د.حماد عبدالله يكتب: المنفعة، والوساطة، والمقايضة!!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله -
د.حماد عبدالله - أرشيفية



كانت المعاملات التجارية بين البشر هي تبادل سلعي,ومقايضة شيئ أمام شيئ, وبإتساع الحياة الإقتصادية وتنوع الأنشطة وكذلك تنوع الطلبات وإتساع رقعتها وعددها, فأصبحت المنفعة  هي التي يتم تبادلها "بمنفعة أمام منفعة" أخرى, وبالتالي كان هناك إحتياج لصك مقبول التعامل عليه لتبادل المنافع !!.

هذه المقدمة في المدرسة الإقتصادية (كي جي وان)-نحن في أشد الإحتياج للتذكير بها اليوم في مقالي حيث أتعرض اليوم لعدم جدوى أي من تلك الأساليب الثلاث السابق ذكرها وعنوان هذا المقال على ما ينطبق على حال شعبنا المصري العجيب ،فنحن أقل الشعوب إنتاجية,وكذلك نحن أقل اشعوب في تدني الأجور , حيث نحصل على أجور لا يمكن مقارنتها بمثيلها من أجر أي عمل مثيل ، وكذلك نحن نبذل جهد في عمل وننتج سلعة أو خدمة أقل بكثير مما يبذل في سلعة مشابهة أو فيما يبذل جهد مماثل لإنتاج خدمة مماثلة في مكان أخر من العالم !!.

وبالتالي نحن نحصل على "لا أجر مقابل لا عمل" ، هذا هو التحليل الصحيح لموقف نحن نعيشه في شتى أنشطة حياتنا, فأستاذ الجامعة بعد وصوله إلى درجة الأستاذ وبعد مضي أكثر من ثلاثون عاماً في السلك الجامعي معيد ،فمدرساً، فأستاذاً مساعداً، فأستاذاً خلال تلك الفترات الزمنية هو ملزم بالحصول على درجة الماجستير, ثم درجة الدكتوراة ثم إنتاج علمى على مدى عشر سنوات لا تقل بحوثه طبقاً لقواعد الترقية عن 14 بحث علمى منشور ، وإنتاج تطبيقى في مجال التخصص ، وكذلك واجبات أكاديمية فى معهده أو كليته أو موقع عمله البحثي إن كان مشاركاً في نشاط التدريس والتدريب ومراقبة ووضع وتصحيح الإمتحانات ، والأنشطة الطلابية والريادة العلمية والمكتبات في الجامعه ، ويخضع أخيراً لشروط الجودة التي يجب أن يلتزم بها عضو هيئة التدريس في السلك الجامعي !! 

ومحصلة تلك الجهود وهذه السنوات الطويلة من العمر المهني والعلمي – يجد الأستاذ في أول كل شهر صافي مرتب ومكافأة وحوافز وكل مايمكن أن ( نهذب أسمه ) من إضافات ( مكسوفه ) لايتعدي حفنة من الجنيهات لا تتعدى (المائتى دولار) ومطلوب من ذلك العضو المحترم ، الأستاذ الجامعي أن يرقي إلي مستوي مجتمعه من زملائه ، وطلابه وخاصة طلابه الذي يحاضرهم وأن يحترم لقبة ووضعه العلمي وذلك يتأتى  بأهمية متابعته لكل جديد في علم التخصص عن طريق دوريات علميه أو الإشتراك في مؤتمرات أو معارض دوليه ، هذا بالإضافة إلي ملابسه يجب أن تكون معقوله حتي ولو كان صناعه محليه ألا يجب أن تكون علي الأقل غير مستخدمه لأكثر من يومين في الأسبوع الواحد أي أنه محتاج ( ثماني أطقم من ملابسه في الشهر للإستخدام الغير متكرر ) هذا بالإضافة إلي مصروفات بنزين سيارته ( إن وجدت ) أو قيمة مواصلة التاكسي من منزله أو مكان قريب منه إلي مقر الجامعه ، والمصيبة أن يكون الأستاذ الجامعي  بعد رحلته العلميه الشاقه قد أدمن التدخين ، هنا ، إضافة أخري للمصروفات ، ناهيك عن المنزل والأسرة والإيجار والأولاد وتعليمهم شيء من "الخيال العلمي" أن يجد إنسان معادلة رياضية بين المطلوب صرفه ( في أضيق الحدود ) وبين المتحصل من الجامعة ، وبعد كل هذا السرد ، لايوجد أي دليل علي أن عنوان المقاله يصلح فى مثل هذه الحالة "لعل السمسره" تنقض العنوان لا منفعة ولا مقايضة ولا وساطه ولا حيلة في الحياة سوى البكاء علي اللبن المسكوب.