د.حماد عبدالله يكتب: "ورق التوت" والفساد !!

مقالات الرأي

د.حماد عبدالله
د.حماد عبدالله



إستدعيت هذا المقال من قول صديق عزيز يمكننى نشر إسمه الآن وهو العميد محمد رأفت وكان يعمل بمباحث الأموال العامة منذ عشرون عاماً تقريباً وكان يحقق فى قضايا فساد داهمت المجتمع وكان النشاط كله ينصب فى قطاع البنوك حيث وجد المفسدين فاسدين فى ذلك القطاع قبل تصحيح مساره وإغلاق مغارة "على بابا" بمجىء إدارة جديدة للبنك المركزى فى ذلك الوقت، الجهة الرقابية العليا على قطاع البنوك العاملة فى الوطن.

وقرأنا وسمعنا وشاهدنا عشرات القضايا التى نهبت فيها أموال المودعين تحت عناوين براقة كاذبة ، والإستثمار ، والقروض من أجل مشروعات دون دراسات جدوى وتقييمات  لأصول لهؤلاء المفسدين تزيد عن قيمتها بآلاف المرات ولعل بعض من هذه القضايا ما زالت متداولة فى المحاكم والبعض فى السجون والغالبية ما زالت هاربة خارج البلاد ، بعد محاولات فاشلة للتسويات سمعنا وشاهدنا أبطالها على شاشات التليفزيون وعلى صفحات الحوادث فى جرائدنا ، وأتذكر حينما تحدث معى الرجل والمسئول عن التحقيقات فى بعض القضايا كشاهد ومعاون للجهاز فى كشف بعض الحقائق بحكم أننى مسئول عن مكتب إستشارى يعمل فى هذا المجال سألنى العميد "رأفت" عن أحد المتهمين فى ذلك الوقت من أصحاب المكاتب المشاركة فى تقييمات لأصول بعض الهاربين(الناهبين لأموال البنوك) بقوله ما رأيك فى ورقة التوت التى تغطى الفساد فى مصر وهى المكاتب الإستشارية وكان السؤال بجانب أنه مفاجأة إلا أنه أيضاً أثارنى وصدمنى  !! حيث ليست كل المكاتب الإستشارية ورقة توت تغطى فساداً ، وأوضحت وشرحت لأكثر من ثلاث ساعات دور المكاتب الإستشارية فى تقييم المشروعات حيث أن المكتب الإستشارى يقيم مشروع سيقام على قطعة أرض ويمكنه (المكتب ) وضع تصور لجدوى مشروع  وتكلفة إنشائه وأيضاًَ تصور لإستثماره أو بيعه طبقاً للسوق وأسعاره وإتجاهاته ، ولكن أن يقوم  مكتب إستشارى بأن يقيم سعر أرض فهذا ليس من مهام المكتب الإستشارى ولكن مهام مكاتب المزايدات و المشهود لهم بخبرات واسعة فى هذا المجال ، وهذا ما لم تتبعه بعض البنوك فى هذه الحالات مما ألقى بظلال من الشك على سير عمليات الإئتمان بضمان قطع أراضى فى الصحراء تم وضع أسعار لها شبه خيالية من قِبَلْ بعض المكاتب الإستشارية مما جعلها تقع تحت طائلة القانون بأنها ساهمت فى الإهدار للمال العام والكسب غير المشروع والتربح وأشياء كثيرة من الإتهامات المسندة بالقوانين والتى على أثرها قدموا للنيابة العامة والتى حققت وحولت إلى محكمة الجنايات ولكن بعد فوات الأوان حيث هرب كثيرون بما إغتصبوه من أموال البنوك وأخرين تم إيداعهم السجون وما زالت القضايا فى التداول على مدى السنوات الطويلة الماضية .

إن ورقة التوت التى تغطى الفساد وتشبيه بعض الإستشاريين (بالكباتن) كانت مقولات سائدة حتى إنكشفت الحقائق فى تحقيقات النيابة ، وبرىء كثيرين إلا أنه مازالت ظاهرة "ورقة التوت " سائدة فى كثير من مرافق الحياة فى مصر !!