سيب التقارير ورقم التليفون 
المحطة الأولى لنا كانت من مستشفى "أبو الريش" للأطفال، باعتبارها المستشفى الأم في القاهرة التي تستقبل حالات الأطفال بمختلف أنواعها، بمجرد أن توجهنا  إلى البوابة سألنا الأمن عن وجهتنا فأخبرناه أننا نرغب في الاستفسار عن كيفية حجز طفل مصاب بمرض "الالتهاب السحائي"، أخبرنا أنه يتطلب لدخول الطفل توافر التقارير المعملية الخاصة به، وبالفعل أطلعناه على التقارير التي نحملها، فسمح لنا بالدخول.
في الدور الأرضي كانت غرف الكشف والاستقبال تعج بالمرضى، الذين ينتظرون أدوارهمن وبينما يتناوب الأطباء على غرفة كشف الأطفال، أوقفنا أحد الممرضين وسألنا عما تبحثون؟! فأخبرناه أننا نرغب في حجز طفل مصاب بإلتهاب سحائي ولكنه يبلغ من العمر 28 يوماً فقط، فأجاب الممرض الذي عرف بنفسه بأنه "محمد..م"، وأخبرنا أن الطفل يحتاج إلى حضانة" بصوا انتوا محتاجين حضانة ومش هتلاقوا هنا ولا في الدمرداش ولا في الياباني ولا أطفال مصر فالحل اللي قدامكوا حضانة خاصة أنا أعرف واحدة ممكن تساعدكوا".

أخبرناه أن الحالة خطيرة والطفل مازال في حضانة خاصة، والأب ينفق قيمة مصروفات مرتفعة، لا يمكن تحملها، فأجاب قائلاً:" متقلقوش دي حضانة إيجارها في اليوم 250 جنيه، ماهو أنتوا لو لفيتوا على كل المستشفيات محدش هيقبل حالتكوا نهائي لأنها محتاجة عزل، روحوا شوفوا في الحميات لوقبلت حالتكوا، ولو مقبلتش تعالوا هنا"، فاتفقنا معه على هذا الأمر وذهبنا للبحث في مستشفى أخرى.





قصر العيني الفرنساوي: والله هو ده السيستم والنظام
"قصر العيني الفرنساوي" كان المحطة التالية، باعتباره الصرح الذي يضم قسم للأطفال، فبمجرد أن توقفنا عند البوابة، أوقفنا الحارس وسألنا إلى أين نتجه، فأخبرناه أننا نرغب في "حجز طفل صغير مصاب بالالتهاب السحائي"، فرد قائلاً:"طب ما أبو الريش موجودة هي اللي متخصصة في الأطفال أكتر من هنا"، فقلنا له:" المستشفى رفض استقبال الحالة بحجة أنه لا يوجد مكان للطفل"، فطلب منا قطع تذكرة ثم الصعود للطابق السابع من أجل السؤال حول إمكانية حجز الطفل.
عند صعودنا إلى الدور السابع، وجدنا غرفة زجاجية تقف بداخلها إحدى الممرضات، تقف لتتلقى الأسئلة من الأهالي، وعندما جان دورنا سألتنا عما نود الاستفسار بشأنه، فأخبرناها إننا نريد حجز طفل صغير مصاب بالالتهاب السحائي، مع العلم أن عمره 26 يوم فقط، وبالتالي سنحتاج حضانة له، فأجابت قائلة:" لازم يتسلم الأوراق والتقارير الخاصة به الأول وبناء عليها نقول هيتحجز ولا لا"، فأخبرناها أن الحالة طارئة ولا تتحمل الانتظار"، لتجيب:" والله هو ده السيستم والنظام".




"قصر العيني القديم": معندناش استقبال لحالات الأطفال
وكانت مستشفى "قصر العيني"، هي الوجهة الأخيرة لنا بإعتبارها أكبر صرح للحالات في مصر، استقبلنا الأمن في البداية وسألنا إلى أين نتجه، فأخبرناه أننا لدينا حالة طارئة لطفل مصاب بالإلتهاب السحائي، ونرغب في حجزه بإحدى المستشفيات لتلقي العلاج، فطلب منا التوجه لقسم النساء والتوليد ربما نجد هناك ضالتنا المنشودة.
ممر طويل سرنا فيه حتى بلغنا القسم المنشود، وبمجرد أن وصلنا أبلغنا الطبيب أنه لا يوجد هنا استقبال لحالات التهاب سحائي، وعلينا بالتوجه إلى أبو الريش للأطفال من أجل حجز الطفل.